تامر هنداوي
الأربعاء , 31 يناير , 2024
شرطيان فلسطينيان يقفان بجوار شاحنة تحمل مساعدات في معبر كرم أبو سالم برفح بجنوب قطاع غزة
القاهرة- “القدس العربي”: أثار ما تردّدَ عن مقترح ترتيبات أمنية بين مصر وإسرائيل والسلطة الفلسطينية برعاية أوروبية، لإجراء تغييرات مرتقبة في عمل المعابر مع قطاع غزة في المرحلة المقبلة، تتضمن غلق معبر رفح، وفتح معبر كرم أبو سالم، الذي يسيطر عليه الاحتلال أمام حركة البضائع والأفراد بين مصر والقطاع، غضباً ورفضاً واسعاً في مصر.
وأعلنت اللجنة الشعبية للتضامن مع فلسطين وأحزاب ومنظمات حقوقية وشخصيات عامة، في بيان، رفضهم لهذه المقترح.
وقال الموقعون على البيان إنهم يرفضون بحسم ما يتداول في الإعلام بشأن دراسة مقترح بين مصر والاتحاد الأوروبي لإغلاق معبر رفح، وهو المعبر الوحيد بين مصر وقطاع غزة، واستبداله بمعبر كرم أبو سالم بين مصر وفلسطين المحتلة، والذي يسيطر عليه كيان الاحتلال) ومعبر إيريز (بين قطاع غزة و فلسطين المحتلة).
وأضاف البيان أن القول بأن معبر رفح غير مجهز لعبور البضائع والمساعدات رد عليه تأكيد الرئيس عبدالفتاح السيسي مؤخراً بأن مصر كانت تدخل 600 شاحنة يومياً إلى غزة قبل العدوان الأخير.
ولفت البيان إلى تأكيد الحكومة المصرية مراراً وتكراراً أن ما يعرقل دخول المساعدات من المعبر هو الكيان الصهيوني، ولا يوجد ما يسند الادعاء بعدم قدرة المعبر على إدخال المساعدات بشكل كاف، ولا يوجد أيضاً ما يمنع من توسعته.
وتناول البيان المقترح الخاص بإدخال مساعدات القمح الأمريكية إلى ميناء أشدود الإسرائيلي، ثم إلى غزة، عبر معبر إيريز في شمال القطاع، وهو معبر خاضع تماماً لسيطرة الاحتلال، وسخر الموقعون من هذا الاقتراح، وقالوا، إنه لا يستحق جهد التفنيد، لأن المساعدات الأمريكية من قنابل وصواريخ تمطر غزة كل يوم بالفعل.
وتابع البيان: “في الوقت الذي تصمد المقاومة الفلسطينية صموداً أسطورياً أعلى من أي توقع، وفي الوقت الذي تكسب القضية الفلسطينية معركة الرأي العام العالمي بامتياز، كاشفة كذب وتلفيق الرواية الصهيونية أمام شعوب العالم، وفي الوقت الذي تتصدع وتنقسم الجبهة الداخلية للكيان الصهيوني، تأتي إبادة المدنيين بالقصف والجوع والعطش والمرض سلاح ضغط موجع لأهل غزة ولصمود المقاومة الفلسطينية نفسها”.
وأكد الموقعون أن مصر تملك اليد العليا والحبل السري القادر على إغاثة قطاع غزة باحتياجاته، وأن المطلب الأساسي للمصريين هو فتح معبر رفح تحت مظلة الإرادة المصرية والقانون الدولي والمنظمات الإغاثية الأممية، بعيداً عن الاحتلال الذي يهدف لفرض حصار قاتل على أهلنا، كما عبر وزير دفاعه بوضوح: “لا كهرباء، لا وقود، لا ماء، لا غذاء.. “، وبالطبع أيضاً لا احتياجات طبية ولا دواء.
وواصل الموقعون في بيانهم: “كان، وما زال، معبر رفح هو المعبر الوحيد الذي لا يخضع للسيطرة المباشرة للاحتلال، ولذا كان شريان الحياة الرئيسي لكسر الحصار على غزة كلّما تجدد عدوان الكيان الصهيوني عليها، وإغلاقه هو قطع لشريان الحياة لإثنين مليون من أهالي القطاع.
الجدار العازل
وتابع الموقعون في بيانهم: “إن إغلاق معبر رفح، مع بناء الجدار العازل بين قطاع غزة وسيناء المصرية، والذي يجري حالياً بالفعل، يسهل سيطرة الاحتلال على محور صلاح الدين الذي أعلن العدو الصهيوني مراراً عن نيته لاحتلاله، وهذا يحقق حصاراً كاملاً محكماً على قطاع غزة، كما يتيح للعدو تواجداً مسلحاً مباشراً قوياً على حدود مصر، وهذا يشكل تهديداً واضحاً لأمننا القومي من عدو أصبحنا نرى كل يوم مدى إجرامه ونقضه لكل المعاهدات وكل المواثيق الدولية”.
ودعا الموقعون لرفض أي مقترح لإغلاق معبر رفح، وطالبوا بفتح معبر رفح وتدفق المساعدات عبره بالكميات التي يحتاجها أهالي قطاع غزة، وإلى فتح أي معابر أخرى ممكنة تحت مظلة المنظمات الإغاثية الأممية، في ظل حاجة القطاع إلى أكثر من ألف شاحنة يومياً من المساعدات لكسر الحصار.
ومنذ اندلاع العدوان على قطاع غزة، تواجه مصر انتقادات واسعة بسبب تحكم الاحتلال الإسرائيلي في حجم المساعدات الذي يدخل القطاع يومياً، عبر معبر رفح البري، وهو المعبر الوحيد للقطاع الذي لا يسيطر عليه جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وتنفي مصر مراراً وتكراراً مشاركتها في حصار القطاع، وتؤكد أن الإجراءات التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي على رحلة المساعدات، هي ما يعيق دخول الكميات التي يحتاجها أهالي القطاع.
وبعد انطلاق العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، توصلت مصر إلى اتفاق مع الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي، على توجه شاحنات المساعدات إلى معبري كرم أبو سالم والعوجة للخضوع للتفتيش، قبل عودتها ودخولها إلى القطاع عبر معبر رفح.
ورغم أن السيطرة الفعلية على معبر رفح تخضع للسلطة المصرية، وحركة “حماس” من الجانب الفلسطيني، إلا أن الحكومة المصرية تبرر التنسيق مع الاحتلال في إدخال المساعدات بأن الحركة في المعبر تخضع لاتفاقية المعابر التي سبق ووقعتها السلطة الفلسطينية مع الاحتلال الإسرائيلي، وتقضي بوجود مراقبين من الاتحاد الأوروبي.
العالقون في القطاع
يأتي ذلك في وقت لا يزال عالقون مصريون في قطاع غزة يشتكون من عدم قدرتهم العودة إلى وطنهم، وسط اتهامات تتعلق باضطرار العالقين إلى دفع مئات الدولارات للمرور إلى مصر، ما نفاه في وقت سابق ضياء رشوان رئيس الهيئة المصرية للاستعلامات.
ونشرت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان (منظمة حقوقية مستقلة)، فيديو لمواطنة مصرية عالقة في غزة منذ بداية الحرب على القطاع على بعد خطوات من الحدود.
وقالت المواطنة المصرية، التي قالت إن اسمها نادية، إنها لا تستطيع دفع 650 دولاراً أمريكياً كـ “رشوة” من أجل العودة إلى مصر.
وناشدت الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي فتح معبر رفح لعودة جميع المصريين العالقين بدون مقابل.
وقالت المرأة، وهي تجلس أمام إحدى الخيام، إنها تقيم في خيمة مع 10 أفراد على الحدود، وإنها سجلت لدى الجهات المعنية للعودة إلى مصر منذ 3 أشهر، ولكنهم يفرضون على من يريد العودة، كما تقول، دفع 650 دولاراً، وهي ليس باستطاعتها دفع هذا المبلغ.
وخاطبت السيسي: “نحن أولاد بلدك، يفترض أن نعود إليها، نحن نعيش في الشارع هنا”. وكشفت أنها لا تعرف أحداً هنا، و”ليس لها أهل أو أقارب.”
وقالت إن “من يرى ويعاين ما يحصل غير من يسمع أو يرى من خلف الشاشات والناس تموت ببطء، وكل يوم يزداد العذاب والشقاء من هذه الظروف”.
وواصلت مصر المطالبة بوقف إطلاق النار، وإنفاذ التهدئة وتبادل المحتجزين، وبما يسمح بإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية العاجلة بالقدر الكافي لاحتياجات سكان القطاع.
وأكد سامح شكري وزير الخارجية المصري، في اتصال هاتفي مع نظيره النيوزلندي وينستون بيترز، على الدور الهام الذي تضطلع به وكالة الأونروا في تقديم الخدمات الحيوية للاجئين الفلسطينيين، والدور الأساسي في تقديم المأوى والمساعدات لسكان غزة، مؤكداً ضرورة استمرار المانحين الدوليين، بما في ذلك نيوزيلاندا، في تقديم الدعم اللازم للوكالة، والنأي عن تبني قرارات بتعليق التمويل في خضم الأزمة الإنسانية المتفاقمة بغزة، والتي قد تبدو كعقاب جماعي ضد جميع العاملين بالوكالة، وكذلك أبناء الشعب الفلسطيني، وانتظار نتائج عملية التحقيق الداخلية التي تضطلع بها الوكالة وأجهزتها.
وقال مصدر طبي في شمال سيناء إن معبر رفح استقبل، اليوم الثلاثاء، 40 مصاباً فلسطينياً و33 مرافقاً لهم، قادمين من مستشفيات الأقصى والأوربي والتركي وناصر والإماراتي بقطاع غزة، عبر بوابة معبر رفح البري بشمال سيناء، وذلك للعلاج في المستشفيات المصرية.
وبيّن المصدر أنه سيتم توزيع الجرحى والمصابين الفلسطينيين على مستشفيات العريش العام والشيخ زويد المركزي وبئر العبد التخصصي وعين شمس وأبو خليفة والمجمع الطبي في الإسماعيلية والناس لتلقي العلاج اللازم وإجراء الجراحات المتنوعة.