بقلم: محسن حزام
٢٤/٨/٢٠٢٣
الموجة الثانية للانتفاضة السورية بدأت بالعصيان المدني والدعوة للإضراب العام في بعض المحافظات السورية، البداية كانت من جبل العرب الاشم 19/8 وتبعتها درعا في اليوم التالي، تطالب برحيل النظام بكافة مرتكزاته ولا زالت مستمرة.
العديد من التجمعات المدنية والسياسية والعسكرية البعض موجود سابقا والبعض بدأ يظهر للعلن من جديد، (المجلس العسكري السوري / الانتقالي وحركة الضابط العلويين الأحرار) وبعض التشكيلات المدنية حديثا، الكل صدر بيانات تأييد لهذا الحراك ويدفع للمطالبة بالتغيير وبمضامين متعددة، والبعض ذهب إلى أن ساعة سقوط النظام أزفت، وبدأت أصوات عبر فيديوهات تروج بأن هناك تحضيرات لمجلس إنقاذ انتقالي سيكون جاهز للتعامل مع اي متغير قادم مطالبا الأسد بترك موقعه حقنا للدماء وترك سورية لمصيرها بدل حرق كافة المراكب.
أمام هذا اللوحة المتحركة للمشهد الحالي، وحتى لا نتفاجئ بالمستجدات التي يمكن أن تحدث لابد من طرح تساؤلات تشكل إضاءة على أساسيات لابد من التفكير بها عندما يذهب / او يسقط النظام .
١/ ماذا أعدت المعارضة بكافة تنوعاتها للتعامل مع هذه اللحظة الفارقة، التي قد تنسف كل المسار السياسي وتشكيلاته التفاوضية، وكيف تتعامل مع العسكريين إذا تصدروا المشهد، وماهي الخيارات الأفضل للتغيير حقنا للدماء.
٢/ الانتفاضة السلمية المدنية مستمرة في تصعيد خطابها المطالب بالرحيل، ماذا أعدت اللجان الشعبية وفعاليات المجتمع المدني المشاركة (والتي ترفع خطابا وطنيا جامعا) في ضبط الأمور مناطقيا لحظة الرحيل الذي يتوقعونه أنه قادم لا محالة.
صحيح أن هذا النظام لم يعد لديه حاضنة تحمية كما كان في السنوات السابقة، وجيش منقسم على ذاته بين تعليمات “الروسي والإيراني” ممكن أن يدافع عنه، وأنه فقد من بين يديه كل ممكنات الاستمرار، إلا مليشيات حزب الله والحرس الثوري الإيراني التي يمكن أن تتصدى لهذه المهمة، لأن الروسي متوقع ان يقف على الحياد أو يسعى لخلط الأوراق بالقصف على المناطق ” المحررة ” بهدف التعمية عما يحدث بالداخل السوري، وهذا الذي يمارسه الآن.
٣/ كيف سيتم التعامل مع عنف النظام إذا أقدم عليه بنفس الهمجية والقوة المفرطة التي استخدمها مع موجة الثورة الأولى، هل سيتم الذهاب إلى العسكرة من جديد والدخول بالمواجهات المسلحة التي تهدم كل هذه الاحتجاجات وتعيدنا للمربع الأول.
٤/ وبخصوص مجلس الإنقاذ الانتقالي الذي سيتم الاعلان عنه كما يطرح البعض. اثبتت الوقائع في كل من /العراق وليبيا والسودان/، ان هذه المجالس تحولت عن غاياتها التي تشكلت من اجلها وصارعت على النفوذ والسلطة واستأثرت بها، نقضت العهود والتوافقات مع الفعاليات السياسية فكانت وجه آخر للنظام السابق الذي عملت على تغييره، والسؤال: كيف سيتم تشكيله، وما هو مشروعه، وما هي الدول الداعمة، وكيف يتعامل مع تشكيلات المنتفضين والمجتمع المدني والمعارضة بعمومها). هذه قضية ستضع البلاد في مستنقع اذا لم يتم ضبط ايقاعها بما يخدم الانتقال السياسي المطلوب وابعاد العسكر عن المشاركة بإدارة المرحلة الانتقالية (علما هناك ضرورة لوجود مجموعة وطنية من العسكريين لم تتلوث ايديهم بدماء الشعب السوري مهمتها تأمين الاستقرار وحماية المنشآت العامة والحفاظ على استمرار الانتقال)، لان اي صراع حينها قد يفتح المجال للتدخلات الخارجية، يفترض أن يؤخذ كل ذلك بعين الاعتبار.
٥/ وفي ذات المقلب ايضا، هناك ضرورة قصوى للتنبيه على أهمية المحافظة على مؤسسات الدولة وعدم فرط عقدها حتى لا تعم الفوضى التي ممكن أن تحرق الأخضر واليابس، ويجب أن يتم العمل مع كافة المؤسسات من خلال كوادر مؤهلة للمرحلة الانتقالية مهمتها إدارية تنفيذية حتى لا تتعطل مصالح المواطنين ولا تتوقف عجلة الحياة.
كل ذلك إضاءات على مرحلة احتمالية ممكن أن تحدث وكيفية التعامل معها للحفاظ على وحدة البلاد .. لأن أي قرار ارتجالي ممكن أن يضع سورية في وضع لا تحسد عليه، هذا ليس تثبيط للهمم ووضع العصي بالعجلات، بل تصوب البوصلة في التأكيد على وحدة الهدف التي تجمع كل مكونات شعبنا عبر وحدة وطنية جامعة للسوريين أنفسهم، الذين سيكون لهم الدور الأساسي في بناء سورية المستقبل دون أي تمييز عرقي أو طائفي.
سورية بدون الأسد وزبانيته ستكون أفضل بكثير من وجود نظام مستبد تهاوت كل أوراقه وتصدعت كل مؤسساته، أن الأوان أن يترك البلد بدل أن يحرقها، وكل قول بأن سورية ستدخل في حالة فوضى وإدارات أمر قد تعمل على تجزئة الوطن ،” كل هذا وارد اذا لم يتم التعامل بالحكمة السياسية من كم مرة الإدارة ” وان الأسد هو صمام الأمان، هذا الكلام تتحدث به الجهات الإقليمية والدولية وحتى العربية والبعض من أبناء شعبنا، كلام يصب في خانة استمرار النظام وحماية مصالح القوى المتدخلة ،لأن الثورات قادرة على إيجاد البديل والحفاظ على المكتسبات .
من هنا على قوى المعارضة الوطنية الديمقراطية وقوى الانتفاضة التنبه إلى ذلك والتفكير الجدي خول من سيكون البديل الذي يجمع عليه كل أبناء شعبنا ، لأن هذا الأمر في غاية الأهمية .
حمى الله سورية وشعبها في قادم الأيام