هبة محمد – القدس العربي
7 – فبراير – 2022
دمشق – «القدس العربي» : احتضنت العاصمة القطرية الدوحة، ندوة لبحث آلية تطوير أداء مؤسسات الثورة والمعارضة السورية، وذلك على مدار يومين، بحضور ممثلين عن مؤسسات قوى الثورة والمعارضة السورية، ومراكز الفكر، ومنظمات المجتمع المدني، وممثلي الجاليات السورية، والإعلام السوري، وعدد من الشخصيات المستقلة.
وأصدرت ندوة «سوريا إلى أين؟» في ختام أعمالها التي قسمت على ثماني جلسات، مساء الأحد، 17 توصية حول إقامة نظام إدارة لامركزية على المستوى الوطني، كما دعت إلى جملة من المبادئ تجمع أطراف قوى الثورة والمعارضة السورية، من أجل وحدة واستقلال الدولة والحفاظ على مؤسساتها ورفض كافة دعوات التقسيم وتأسيس نظام ديمقراطي تعددي يفصل بين السلطات.
أهمية حراك الدوحة؟
وركزت التوصيات التي قرأها رئيس الوزراء السوري الأسبق رياض حجاب، المشرف على الندوة، على إصلاح مؤسسات قوى الثورة والمعارضة بما يضمن استقلالية قرارها الوطني ويثبت دورها خارجياً وفق استراتيجية جديدة، والعمل على صياغة خطاب وطني جامع ودعم جهود مؤسسات الإعلام السورية لمحاربة خطاب الكراهية والتمييز ودعم دورها في التعريف بالقضية السورية، كما أكدت على الالتزام بالعملية السياسية وفق مرجعية جنيف وقرارات الأمم المتحدة وفق ( بيان جنيف 1 وقرار 2118 و 2245).
بإشراف رياض حجاب وحضور ممثلين عن مؤسسات قوى الثورة والمعارضة ومراكز الفكر ومنظمات المجتمع المدني
وحول أهمية الحراك السياسي السوري القائم في الدوحة لجهة التوقيت والأهداف المأمولة منه؟ تحدث رئيس «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» سالم المسلط في حوار مع «القدس العربي» عن عدم وجود أي نية لتأسيس جسم سياسي جديد، والعمل على تفعيل المؤسسات السياسية الثورية عبر إيجاد قواسم مشتركة ورؤية موحدة، مؤكداً أن الائتلاف الوطني هو المؤسسة السورية الممثلة للسوريين والهدف هو تحقيق الانتقال السياسي من خلال تفعيل مسارات العملية السياسية.
وقال «نسعى دوماً من أجل توطيد العلاقة مع الحلفاء والأشقاء والأصدقاء على المستوى السوري والدولي كما أننا حريصون على التشاور معهم بشكل دائم، لا سيما في هذه الأوقات التي يسعى فيها بعض الأطراف الدولية لشرعنة النظام المجرم وإيهام الرأي العام بوأد الثورة، ومن هنا تأتي أهمية المواقف الدولية المبدئية التي أطلقت مؤخراً في دعم الشعب السوري وثورته. وزيارتنا لقطر وتشاورنا مع الدوحة مهم ومتواصل ويأتي في هذا السياق، فنحن نحتاج لمشورة أشقائنا ولسماع وجهة نظرهم، وأن نبحث في إيجاد الحل وتسريعه من أجل إنهاء المعاناة السورية وإنجاز الانتقال السياسي في البلاد».
وكان رئيس الائتلاف الوطني السوري، قد أجرى زيارة إلى العاصمة القطرية الدوحة، التقى خلالها بنائب رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، كما اجتمع بعدد من الشخصيات السورية، وعلى رأسها رئيس الوزراء السابق رياض حجاب والشيخ، والمعارض السوري معاذ الخطيب. وقال «لمسنا من الإخوة القطريين ثباتاً على موقفهم الداعم للقضية السورية والشعب السوري، وكان لقاؤنا مع المسؤولين القطريين مميزاً وإيجابياً، ونؤكد على مركز قطر العربي الدولي ودورها الداعم لقضايا الشعوب».
«رفض سعودي وقطري»
وأضاف المسلط «عقدنا العديد من الاجتماعات الرسمية وغيرها مع المسؤولين في الحكومة القطرية ومع بعض السفراء وممثلي الدول، كما التقينا ببعض قيادات العمل السياسي والثوري السوري، بالإضافة لتفقدنا عمل السفارة السورية في قطر. ومن اللقاءات المهمة التي أجريناها لقاؤنا مع مسؤولين في الحكومة القطرية على رأسهم نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الذي أكد استمرار قطر في دعمها للشعب السوري وقضيته ومطالبه، وكذلك مع مسؤولين أمريكيين، وقد أكدوا لنا أن الولايات المتحدة ملتزمة تطبيق قانون قيصر».
وحول علاقة الحراك السياسي في الدوحة بمشاركة النظام في الجامعة العربية، قال رئيس الائتلاف السوري «أعتقد أنه بات هناك قناعة عامة لدى أكثر أشقائنا العرب بأن هذا النظام الإرهابي ليس جديراً بإعادة التأهيل وأن من يمد اليد له فهو يعرض نفسه للقبول بسجل طويل وحافل من جرائم الحرب التي راح ضحيتها ملايين الشهداء والمصابين والمعتقلين والمهجرين من الشعب السوري، والموقف السعودي والقطري واضح جداً في رفض شرعنة نظام الإبادة كما أن الموقف الأمريكي والأوروبي كذلك، لذا أعتقد أن هذا الملف قد تم إغلاقه».
توصيات ندوة الدوحة
وكان نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى إيثان غولدريتش، قد قال في كلمة ألقاها خلال فعاليات اليوم الثاني من ندوة «سوريا إلى أين؟»، إن بلاده لن تطبّع العلاقات مع نظام الأسد في سوريا، مضيفاً «أنّ «الولايات المتحدة تبذل جهوداً لتحسين الظروف الأمنية وزيادة الاستقرار في سوريا، وحل الأزمة السياسية والإنسانية المتصاعدة، وتأمين حياة تتسم بالرفاه للشعب السوري». وفي سؤال لرئيس الائتلاف السوري، عن أفق جديدة للحل في سوريا؟ قال «لا نرى أن المساعي الأممية الحالية ترقى إلى المستوى المطلوب، ونحن ملتزمون بتطبيق القرار 2254.
وكانت توصيات ندوة الدوحة، اعتبرت أن التواصل بين مختلف قوى الثورة والمعارضة، ضروري وذلك بهدف تبني خطة عمل شاملة تواكب تحولات المرحلة وتُعالج التحديات الناتجة عنها، وتقدم الحلول الناجعة للتخفيف من معاناة السوريين، ووقف الانتهاكات الممنهجة بحقهم، وتطالب بالإفراج عن المعتقلين، وتعويضهم، والإفصاح عن المختفين قسرياً ومعرفة مصيرهم.
وأشارت التوصيات إلى أهمية إعادة هيكلة مؤسسات قوى الثورة والمعارضة، والارتقاء بأدائها في ما يُمكّنها من تحقيق مطالب الشعب السوري المحقة والمشروعة وتمثيلها بكفاءة واحتراف. ودعت توصيات ندوة «سوريا إلى أين؟» إلى تنمية وتوظيف الخبرات المتاحة في الداخل السوري وخارجه، مؤكدة على ضرورة تكثيف جهود التوعية بالانتهاكات والجرائم التي يرتكبها نظام الأسد، وبمخاطر إفلاته من العقاب.
وطالبت بحقوق الشعب السوري، في نيل حريته وكرامته وحقه في الانتقال السياسي والتداول السلمي للسلطة واحترام مكوناته الإثنية من عرب وكرد وتركمان وكلد وآشور، معتبرة أن توحيد الجهود ضروري «لتحقيق الانتقال السياسي وفق القرارات الأممية، بما يُنهي نظام الفساد والاستبداد الذي يحكم سورية بصورة غير شرعية…».
وعبرت التوصيات عن ضرورة العملية السياسية عبر مسار جنيف، والتمسك بمرجعية القرارات الأممية ذات الصلة، كما وصت بنبذ الإرهاب والتطرف، سواء ارتبط بالدول أم المنظمات أم الأفراد، ورفض استعمال محاربته ذريعةً للنيل من تطلعات الشعب السوري.
وركزت الندوة على العمل على ضمان وصول المساعدات الإنسانية عبر الحدود، وعدم تسييسها، ورفض المحاولات التي يبذلها نظام الأسد وداعموه لاحتكار إيصال المساعدات، وحشد الجهود الدولية لتحسين أوضاع اللاجئين والنازحين، وتحقيق حل سياسي يضمن العودة الآمنة والطوعية والكريمة إلى بيوتهم وتوفير شروط هذه العودة.
واعتبرت الندوة أن محاولات النظام وحلفائه، تحت شعار «إعادة الإعمار» و»التعافي المبكر»، هي لتوظيف معاناة السوريين بهدف جلب الأموال الخارجية، بينما تهدف في حقيقتها إلى اقتسام ثروات البلاد من قبل بعض القوى الطامعة، وتقسيمها إلى مناطق نفوذ فيما بينها. وفي الختام، شكرت التوصيات دولة قطر على مواقفها المبدئية الثابتة، ودعمها الجهود الدولية لإنفاذ القرارات الأممية، وعلى دعوتها لمحاسبة من ارتكبوا انتهاكات بحق الشعب السوري، وعلى استضافتها هذه الندوة.