من كتابة فرانس24
الثلاثاء، 25 فبراير / شباط 2025
صورة أصدرها الجيش الإسرائيلي لجنوده بقطاع غزة في 14 يونيو/حزيران 2024.© أ ف ب
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الأحد إن تل أبيب مستعدة لاستئناف الحرب في غزة “بأي لحظة” مؤكدا أن “خططنا العملانية جاهزة”. بعيد تصريحاته، قال الجيش الإسرائيلي إنه قد تقرر رفع “الاستعداد العملياتي” في المنطقة المحيطة بالقطاع الفلسطيني.
قالت إسرائيل الأحد إنها مستعدة لاستئناف الحرب في قطاع غزة “بأي لحظة”، فيما اتهمتها حماس بتعريض وقف إطلاق النار للخطر بسبب إرجاء إطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين كما نص عليه الاتفاق.
ومن المزمع أن تنتهي في 1 مارس/آذار المرحلة الأولى من الهدنة الهشة التي دخلت حيز التنفيذ في 19 يناير/كانون الثاني في القطاع بعد 15 شهرا على بدء القتال، في حين لم تبدأ بعد المفاوضات بشأن مرحلته الثانية.
إلا أن إعلان تل أبيب السبت إرجاء إطلاق سراح أكثر من 600 معتقل فلسطيني كما ينص الاتفاق، بعد تسلمها ستة رهائن، طالما استمرت “المراسم المهينة” المحيطة بإطلاقهم، يجعل مستقبل الهدنة أكثر غموضا.
وقال مبعوث الخاص للرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف لمحطة “سي إن إن”: “علينا تمديد المرحلة الأولى، ولذا سأتوجه إلى المنطقة هذا الأسبوع، على الأرجح الأربعاء، للتفاوض على ذلك”.
“لحظة حساسة للغاية”
وأعلن نتانياهو الأحد خلال مراسم تخريج ضباط في منطقة حولون بوسط إسرائيل: “نحن مستعدون لاستئناف القتال المكثف في أي لحظة، خططنا العملانية جاهزة”. مضيفا: “في غزة، قضينا على معظم قوات حماس المنظمة، لكن لا شك في أننا سننجز أهداف الحرب بالكامل، سواء عبر المفاوضات أو بوسائل أخرى”.
بعيد التصريح، قال الجيش الإسرائيلي في بيان: “بعد تقييم للوضع، تقرر رفع الاستعداد العملياتي في المنطقة المحيطة بقطاع غزة”.
تعقيبا على هذه التطورات، قال مايكل هورويتز، الخبير في شركة استشارات إدارة المخاطر لو بيك إنترناشونال، “نحن في لحظة حساسة للغاية في ما يتعلق بوقف إطلاق النار”.
وأضاف: “قد تنهار الحكومة الإسرائيلية إذا دخلنا المرحلة الثانية، لأنها تتضمن النهاية الرسمية للحرب، وقد قال حليف نتانياهو اليميني المتطرف (وزير المالية بتسلئيل) سموتريتش إنه سيغادر الحكومة إذا انتهت الحرب”.
“فرصة ضئيلة لإنقاذ الاتفاق”
كما رأى هورويتز أن “هناك فرصة ضئيلة لإنقاذ الاتفاق” أو “على الأقل ضمان عدم انهياره على الفور” من خلال تمديد المرحلة الأولى.
ومساء السبت، نشرت كتائب القسام، الذراع العسكرية لحماس، شريط فيديو صُوّر على ما يبدو في اليوم نفسه بمخيم النصيرات وسط غزة، ويظهر رهينتين إسرائيليين يشاهدان عملية تسليم ثلاثة رهائن آخرين، ويطالبان نتانياهو بإطلاق سراحهما.
وما زال 62 من بين 251 رهينة خطفوا في 7 أكتوبر/تشرين الأول، محتجزين في القطاع بينهم 35 قتلوا وفق الجيش الإسرائيلي.
وأكدت حماس أنه لم يبق سوى تسليم جثث أربعة رهائن إلى الدولة العبرية بحلول الأول من مارس/آذار.
فرانس24/ أ ف ب
إقرأ أيضاً..
لماذا قبّل جندي إسرائيلي رأس آسره؟
الجزيرة نت
الإثنين، ٢٤ فبراير / شباط ٢٠٢٥
لماذا قبّل جندي إسرائيلي رأس آسره؟
مع أنها ليست الحالة الأولى التي تعبّر عن حسن تعامل الفلسطينيين مع أسراهم من الجنود والمستوطنين الإسرائيليين، فإن موقف الجندي الأسير عومير شيم توف والذي شاهده العالم عبر البث المباشر لقناة الجزيرة وغيرها من القنوات وهو يقبل رؤوس آسريه من عناصر كتائب القسام في منطقة النصيرات بطريقة عفوية والراحة النفسية التي أبداها أثناء إتمام إجراءات التبادل أحدث صدًى واسعًا، وتفاعلًا كبيرًا.
وبينما يتساءل كثيرون عن السبب الذي يجعل جنديًا إسرائيليًا يقوم بتقبيل رأس آسريه، فإنَّ الأمر ببساطة أنَّ هناك سياقًا تجلَّى في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، واستمرَّ بعده، يجعل هذه اللحظة واحدة من اللحظات التاريخية التي توثق انتصار الشعب الفلسطيني أخلاقيًا على عدوه المجرم الذي مارس ضده عملية إبادة جماعية أدانته بها المحاكم الدوليَّة.
قد يتعامل كثيرون مع صورة تقبيل أسير إسرائيلي رأسَ مقاتل قسامي بنوع من الفكاهية، ولكن هذه الصورة عميقة في مسار توثيق انتصار شعب تحت الاحتلال على من اغتصب أرضه ومقدساته، وهي مهمة في مسار عملية التحرير. وهي صورة غير مسبوقة في تاريخ النضال الفلسطيني.
إن هذه الصورة ليست لحظة عابرة، وليست لقطة ناشزة، بل هي صورة راسخة مفعمة بمعاني الأخلاق والذكاء والقيم ومؤشرات التحول في قضية تهم العالم كله.
إن صورة تقبيل جندي إسرائيلي، رأسَ مقاومٍ قسامي، تؤكد أن المقاومة الفلسطينية مستمرة في كسب القلوب والعقول في سلوكها، وهذه ثمرة مهمة لأدائها وسلوكها في الميدان، ولعله من الممكن لأي باحث محايد أن يرصد حجم الثناء والإعجاب فقط في اليومين الأخيرين- بسلوك المقاومة الفلسطينية وكتائب القسام، الذي جعلَ جنديًا إسرائيليًا يقبل رأس مقاتل مسؤول عن أسره.
الجانب الأخلاقي وفوائده على مدار 15 شهرًا من القتال أثبتت المقاومة الفلسطينية تفوقًا أخلاقيًا عاليًا في ملف الأسرى، وفي قضايا أخرى، وقد كان هذا البعد القيمي حاضرًا في أول خطاب في معركة طوفان الأقصى، والذي أعلنه الشهيد محمد الضيف، بعدم استهداف الأطفال والشيوخ، وتجلَّى في كثير من الأحداث خلال هذه المعركة.
وقد كانت هناك شهادات من مستوطنين أكدوا على هذه القضية، منهم المستوطنة روتم التي قالت إن مقاتلي القسام طمأنوها بأنهم لا يقتلون النساء والأطفال.
إنَّ هذا السلوك الأخلاقي للمقاومة الفلسطينية يخدمها سياسيًا، وعسكريًا على مستوى الشرعية والاحترام محليًا وإقليميًا ودوليًا.
وفي كل الأحوال، هناك الكثير من المفكرين حول العالم اعتبروا أن الالتزام بالأخلاق في المعارك ليس مجرد قضية أخلاقية فحسب، بل هو ضرورة إستراتيجية تساهم في عملية النصر، ومن هؤلاء إيمانويل كانط، وغيره.
من جانب آخر، عكست كتائب القسام قيم مجتمعها الفلسطيني، وعززت صورتها وصورة شعبها من خلال هذا التعامل، وإنه من المرجح أن يكون لهذه الصورة الأخلاقية انعكاس على زيادة الدعم وكسر العزلة التي حاول الاحتلال فرضها بالقوة.
هناك فوائد أخرى يمكن أن تجنيها المقاومة، ومنها:
معاملة حسنة تدحض التشويه إن تعليقات الجندي الأسير عومير شيم توف ورفقائه من الأسرى الصهاينة وشكرهم لكتائب القسام على معاملاتهم لهم خلال فترة الأسر أو حديثهم مع آسريهم بكل راحة على المنصة خلال عملية التسليم، سلطت الضوء على هذه المعاملة التي حاولت دولة الاحتلال تشويهها بشتى السبل، والتي شملت إعداد مقاطع خاصة تعرض على قادة دول وشخصيات مؤثرة.
لا نعلم ما هي المقاطع التي يقدمها رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو لقادة الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، سواء الرئيس دونالد ترامب أو الرئيس السابق جو بايدن، حيث يبنون على أساسها قناعاتهم حول ما يجري في غزة، وحول أوضاع الأسرى.
ولكن من الواضح أن هناك عملية تضليل إسرائيلية تتم، وقد كان هذا ملموسًا في استغلال قضية جثامين عائلة بيباس الذين قتلتهم صواريخ دولة الاحتلال الإسرائيلي في غزة.
وتشير بعض تصريحات الرؤساء ومنهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن عائلة بيباس قبل أيام- إلى أن دولة الاحتلال مارست دعاية مضللة في هذا الصدد، ولذلك فإن مثل هذه المقاطع التي تنشرها كتائب القسام حول التعامل مع الأسرى، أو تلك التي تحدث بشكل عفوي، مهمة جدًا في إطار قطع الطريق على محاولات التضليل التي تمارسها حكومة دولة الاحتلال الإسرائيلي حول معاملة المقاومة الفلسطينية للأسرى الإسرائيليين.
ومن أمثلة الدعاية الإسرائيلية ما قدمه جلعاد أردان، السفير الإسرائيلي السابق لدى الأمم المتحدة، والولايات المتحدة، حيث وصف الفلسطينيين في غزة بالنازيين في منشور على “إكس”. وقال: “حتى في ألمانيا النازية، كان هناك ألمان أنقذوا اليهود. ولم ينقذ أي شخص من سكان غزة رهينة واحدة”.
ومع أن هذه دعاية متهافتة عند كل من يدرك تفاعلات القضية الفلسطينية، وحتى لدى المجتمع الصهيوني نفسه، فإن دولة الاحتلال استمرت في ترويج هذه الأخبار المضللة.
وفي كل الأحوال، هناك الكثير من الشواهد مؤخرًا على فشل عمليات التضليل الإسرائيلية في تشويه المقاومة الفلسطينية، حتى في داخل دولة الاحتلال، حيث اعتمدت دولة الاحتلال على ذلك على مدار تاريخ الصراع، فعلى سبيل المثال نشرت صحيفة جيروزاليم بوست خلال شهر فبراير/ شباط الجاري نتائج استطلاع رأي، قال فيه 50% من المستطلعة آراؤهم من الإسرائيليين، إنهم لا يرون تشابهًا بين حماس والنازية.
إبقاء ملف الأسرى حاضرًا لقد نجح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تبني سياسات تتجاهل قضية الأسرى، وعمل بطرق مختلفة على تخفيف كل الضغوط التي يمكن أن تأتي عليه من هذا الملف، وتحديدًا من عائلات الأسرى، ولكن كتائب القسام لم تملّ من محاولات تحريك المياه الراكدة لإحداث حالة ضغط، وظلت مستمرة في إرسال مقاطع الأسرى من أجل جعل هذا الملف حاضرًا بقوة في معادلة المعركة؛ لأن ملف الأسرى يمثل ورقة قوية بيد المقاومة.
ولما سبق فإن كل ما يصدر من مقاطع وتغطية حول قضية الأسرى، هو مهم في إبقاء هذا الملف حاضرًا، وهو كذلك بذات الأهمية في قطع الطريق على نتنياهو في الاستمرار بتجاهل ملف الأسرى.
وقد كان ملحوظًا أن عائلات الأسرى الإسرائيليين صعدت من خطابها تجاه نتنياهو، وأبدت استغرابها من أن اهتمام ترامب بخروج الأسرى الإسرائيليين أكبر من اهتمام نتنياهو وحكومته.
من الواضح أن أجهزة الأمن الإسرائيلية مارست ضغوطًا على عائلات الأسرى لجعلهم يطالبون بعدم بثّ صور أبنائهم في الصحافة الإسرائيلية، وعند هذه النقطة لم يكن الهدف هو حماية خصوصية هؤلاء الأسرى، أو منع المجتمع الإسرائيلي من التعرض للدعاية النفسية الموجهة من المقاومة الفلسطينية، بل إن الهدف الذي كان يخدم حكومة نتنياهو، هو تقليل كل مسارات الضغط التي يمكن أن تتشكل عليها بسبب هذا الملف.
ذكاء وإبداع إن ذكاء وإبداع المقاومة الفلسطينية في التعامل مع قضية الأسرى، هو قضية أخرى لا تقل أهمية عن البعد الأخلاقي، وهو أمر يخدم إستراتيجيات المقاومة في التعامل مع المرحلة الحالية.
وقد رأينا المقطع الذي نشرته المقاومة لأسيرين إسرائيليين يشاهدان زملاءهما أثناء عملية الإفراج عنهم، ثم يناشدان دولتهما للمضي في عملية التبادل، وقد حمل هذا المقطع معاني المفاجأة والتحدي الأمني للاحتلال، والإبداع في نقل رسالة المقاومة من خلال هذا المشهد، وهو مرة أخرى ما يخدم أهداف المقاومة في استمرار عملية التبادل والانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار وصولًا إلى الوقف التام.
إن هذه الصور التي تختزنها الذاكرة الجمعية للرأي العام المحلي والدولي والإقليمي وحتى لدولة العدو من صورة الجندي يسحب من دبابته في 7 أكتوبر/ تشرين الأول وصولًا إلى مشاهد تسليم الأسرى وما تحمله من دلائل، ليست أمرًا عابرًا بل هي تعبير عن تحولات مهمة سيكون لها أثرها على كل الفاعلين، بما في ذلك مجتمع المقاومة ومجتمع العدو.