المحامي محمد علي صايغ
السلطة في مرحلة التغيير ، خاصة عند تجاوز النظام الاستبدادي المملوكي كما في النظام السابق الذي كان منفرداً في نمط القمع والاعتقال والتعذيب والتهجير القسري والتغييب والمدافن الجماعية .. والذي لم يكن يملك ذرة من الوطنية السورية ، وإلا لما ترك البلاد في كافة الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية .. في حالة ركام وانهيار كافة مؤسسات ومرافق الدولة بما فيها الجيش والشرطة وحتى قوى الأمن التي ارتكبت مذابح جنائية الوصف .
السلطة الجديدة التي تسعى للأمن والأمان وهو مهم في الحالة السورية ، ولكن الاكتفاء بذلك لا يعطي إطمئناناً للمواطنين السوريين ، فلا زالت الضبابية تكتنف توجهات القيادة الجديدة ، وإلى الٱن لا توجد توجهات أو مؤشرات واضحة لمستقبل البلاد ..
وإذا افترضنا أن الشعب السوري بعد كل الصبر والعذابات الفظيعة التي مر بها قد أنجز ثورته بالتخلص من نظام العصابة الحاكمة .. فإن القيادة لم تطلق في بيانها الاول سوى سقوط النظام .. حتى الانقلابات تعلن في بيانها الثاني رؤيتها للمرحلة الجديدة .. وهذا ما لم يتم بشكل واضح التعبير عن الأهداف العامة للمرحلة القادمة .. ولا يكفي القول أن المؤتمر الوطني العام الذي يفترض أن يكون جامعاً هو الذي يحدد كل شيء ، ومع افتراض ذلك ، فإن أي مؤتمر ينعقد – بالعدد الكبير الذي تم التصريح به – وحتى يخرج بمخرجات واضحة لا بد من خطوط عريضة تطرحها القيادة الجديدة من أجل الحوار المنتج ، وإلا فإن المؤتمر سيتحول إلى ” نادي ” ثقافي أو سيتم عرض الكثير من الأفكار المتعارضة والمتناقضة يجري عبرها انتقاء استنسابي أو عشوائي أو يتم الانتقاء وفق رغبات القوة الأكثر حضوراً ، وليس على أساس المصلحة السورية الجامعة .
إن أي سلطة مهما كانت ستتفرد وتنفرد وتنقلب إلى سلطة دكتاتورية بالتأكيد سيحصل ذلك في غياب الوعي المجتمعي .. وهنا يبرز دور النخب ، في أن تبادر وأن تتجمع ، وأن تدل على الطريق .. وأن تعمل بلا هوادة من أجل مشروع وطني ديمقراطي .. النقد مطلوب .. وهو يوصف الحالات .. لكنه لوحده غير مجدي .. ونحن في أوطاننا شاطرين كتيييير في التوصيف ، وقلت سابقاً عندما نتجه إلى وضع الحلول ” بتبنشر دواليبنا ” .. علينا ابتكار الحلول وبسطها للناس ، والناس في أغلبها بالتأكيد تدرك الغث من السمين ، وتميز الإيجابي الذي يخدم واقعها من غيره .. وإلا إذا لم يكن لدينا ثقة بالناس فعلى الدنيا السلام ..
علينا أن نبذل جهودا في اقتراح الحلول ، قد نخطئ وقد نصيب ، ولكننا يجب أن لا ندور حول أنفسنا وأن نقدم رؤيتنا ، إذا كانت بعض النخب قد شاخت فإن هناك نخباً لا تزال تملك العطاء وخاصة من فئة الشباب .. واجبنا أن نقدم ما لدينا للتحفيز وتداول الأفكار وفتح الحوارات ، لا جلد الذات .. ويمكن الاستفادة من تجاربنا ، ولكن على أن لا نتقوقع داخل هذه التجارب ، وأعتقد بأن علينا أن نبدل نظاراتنا لنرى بصورة أفضل ما يدور حولنا وما يتطلبه مجتمعنا ، التفكير داخل الصندوق مهم لنتعرف على أنفسنا وأدواتنا ، ولكن الأهم هو التفكير خارج الصندوق لابتكار الوسائل الضرورية للنهوض بمجتمعاتنا بما يخدم تطلعات شعبنا .