الأستاذ عبد المجيد حمو
المرحوم الأستاذ عبد المجيد حمو
كان قد كتب هذه الأسطر قبل وفاته بفترة ونعيد نشرها لما تحمل من تصورات واستقراء من سياسي مخضرم وهب حياته للقومية العربية والوطنية السورية والسياسة . رحمه الله
من بؤس المصادفة أو من عجائب بعض الظواهر السياسية أو يبدو من الحقائق التي لا ننتبه لها نحن الشعب العربي لأننا نتعلل دائما بالمفاجآت ، هي أن أول زيارة للرئيس الروسي ” بوتين ” خارج روسيا بعد انتخابه كانت للكيان الصهيوني، وكذلك الأمر بالنسبة للرئيس ” اوباما “، زيارات لتطمين هذا الكيان انه في عين الاهتمام والرعاية ، والاستعداد لتلبية كافة مطالبه واحتياجاته المادية والمعنوية ، هذه الحقيقة المؤلمة تسقط أمامها السياسات الرسمية العربية عاجزة لا تستطيع أن تجد لها سبيلا ، فلا هي استطاعت استخدام عناصر قوتها لخلق قوة تأثير أو تغيير في تلك السياسات ، بل راحت تبحث عن حلول لقضاياها من خلال ما يفرض عليها من املاءات تحقق فيها مصالح تلك القوى العظمى واستمرارها .
ومن الملفت أن رئيس الولايات المتحدة بالذات قد صرح في زيارته الأخيرة للمنطقة ” ان من أهم أسباب صداقة الولايات المتحدة لإسرائيل إلى الأبد، هو كونها موجودة في منتصف منطقة المصالح الأمريكية” ، لذلك نجد أن السياسة الأمريكية لديها محدد هام اتجاه أي حل لمشاكلنا هو مدى تأثيرها على الكيان الصهيوني ومخططاته، بل أكثر من ذلك مدى قبولنا بوجود ذلك الكيان وإمكان التعامل معه في المستقبل !! من هذه البوابة تسعى السياسة الأمريكية تمرير الحلول كل الحلول حتى بما فيها الخلاص من أنظمة القتل والنهب التي ساعدتها عقودا طويلة في السكوت عنها مقابل تفهمها واستجابتها لجوهر المطالب الأمريكية في الحفاظ على استقرار الحدود وامن الكيان الصهيوني والسكوت عن المطالب في تحرير الأراضي المحتلة ، إضافة لتعاونها مع السياسة الأمريكية في محاربة الإرهاب وتسخير تلك النظم في محاربة الإرهاب ” تقديم المعلومات الاستخبارية ، والمشاركة في التحقيق مع العناصر المعتقلة في عديد من البلدان إضافة لتسهيل ملاحقتها وضربها كما جرى في العراق واليمن وغيرها .. ” قبل أي شيء آخر.
إن الحلول لمشاكل المنطقة كما قالتها قديما وحديثا (الولايات المتحدة) يجب أن تمر عبر بوابة الكيان الصهيوني، فهل نحن المطالبون بالحرية والكرامة جاهزون للمقايضة ؟ ان من يطلب أو يتسول الدور الأمريكي سيلقى هذا التساؤل.
هناك فرق. نحن نطلب الرعاية الدولية للخلاص من أنظمة احتمت وتسلحت ونفذت طويلا أجندات لتلك القوى الدولية على حساب شعبها، ولكننا ندفع الثمن من دماء وقوت شعبنا للخلاص من تلك النظم المستبدة وهو ما نملكه، وغير مستعدين لتقديم مالا يملك أحد أن يتنازل عنه وهو استقلالنا وحقوقنا الوطنية والقومية وخاصة في الأرض والاعتراف والتعاون مع الكيان الصهيوني . لذلك نقول لمن يبحث عن دور دولي يساهم في خروجنا من هذه المحرقة والقتل.
لن نعطي مقابل الحرية والكرامة إلا ما نملك وهو دماؤنا ولن نفرط بما لا نملك وهو الأرض واستقلال قرارنا الوطني وحقوقنا القومية وخاصة في فلسطين.