المرصد السوري لحقوق الانسان
في سبتمبر 4, 2024
لم يعد الحديث عن تقارب بين النظامين السوري والتركي صادم للمعارضة أو حتى الشعب السوري المُهجر، فتغير موازين القوى خلال السنوات الأخيرة والتدخل الروسي الحاد لإصلاح “العلاقات السورية- التركية “، مستمر، حيث أنه بات واضحا إصرار موسكو على المضي نحو عقد لقاء فيزيائي بين الطرفين من أجل إيجاد أرضية للحوار .
لكن الواضح الأجندات الخبيثة للطرفين، فهذا يراوغ للقضاء على المشروع الكردي وآخر يستغل رغبة الأول لاسترجاع الحقول النفطية في ظل وضع اقتصادي منهار بشكل كامل وعقوبات متواصلة أثقلته وحاشية وعائلة تنهب ماتبقى من الثروة العامة.
وتعليقا عن التقدم الحاصل في ملف اللقاء، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف قبل أيام ان المسألة تتجه في “صورة إيجابية” وتقاطع أولي للأفكار.
وأضاف لافروف أن “الحكومة السورية تعتقد أن الاستمرار في عملية التطبيع تتطلب تحديد إجراءات انسحاب القوات التركية من سوريا، أما الأتراك فهم مستعدون لذلك، ولكن لم يتم الاتفاق على معايير محددة حتى الآن”.
وكانت روسيا قد اقترحت على النظام السوري وتركيا سابقا عقد اتفاق، يسمح ببقاء القوات التركية على الأراضي السورية بشكل “شرعي”.
وقال وزير الإعلام الأسبق، الدكتور حبيب حداد، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، إنه إذا نجح هذا التقارب وعادت العلاقات الطبيعية بين البلدين ففي ذلك مصلحة لكليهما اذ ينبغي أن ينتهي الكيان الذي تسيطر عليه تركيا والمجموعات الإرهابية المسلحة في شمال غرب سوريا ‘وكذلك الكيان الانفصالي الذي تسيطر عليه القوات الكردية في شمال شرق سوريا ومن يعارض ذلك من مجموعات معارضة سورية في الخارج هي قوى غير وطنية ولا تعمل لصالح شعبها ، وفق قوله.
واعتبر حداد أن وحدة قوى المعارضة الوطنية حقًا لا تسعى لتدمير الوحدة الوطنية وتمزيق الوحدة الجغرافية لشعبها لا تعمل بجد كي تتوحد في جبهة وطنية حقًا في مواجهة نظام الفساد والاستبداد والتبعية لإقامة دولة وطنية ديمقراطية موحدة.
بدوره أفاد المعارض، شمس الدين حمو، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأنه بعد مرور ثلاث عشرة سنة على انتفاضة الشعب السوري. فقد باتت الدولة السورية ، على شفا هاوية السقوط والانهيار بعد أن تحولت إلى دولة فاشلة إقتصادياً وأمنياً وعسكرياً، وبدأت تتحول إلى ثقب أسود يبتلع إمكانات واقتصاديات الدول المتدخلة في الشأن السوري (إيران ، روسيا ، وتركيا). بعد أن كانت هذه الدول تطمح لتحقيق مكاسب ومصالح على حساب دماء السوريين عبر استنزاف سوريا وطناً وشعباً ، معتبرا ان تلك القوى باتت تبحث الآن عن طرق للخروج من المرحلة السورية بأقل الخسائر،سيما بعد تأزم الوضع الإقليمي والدولي ، حد خطر نشوب حرب شاملة ، قد يتورط فيها الجميع ولا يسلم منها أحد، إثر عملية السابع من أكتوبر التي ، نفذتها حماس في غزة ، والرد الإسرائيلي اللامحدود على شعبها. والتي جلبت معها الأساطيل ، وحاملات الطائرات ، والمدمرات الأمريكية للشرق الأوسط.
وتابع ” في ظل هذا الوضع الشرق أوسطي والتصعيد غير المسبوق في الحرب الروسية الأوكرانية، بات الحمل السوري أثقل على عاتق كل المتورطين في الحرب السورية، منذ سنوات وبين الفينة و الأخرى ، تثير كل من روسيا ، وإيران ، مسألة ديونها المترتبة على النظام، وهي تعلم أن النظام عاجز عن سدادها .. كانتا تعملان على الاستعاضة عنها ، بالاستيلاء على الأصول السورية من موانئ ، ومطارات ، ومناجم ، وعقارات ولكنهما في ظل الظروف الراهنة ، الخطيرة ، و المتدحرجة سريعاً نحو الهاوية ، باتتا على يقين أنهما غير قادرتين ، على الاحتفاظ بتلك المواقع والامتيازات، بالتالي وفي المحصلة ، فالهروب والانسحاب من الموحلة السورية ، رغم ما يترب عليه من خسائر ، خير من الاستمرار في مراكمة الخسارات.
أما بخصوص تركيا ودورها، علق محدثنا” إنه شأن آخر فقد وضعت لنفسها منذ البداية هدفاً واحداً وهو العمل على حرمان الشعب الكردي في سوريا ، من تحقيق أية مكاسب ، أو حقوق ، في سوريا المستقبل، واستجمعت كل قدراتها الاستخبارية ، والعسكرية ، والمالية ، وزجتها من أجل تحقيق هذا الهدف. ادخلت الإرهاب إلى سوريا ، وساهمت بشكل فعال ، في تأسيس ، ودعم داعش. ومن ثم اضطرت للتدخل المباشر بقواتها ، واحتلال أجزاء من الشمال السوري. ورغم تدميرها لعفرين ، مجتمعاً ، وطبيعة ، وتحويلها إلى معسكرات لتدريب الإرهابيين ، تحت إشراف تنظيم الذئاب الرمادية الإرهابي ، وحرصها على إحداث التغيير الديمغرافي فيها ، إلا أنها فشلت في تحقيق هدفها الرئيسي ، في القضاء على الشعب الكردي ، بذريعة محاربة حزب العمال الكردستاني، خاصةً وأن رغبتها تلك ، اصطدمت بالجدار الأمريكي ، الذي أسس على محاربة إرهابيي داعش.
فتركيا بإدخالها الإرهاب ، إلى سوريا ساهمت في جلب ، الأمريكان إلى ذات الملعب. لينعكس هذا الحضور سلباً على مشروعها العنصري. وباتت الفصائل المرتزقة ، التي أسستها المخابرات التركية ، تشكل عبئاً إقتصادياً ، عداك عن كونها حطت من سمعة الدولة التركية وأردوغانها ، وجعلتها في الحضيض. مما أثر سلباً على اقتصادها ، وتوازناتها الداخلية علاقاتها مع الغرب”.
وأشار إلى أنه بسبب هذا التردي ، ورغم العنجهية الجوفاء ، التي كان الزعماء الأتراك يظهرونها بات أردوغان يتوسل للأسد ، عله يجد له مخرجاً ، ينهي به تورطه غير الشريف في الملف السوري، وبسبب غباء صانع القرار التركي كحصيلة لتلك العنجهية لم يستطع أن يفهم أن الأسد المفلس ، لا يستطيع أن يقدم له أية خدمات ، كما عجز عن تلبية مطالب داعميه ، الروس ، والإيرانيين. فرغم كل ما يعلن ، عن قرب التطبيع التركي مع النظام ، برعاية روسية.
وأضاف” لا أظن أن التطبيع سيصبح أمراً واقعاً ، في المدى المنظور، لأن تركيا لها مطلب واحد ، لا تتنازل عنه ، والنظام عاجز عن تحقيقه ويتمثل في إنهاء وجود قوات سوريا الديمقراطية ، وإلغاء الإدارة الذاتية”.
أما المعارضة السورية، فتحدث عن انقسامها لشقين، شق يأتمر بالأوامر التركية ، ولا يخرج عن طوعها و متمثل بالائتلاف ، الذي بات هزيلاً ، ولا قيمة له ، والفصائل التركمانية ، التي بايعت دولت باهچلي ، زعيم حزب الحركة القومية ، MHP ، وذراعها الإرهابي ، الذئاب الرمادية. هذا الشق ، يكافح من أجل تحقيق سياسات تركيا ، في سوريا ، ولا يمثل معارضة وطنية، وهي مجرد مجموعة ، من المرتزقة والعملاء وأما الشق الثاني المتمثل بالسوريين ، المقيمين في مناطق الاحتلال التركي ، نازحين كانوا ، أم سكان محليين ، كذلك اللاجئون في تركيا، في الحقيقة هؤلاء ، هم الضحايا ، الذين سيدفعون تكلفة التقارب التركي مع النظام السوري.
وهؤلاء مرعوبون ، ومناهضون حقيقة للتطبيع مع النظام. ولكن رقابهم تحت سكين المخابرات التركية ، والفصائل التابعة لها ، ولا حول ولا قوة لهؤلاء، وربما المكسب الوحيد ، الذي يسعى الأتراك لتحقيقه هو إعادة إحياء اتفاقية أضنة ، بشروط أفضل ، بخصوص عمق التدخل التركي داخل الأراضي السورية،” ولكني ، لا أظن أن سلطة غير شرعية ، على حافة الهاوية ، قادرة على منح الشرعية لاتفاقية أمنية ، غير شرعية. فالشعب السوري ، لا يعترف بكل اتفاقات هذا النظام ، وخاصة اتفاقاته الأمنية.”.