ا. محسن حزام
١٩/١٠/٢٠٢٢
اتفاقات السلام بين الإمارات وإسرائيل والتي التحقت بها فيما بعد البحرين والسودان وتبعتهم المغرب مسرعة لتحصد الجائزة في مسلسل الذل والهوان.
الاتفاق البداية كان مع الإمارات برعاية أمريكية وبحضور ترامب شخصيا تم الإعلان عنه في ١١ سبتمبر ٢٠٢٠
نسبت التسمية في هذا الاتفاق إلى النبي إبراهيم ” عليه السلام ” الملقب ابو الأنبياء والذي تجمع عليه الديانة اليهودية والإسلامية نبيا ورسولا، ينتسب اليه اليهود من ولده النبي اسحاق وينتسب العرب المسلمون (محمد “ص”) من ولده النبي إسماعيل، والديانات السماوية الثلاثة (اليهودية والمسيحية والإسلام) تسمى الديانات الإبراهيمية.
في المعنى
الاتفاق الإبراهيمي/ابرهام (الميثاق) يسمى بالإنجليزية Abraham Accords استند على مضمون (الميثاق الإبراهيمي) The Abrahamic Covenant, الذي بدأ الحديث عنه منذ عام ١٨١١ ، استخدمه الفرنسي( لويس ماسينيون ) عام ١٩٤٩ تحت عنوان / الصلوات الثلاث لإبراهيم اب لكل المؤمنين / ، وقد المح “برنارد لويس” مبكرا لفكرة الديانة الإبراهيمية في كتابه “اليهودية في العالم الإسلامي” عرض فيه أسلوب تعامل المسلمين مع المسيحيين واليهود ( من خلال الجزية لأهل الذمة أثناء الفتوحات) ، وفي مطلع الخمسينات أعادت طرح الفكرة الكنائس البروتستانتية ومفكرين كاثوليك ومستشرقين عبر فتح حوارات مع المسلمين ضمن محور “الإيمان المشترك” مستفيدين من الصراعات المذهبية التي كانت تعم معظم مناطق العالم الثالث وكذلك في منطقة الشرق الأوسط. وفي ذات الوقت اصدر مجمع الفاتيكان الثاني ١٩٦٢- ١٩٦٥ وثائق تعترف في التشارك الإبراهيمي بين اليهودية والإسلام.
هذا يؤكد أن هذه المساعي ليست بنت وقتها انما كانت تستولد منذ ستين عاما. لكن هذه الدعوات المشتركة كانت لا تخلو من حمولات سياسية بما يخص قضية فلسطين وكشمير في طريقة التعاطي معهما.
الأهداف المعلنة
١/ جمع الديانات الثلاثة /ديانات التوحيد/ في غطاء إنساني مشترك والاحتفاظ بنقاط التشارك بين الأديان ونبذ كل نقاط الاختلاف والخلاف ضمن مفهوم السلام العالمي حسب ( جميس روزينو ) الذي يعتبر ذلك مدخلا لحل النزاعات في العلاقات الدولية من خلال إدماج الديانات الثلاث كمواد ضمن المناهج التربوية وهذا يتطلب لتحقيقه[ حذف الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تعلن صراحة خطر اليهود والنصارى على الإسلام] ، هذا الطلب هو أسلوب لاستخدام القوى الناعمة في بسط الهيمنة والنفوذ على ما تبقى من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عن طريق التطبيع بين الحكومات والتحدي في تحقيق رضا شعبي عام بينما الهدف لدى ” إسرائيل” هو ترسيم وجودها الاحتلالي عبر هذه الاتفاقيات التطبيعية بغطاء سياسي معلن هو/كسر جمود عملية السلام في الشرق الأوسط/ .
٢/ من الأهداف المعلنة أيضا /بعض من مفردات الاتفاق/.
– تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة بعد عقود طويلة من الصراعات.
– نشر ثقافة الحوار والتسامح.
– كل خيار غير السلام يعني دمارا وفقرا ومعاناة إنسانية.
– تبادل المعارف والخبرات عبر مختلف القطاعات الحيوية.
الذين تبنوا هذا الاتفاق كانت آرائهم متوافقة مع الراعي الأمريكي الداعم الأبدي للصهيونية العالمية ومخططاتها، في وجهة نظرهم أن الاتفاق قائم على فكرة “تبريد وإنهاء الصراعات والتوتر وبدء مرحلة جديدة تقوم على التعاون وتقديم لغة الحوار والتفاوض على لغة الرصاص”. وفي ذات السياق يرى بعض المحللين أن الإبراهيمية هي طرح بديل عن نظرية صدام الحضارات “صموئيل هنتغون” ونظرية نهاية التاريخ “فوكوياما” أيضا يرى “جميس روزينو” أن مستقبل العالم سيركز على السلام العالمي الذي لابد من تحقيقه في ظل الخلافات الدينية والعقائدية التي عمت جزء من الكوكب. على هذه القاعدة ظهرت فكرة توحيد الديانات الإبراهيمية، وفي ذات المنحى عمل “الأزهر الشريف” في تنظيم لقاءات ومؤتمرات حوار الأديان تحت عنوان //لا سلام في العالم الا السلام بين الأديان ولا سلام بين الأديان إلا بوجود أخلاق عالمية تتضمنها تلك الأديان// على الطرف المقابل الجانب الأمريكي كان يعتمد مخطط (التمويل الثقافي العقدي السياسي في المنطقة العربية) جسدته صفقة القرن في أحد مفرداتها الوصول إلى مسمى ” كيان الولايات المتحدة الإبراهيمية ” التي تمتد من المحيط الى الخليج مرورا بتصفية القضية الفلسطينية وحل الدولتين دون أية حلول عادلة. هذا في الاستخدامات السياسية، أما في السياقات الدينية يريدون استثمار فكرة الدين كموزع للصلاحيات والسلطات ومصوغا للتشريع على غرار الفرعونية والبابلية.
– ربط الفكرة بأهداف التنمية المستدامة بهدف مكافحة الفقر العالمي عبر الحوار الخدمي * مساعدات انسانية* لنصف سكان العالم وخلق تكامل اقتصادي بين الأطراف.
أدوات تجسيد المشروع
– مؤتمر دافوس الذي تعقد على هامشه لجنة المئة والتي تهدف للوصول إلى المشترك الإبراهيمي.
– مذكرات ” جاريد كوشنير ” بعنوان breaking History يؤكد فيها على استثمار الصراعات الطائفية المستعرة بين ( سني / شيعي ) لقبول فكرة الصفقة .
– دور ترامب عراب فكرة الإبراهيمية الذي قال حينها // نحن هنا اليوم لتغيير مجرى التاريخ بعد عقود من الانقسام والصراع ، نحتفل ببزوغ فجر شرق أوسط جديد ، في خطوة كبيرة نحو مستقبل يعيش فيه الناس من جميع الأديان والخلفيات معا في سلام ورخاء //.
اما على الجانب الإسرائيلي نرى الواقع على حقيقته في تصريحات رئيس وزراء العدو ” نفيتالي بينت ” حول مسألة حل الدولتين أساس ومرتكز المباحثات الفلسطينية الإسرائيلية أكد فيها موت هذه الفكرة ويرى من وجهة نظره (أن حل الدولة والنصف هو الأقرب). لأن إسرائيل تسعى من خلال اتفاق ابرهام تغيير النموذج الإقليمي في جميع أنحاء الشرق الأوسط وهذا يعتبر اختراق تاريخي في أحد أسوأ الأزمات السياسية على مستوى المنطقة والعالم.
الدلالات والتحديات
المنطقة اليوم في تحدٍ كبير امام نجاحات المشروع الصهيوني التي استطاعت اختراق بنية الشارع العربي لدول التطبيع في استخدامه عنوان السلام الإبراهيمي و”ديانة جامعة للتوحيد” لإنفاذ فكرة إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل كما جاء في البند الرابع من الاتفاق الإبراهيمي / بعد مسألة التعايش المشترك، التطبيع الكامل مع دول المنطقة وان الصراع الفلسطيني بات مرفوضا الاستمرار به بعد توقيع هذا الاتفاق/. هذا المشروع اشتغلت عليه الصهيوامريكية لسنوات طويلة في تغيير بنية النظم لتقبل الفكرة وشرعنة وجود إسرائيل المحتلة كأمر واقع لابد من قبوله لتحقيق الاستقرار في المنطقة وتأمين السلم والأمن الدوليين والتحول إلى الاستفادة من عوامل النهوض والتطور في إسرائيل وتحقيق تكامل معها في كافة الجوانب.
حالة التردي التي تعيشها المنطقة العربية مضافا إليها حالة الفرقة والانقسام في الشارع الفلسطيني الذي تدمرت فيه قيم التحرير والوحدة التي تؤمن ممكنات القوة لاسترجاع الأرض والحق المستلب. وتحولت إلى الخصوصية القطرية والمصالح الوطنية التي تجاوبت مع هذه الصفقة وتركت أصحاب القضية يناضلون بمفردهم في مواجهة المحتل وعنصريته التي تصاعدت أكثر بعد توقيع اتفاق ابراهام.
الشعب الفلسطيني رفض الاتفاق بكل مفرداته وعناوينه وكذلك كل اتفاقات الذل والعار من أوسلو إلى كامب ديفيد لأنها تفرط في حقهم وتتماهى مع المشروع الصهيوني مؤكدين استمرارهم بمواجهة المحتل وقطعان المستوطنين بكافة الأشكال المتاحة لتطهير المسجد الأقصى من دنس المحتل وحماية القدس من كل مشاريع التهويد والضم عبر انتفاضات مستمرة تؤكد على مطالبتهم السلطة الفلسطينية وكافة الفصائل بالعمل المشترك في مشروع التحرير ولو على مراحل بغية إجهاض كافة المشاريع التي تعمل عليها سلطة الاحتلال وكذلك تعرية الإرادة الدولية التي حولت القضية الفلسطينية من مشروع ((وجود إلى قضية لجوء )) .