إعداد: فرانس24
نشرت في: 13/12/2024
سوريون يعبرون عن فرحتهم ويلوحون بالعلم السوري الجديد أثناء تجمع لأداء صلاة الجمعة في المسجد الأموي بدمشق، سوريا، في 13 ديسمبر/كانون الأول 2024. © أسوشيتد برس
خرج آلاف السوريين متوجهين إلى باحة الجامع الأموي في دمشق للمشاركة في صلاة الجمعة التي يتوقع أن يحضرها قائد هيئة تحرير الشام أحمد الشرع الشهير باسم أبو محمد الجولاني الذي دعا السوريين للنزول إلى الشوارع احتفالا “بانتصار الثورة” بعد سقوط حكم عائلة الأسد. وفي الأثناء ما زالت أعداد كبيرة من السوريين يبحثون عن أحبتهم الذين اختفوا خلال عقود من القمع، إذ كشفت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة بشأن سوريا عن إعدادها قوائم بأسماء آلاف مرتكبي الجرائم الخطرة في سوريا.
توجه آلاف السوريين الجمعة نحو الجامع الأموي في دمشق تلبية لدعوة قائد هيئة تحرير الشام أبو محمّد الجولاني الذي طلب من السوريين النزول إلى شوارع العاصمة من أجل الاحتفال “بانتصار الثورة”.
وعبر مقطع فيديو قال الجولاني الذي كشف عن اسمه الحقيقي وهو أحمد الشرع متوجها للسوريين “أود أن أبارك للشعب السوري العظيم انتصار الثورة المباركة وأدعوهم للنزول إلى الميادين للتعبير عن فرحتهم بذلك دون إطلاق الرصاص أو ترويع الناس”. مضيفا “ثم بعد ذلك لنتجه إلى بناء هذا البلد، وكما قلناها منذ البداية منصورة بعون الله”.
“الشعب السوري واحد”
وانتشر حول الجامع الأموي عشرات الشباب لاستقبال الرجال والنساء والأطفال الذين تجمعوا في باحة المسجد، في مشهد غير مألوف في العاصمة السورية. ورفع الكثير منهم علم المعارضة السورية، ورددوا هتافات عدة بينها “واحد واحد واحد الشعب السوري واحد”، على ما أفاد مراسلو وكالة الأنباء الفرنسية.
كما انتشر تجار يبيعون العلم بنجماته الثلاث الحمر بين شريطين أخضر وأسود، بينما بثت مكبرات الصوت أغاني تمجد سوريا الجديدة.
هذا، ويعقد قادة دول مجموعة السبع لقاء عبر الفيديو الجمعة للبحث الوضع في سوريا التي تعهد رئيس وزرائها الانتقالي المنتمي لهيئة تحرير الشام محمد البشير الثلاثاء، بإقامة “دولة القانون” فيها.
“حكومة يختارها الشعب”
ومن جهته، يستضيف الأردن السبت قمة حول سوريا تجمع وزراء ودبلوماسيين كبارا أمريكيين وأوروبيين وعربا وأتراكا. وفي الأثناء يزور وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أنقرة التي وصلها بعد الأردن حيث دعا الخميس إلى “انتقال شامل يؤدي إلى حكومة سورية مسؤولة وتمثيلية يختارها الشعب”.
وقال بلينكن في أنقرة خلال مؤتمر صحافي مع نظيره التركي هاكان فيدان “من الضروري أن نواصل جهودنا” للقضاء على تنظيم “الدولة الإسلامية”.
إلى ذاك، وفي إشارة إلى التوغل العسكري الإسرائيلي والعمليات التركية في سوريا منذ سقوط النظام، شدد بلينكن الخميس على أهمية “تجنب عدم إشعال نزاعات إضافية”.
ومن جانبها، تدعم تركيا فصائل تقاتل الأكراد في شمال شرق سوريا حيث أكد بلينكن على الدور الأساسي الذي تضطلع به قوات سوريا الديمقراطية التي يهيمن عليها الأكراد وتدعمها الولايات المتحدة، في القتال ضد التنظيم المتطرف.
وقال هاكان فيدان من جانبه إن “أولوياتنا تقضي بضمان استقرار سوريا في أسرع وقت ممكن ومنع انتشار الإرهاب ومنع الدولة الإسلامية وحزب العمال الكردستاني من السيطرة”، علما أن تركيا تعتبر هذا الحزب منظمة إرهابية.
وبذلك، كرر موقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي قال لبلينكن إن أنقرة “لن تتهاون” في محاربة الإرهاب.
“الاستعداد للبقاء…”
وفي الجنوب، أصدر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الجمعة الأوامر للجيش “للاستعداد للبقاء” طوال فصل الشتاء في المنطقة العازلة في هضبة الجولان الاستراتيجية المحتلة.
وقال الوزير في بيان “بسبب الوضع في سوريا، من الأهمية بمكان من الناحية الأمنية الإبقاء على وجودنا على قمة جبل حرمون ويجب بذل كل الجهود لضمان جاهزية (الجيش) في المكان للسماح للجنود بالبقاء فيه على الرغم من ظروف الطقس الصعبة”.
ويشار إلى أن احتلال إسرائيل للمنطقة العازلة أثار انتقادات دولية واسعة النطاق، على غرار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس الذي دعا الخميس “جميع الأطراف إلى وضع حد للوجود غير المسموح به في المنطقة العازلة، والامتناع عن أي فعل من شأنه تقويض وقف إطلاق النار واستقرار الجولان”.
وكانت إسرائيل قد أعلنت عن مئات الضربات في سوريا ضد مواقع عسكرية استراتيجية في الأيام الأخيرة. وقال بلينكن إن الهدف من ذلك هو عدم وقوع عتاد الجيش السوري في “الأيادي الخطأ”، معلنا مع ذلك أن واشنطن تناقش مع إسرائيل التطورات المقبلة.
حقوق “كافة الطوائف” مضمونة
وفي بلدة السويداء، معقل الأقلية الدرزية في سوريا، توافد المئات منذ الصباح إلى الساحة المركزية التي كانت مسرحا للتظاهرات المناهضة للحكومة على مدى عام ونصف العام.
وقال هيثم حذيفة (54 عاما) “فرحتنا لا توصف… طالما أن الشعب السوري يسير إلى الأمام موحدا، فلن يحدث له أي شيء”.
ومن جانبها، أعلنت الإدارة الذاتية الكردية الخميس أنها ستستبدل العلم الكردي بالعلم الجديد الذي يرفرف فوق دمشق.
ودعا رئيس الوزراء الانتقالي محمد البشير السوريين المقيمين في الخارج للعودة متعهدا بضمان حقوق “كافة الطوائف”.
هذا، وفر نحو ستة ملايين سوري، أي ربع السكان، من البلاد منذ العام 2011، عندما أدت حملة قمع للاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية إلى اندلاع حرب مدمرة خلفت أكثر من نصف مليون قتيل.
“نحن لم نعانِ من التمييز”
وفي حلب التي تراجع عدد المواطنين المسيحيين بها إلى نحو 30 ألفا منذ العام 2011، قال الأب بهجت إنه يتفهم المخاوف حيال السلطة الجديدة، لكنه أضاف أنه “في الواقع نحن لم نعانِ من التمييز”.
وذكرت وكالة الأمم المتحدة الإنسانية (أوتشا) أن 1,1 مليون شخص، معظمهم من النساء والأطفال، نزحوا منذ بدء هجوم الفصائل المسلحة.
كما أطلق برنامج الأغذية العالمي نداء عاجلا لجمع 250 مليون دولار لتوفير “مساعدات غذائية لما يصل إلى 2,8 مليون شخص” في سوريا.
ومن جهته، تحدث الاتحاد الأوروبي عن إقامة جسر جوي إلى سوريا وتسيير أول طائرة محملة بالمساعدات.
إلى ذلك، وفي الأثناء ما زالت أعداد كبيرة من السوريين يبحثون عن أحبتهم الذين اختفوا خلال عقود من القمع. وقالت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة بشأن سوريا إنها أعدت قوائم بأسماء آلاف مرتكبي الجرائم الخطرة في سوريا. كما وجهت الخميس اتهامات بالتعذيب إلى مدير سجن عدرا السابق في دمشق بين عامي 2005 و2008، سمير عثمان الشيخ، المسجون في الولايات المتحدة.
وتقود هيئة تحرير الشام وهي منظمة إسلامية ما زالت تعتبرها دول غربية إرهابية على الرغم من إعلان انفصالها عن “تنظيم القاعدة”، تحالفا من عدة فصائل مسلحة بدأت في 27 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي الهجوم الذي أدى الأحد إلى انهيار حكم بشار الأسد مع دخولها دمشق.
وفي مواجهة التحديات السياسية والاجتماعية والأمنية العديدة في بلد مجزأ متعدد الأطياف والأديان، تحاول السلطات الجديدة طمأنة الناس في موازاة تحرك المجتمع الدولي.
فرانس24/ أ ف ب