محمد سيف الدولة
19 تشرين الأول 2023
اخشى أن تكون الدولة المصرية في وضع لا تحسد عليه بعد ان تأكدت حقيقة المخطط الاسرائيلى الشيطانى لتهجير اهالى غزة قسريا الى سيناء، والذى يقومون بتنفيذه الآن على قدم وساق بارتكابهم اليومى لجرائم الابادة اليومية لمئات الآلاف من الاهالى بشمال غزة وانذارهم بضرورة نزوحهم الى الجنوب، كمقدمة لاجبارهم لاحقا على اختراق الحدود المصرية فى عدوان مميت على السيادة المصرية وعصف بامنها القومى، وتجاهل تام للرفض الرسمى المصرى الذى عبرت عنه فى الايام الماضية عبر كل القنوات.
وما اقترن بذلك من القصف الاسرائيلى لمعبر رفح، لمنع دخول أى مساعدات مصرية الى غزة، وتجاهل وتخطى قنوات وآليات التنسيق الأمنى والدبلوماسى القائمة بين الطرفين منذ سنوات طويلة، مع صدور تصريحات من وزير الدفاع الاسرائيلى بان للجيش الحرية الكاملة فى العمل فى اى مكان فى الشرق الاوسط لضمان امن (اسرائيل). وكل ذلك فى حماية القوات وحاملة الطائرات الامريكية القابعة بالقرب من شواطئ (اسرائيل).
أضف الى ذلك خضوع معبر رفح المصرى/الفلسطينى للسيادة الاسرائيلية وليس للسيادة المصرية الفلسطينية المشتركة منذ توقيع اتفاقية فيلادلفيا بين مصر واسرائيل عام 2005، حيث لا تملك الادارة المصرية امكانية التصرف فى حركة المعبر بدون الرجوع الى (اسرائيل)، وهو ما ظهر للعيان فى الايام الاخيرة حين عجزت مصر عن ادخال مساعداتها الى غزة رغم أن الاهمية العظمى لهذه المساعدات فى اجهاض مخطط التهجير القسرى للفلسطينيين.
***
فبعد 45 عاما من توقيع اتفاقيات كامب ديفيد، وبعد 9 سنوات من حكم عبد الفتاح السيسى الذى أطلق عبارته الشهيرة عام 2014 بان السلام فى وجدان المصريين وبان الاقتراب من السلام خط احمر وما بذله من سياسات وجهود حثيثة لتعميق العلاقات المصرية الاسرائيلية..
نقول بعد كل هذا تجد الدولة المصرية نفسها اليوم امام الحقيقة التى حاولت انكارها وتجنبها لأربعة عقود ، من أن القيود العسكرية المفروضة على قواتنا وتسليحنا فى سيناء منذ 1979 تضعنا فى موقف شديد الصعوبة فيما لو قررت (اسرائيل) اجتياح الحدود بالقوة لتهجير مليون فلسطينى الى ارض سيناء، فى حماية ما يسمى بقوات حفظ السلام MFO والخاضعة تماما لادارة وقيادة الولايات المتحدة وليس للامم المتحدة.
وهو التحدى الأخطر منذ 1967، والذى دفع رئيس الدولة الى التهديد اليوم الاربعاء 18 اكتوبر فى مؤتمره الصحفى مع المستشار الالمانى بانه سيطلب من ملايين المصريين النزول الى التظاهر دفاعا عن سيادة سيناء وحدود مصر الدولية، بالاضافة الى تلميحه “الأخطر” بان تنفيذ مخطط التهجير القسرى الى سيناء سيؤدى الى انهاء عملية السلام بين مصر و(اسرائيل)، فى تصريح غير مسبوق من اى رئيس مصرى منذ 1979. وعلى الأخص من السيسى الذى طالما كان يقدم نفسه للخارج بأنه التلميذ النجيب خليفة انور السادات وتلميذه النجيب فى انحيازه وتقديره للسلام بل كان هو اول من دعى من الحكام العرب الى ضرورة توسيع السلام ودمج (اسرائيل) فى المنطقة. ناهيك عما ظهر فى كلمته اليوم من تماهى مع الموقف الاسرائيلى فيما يتعلق بموقفها من المقاومة الفلسطينية وعدم رفضه لمبدأ التهجير القسرى للفلسطينيين بشرط أن يكون الى صحراء النقب وليس الى سيناء، وفقا لقاعدة ((افعلوا ما تريدونه ولكن بعيدا عن سيناء)).
***
لقد آن الأوان أن يتضامن الجميع فى مصر وراء مطلب وهدف تحرير سيناء واعتاق الارادة المصرية من القيود المفروضة علينا فى المعاهدة، خاصة تلك الواردة فى المادة الرابعة وملحقها الامنى الذى تم بموجبه تجريد ثلثى سيناء من القوات والسلاح الا بإذن (اسرائيل).
وهى الترتيبات التى قال عنها آفى ديختر وزير الأمن الداخلى الاسرائيلى الاسبق فى احدى محاضراته ((بان اسرائيل انسحبت من سيناء بضمانات امريكية للعودة اليها فيما لو تغير النظام فى مصر لغير صالح اسرائيل.. وان أهم هذه الضمانات هى خلو 150 كيلومتر من سيناء من القوات المسلحة بالاضافة الى ان القوات الامريكية الحليفة لاسرائيل هى التى تراقب المصريين هناك))
*****
القاهرة فى 18 أكتوبر 2023