المدن – ميديا
الأربعاء 2023/04/26
استذكار الأطفال الإيرانيين القتلى في مقر اليونسيف في واشنطن (غيتي)
وثقت منظمة “هيومن رايتس ووتش” حالات تعذيب وقتل واعتداء نفذتها قوات الشرطة الإيرانية بحق أطفال تم اعتقالهم خلال الاحتجاجات التي شهدتها البلاد منذ أيلول/سبتمبر الماضي.
وفي تقرير أصدرته الثلاثاء، اتهمت المنظمة الحقوقية ما السلطات الإيرانية بعدم الالتزام بقوانينها الداخلية المتعلقة بحماية الأطفال، ولا المواثيق الدولية الخاصة بحقوقهم، حيث مارست السلطات الإيرانية انتهاكات مثل اعتقال أطفال واستجوابهم ومحاكمتهم من دون الالتفات للضمانات القانونية المضادة لذلك، كما أنها “منعت عائلاتهم من توكيل محامين للدفاع عنهم”.
ومن ضمن التهم التي واجهها هؤلاء الأطفال “العداء لله والفساد في الأرض”، وهي تهم غامضة وفضفاضة، يمكن أن تصل عقوبتها للإعدام أو بتر اليد اليمنى والقدم اليسرى. رغم ذلك، تمت محاكمة الأطفال خارج نطاق محاكم الأحداث، “وهي الجهة الوحيدة المخولة النظر في القضايا التي تشمل متهمين أطفال”، وفقاً للقانون الإيراني.
وفي إطار زيادة الضغط على الأطفال وعائلاتهم “تم احتجازهم، لأسابيع أحياناً، من دون إخطار عائلاتهم، ومنعوا من العودة إلى مدارسهم، كما تم منع عائلاتهم من الاستفادة من المساعدات الاجتماعية، ما أجبرهم على الذهاب إلى العمل” والتخلي عن الدراسة.
وكانت “هيومن رايتس ووتش” ومنظمة العفو الدولية “أمنستي” ومنظمات حقوقية أخرى، وثقت استخدام السلطات للعنف ضد المتظاهرين، ومن بينهم أطفال، كما دعت “هيومن رايتس ووتش” في مناسبات سابقة “بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في إيران التحقيق في هذه الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال في إطار تقاريرها الأوسع نطاقاً عن الانتهاكات الحقوقية المتسلسلة للحكومة الإيرانية”.
وعلق المدير المشارك في قسم حقوق الطفل في المنظمة بيل فان إسفيلد: “الأطفال الذين تعرضوا لانتهاكات مروعة أثناء الاحتجاز والمحاكمة يواجهون خطر التعرض لضرر طويل المدى. يتعيّن على بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق إعطاء الأولوية للتحقيق في هذه الانتهاكات والتوصية بمسار نحو المحاسبة”.
من جهتها، قالت الباحثة في الشؤون الإيرانية في المنظمة تارا سبهري: “أطلق القادة الإيرانيون العنان لقواتهم الوحشية لتعتدي على الأطفال جنسياً وتعذبهم، ولم يستثنوهم من المحاكمات الجائرة والسخيفة. على مدى الأشهر السبعة الماضية، لم تتردد السلطات في توسيع نطاق القوة القسرية للدولة لإسكات الجميع، حتى الأطفال”.
وذكرت التقرير أن المنظمة حققت في 11 حالة وقعت فيهاانتهاكات ضد أطفال، بين أيلول/سبتمبر 2022 وشباط/فبراير 2023. وثبت في تلك الحالات قيام قوات الأمن بتقييد الأطفال وعصب أعينهم وتعذيبهم أثناء الاحتجاز. ووفقا لشهادة قريب لأحد الأطفال (17 عاماً)، فإنه تعرض للضرب والاعتداء الجنسي، ما خلّف كدمات في كل جسده وتسببت له في نزيف شرجي. وأضاف: “عندما أطلق سراحه كان ينزف من الشرج، كانت الكدمات تغطي جسده. لم يكن في حالة نفسية جيدة”. و”في جلسة الاستماع الثانية برأ القاضي الشاب لكنه هدده بالإعدام إذا تم القبض عليه مرة أخرى”.
طالبة أخرى قالت أن عناصر القوى الأمنية دفعوها على موقد مشتعل أثناء اعتقالها، فاشتعلت النار في ملابسها، ثم ضربوها وجلدوها أثناء الاستجواب. شهادة أخرى تحدثت عن تعذيب صبي آخر بغرس إبر تحت أظافره، وتعذيب طفلين آخرين حتى يكشفا عن أماكن أقارب لهما. وحاول صبي آخر (16 عاماً) الانتحار مرتين بعد أن تعرض للضرب والصعق بالكهرباء والاعتداء الجنسي.
وكانت الصحافية الإيرانية فاطمة فنايان، تحدثت عن حالتين احتجز فيهما صبيان مع بالغين، وهذا أمر مخالف للقوانين الإيرانية نفسها. أحدهما شاب يبلغ من العمر 17 تعرض للضرب المبرح أثناء الاعتقال في تشرين الثاني/نوفمبر، وتم تهديده بالاغتصاب من قبل سجناء آخرين، ثم أطلق سراحه لاحقاً بكفالة. والآخر، ويبلغ من العمر 17 عاماً أيضاً، أُجبر على التوقيع على أوراق من دون معرفة ماهيتها كما احتُجز مع بالغين.
وأكدت المنظمة أن السلطات لم تقدم الرعاية الطبية للأطفال، بل قامت بتهديد أفراد أسرهم ليلزموا الصمت حول الانتهاكات، التي توافقت مع عشرات الروايات الأخرى التي أبلغ عنها نشطاء ومجموعات حقوقيّة.
وبموجب القانون الإيراني، لا يجوز استجواب الأطفال إلا من قبل مدعين متخصصين، كما لا تجوز محاكمتهم إلا أمام محاكم الأحداث. في إحدى القضايا التي شملت ثلاثة أطفال، شارك رئيس السلطة القضائية في إيران في تعيين قاض من المحكمة الثورية، كقاضي أحداث. ولم يُمنح أي من المتهمين حماية محاكم الأحداث، كما لم يُسمح لهم بتوكيل أو اختيار محامين. في النهاية حكم القاضي على الأطفال بالسجن 25 عاماً، لكن المحكمة العليا الإيرانية ألغت تلك الأحكام بحجة عدم وجود أدلة، وأمرت بإعادة محاكمتهم أمام نفس القاضي الذي أصدر أحكاماً عليهم بالسجن 3 و5 و10 سنوات.