تواريخ تتكرر في عمر الزمن، ومناطق نفوذ تُرسم ملامحها على جغرافية الوطن.
يتزامن في شهر يناير/ كانون الثاني من كل عام حدثان لهم دلالة رمزية ومعنوية عند المجاميع العربية، حدث له خصوصية عند الناصريين والقوميين العرب. (ذكرى ميلاد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر) 18/1/2018، الذي ترك اثرا بالغ الأهمية بالنظر الى انتصاراته وانكساراته، مفجر ثورة يوليو 1952 مع الضباط الأحرار ، كان لها تجسيدات ميدانية على المستوى المحلي بالعديد من الإنجازات التي حولت مصر من الاحتلال وتحكم الإقطاع وراس المال الى دولة الإصلاح الزراعي وتملك الفلاح والعمال حقوقهم . وكذلك بروز دور مصر على المستوى العربي والافريقي والعالم ثالثي ، وكان صانع اول تجربة وحدوية عربية في العصر الحديث بين مصر وسورية 1958. لازال عبد الناصر حاضرا بشموخه وكبريائه منتصب القادمة لدى مناصريه واعدائه حتى هذا التاريخ. وحدثٌ له بالغ الأثر على المنطقة العربية وعلى وجه الخصوص عند الفلسطينيين وهو صفقة القرن “صنع في امريكا” 28/1/2020 اسماها “دونالد ترامب” مع شريكه الصهيوني “نيتنياهو ” مبادرة السلام المقترحة مع الفلسطينيين /دولة فلسطينية بدون سيادة والقدس خارج البازار / وعندما عرض المشروع حينها بحضور محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية قال (القدس ليست للبيع والصفقة لن تمر) .لكن هذا الكلام كان مرهون بوقته ولم يتم صرفه بأية إجراءات ، بعد ثلاث سنوات ونيف من عرض صفقة القرن بدأت اليوم ملامح تجسيدات هذه الصفقة تظهر للعلن بعنوان جديد يحمل مسمى ( اتفاق أبراهام ) تم عبره كسب رصيد من المطبعين العرب لصالح مشروع الصفقة أكده حال الحكومة الجديدة لدولة الكيان التي سيطر عليها المتطرفون اليهود والعنصريون بمطلبهم في الكنيست الصهيوني طرد العنصر الفلسطيني وانفاذ قانون التهويد الذي يفضي إلى تنقية العرق كما يدعون، كانت البداية بقرار منع لم شمل الأسر الفلسطينية في الضفة والقطاع الذي كان ساري المفعول لفترة قريبة، وربطه بالتحرك الدبلوماسي مع الجانب الأردني والمصري لترتيب كيفية استيعاب الفلسطينيين الذين سيتم استبعادهم . هذا المشروع الذي تستكمل حلقاته اليوم ينسف مشروع فصل الدولتين الذي تتغنى به بعض الأطراف الفلسطينية بما فيها السلطة الفلسطينية.
وفي ذات السياق، مع دخول عام جديد على الثورة السورية المفوته والمكلومة بكل مفاعيلها ” 2011/2023 ” والتي باتت منسية نتيجة انشغال المتحكمين بإدارة أزمتها وعدم ايجاد الحلول لها من القوى الإقليمية والدولية الذين لهم مناطق نفوذ داخل الأراضي السورية تحمل مواصفات الاحتلال بأبشع صوره في انتهاك السيادة والسيطرة على قرار دائرة الرئاسة مضافا إلى ذلك نهب الثروات الباطنية وسرقة واستنزاف مقدرات الوطن في الشمال السوري ( الأمريكي وإدارة الأمر الواقع قسد) ، والعمل بأسلوب الموت الرحيم الذي يمارسه الإيراني داخل نسيج المجتمع السوري في العديد من المحافظات السورية بأسلوب التغيير الديمغرافي المكشوف والفاضح عبر شراء العقارات والأراضي، وأخيرا خاتمة الأثافي جاء الطلب الإيراني من الدولة السورية مقابل انقاذها من شح وفقدان المواد البترولية وتقليل حدة التضخم الغير مسبوق الذي عكس نفسه في كافة المستويات، المطلب المساوم ( إعطاء الأرض مقابل النفط وتم تحديد المناطق التي سيتم الاستيلاء عليها واعتبارها بمثابة مربع امني لها ). وفي ذات السياق لا يمكن أن ننسى تقاسم النفوذ بين الروسي والإيراني الذي شمل حتى توازع القطعات العسكرية” للجيش العربي السوري ” فيما بينهم ليس بالتشارك انما بالسيطرة ، ومؤخرا طالب الجانب الإيراني من الروس اشراكهم في الاجتماعات التي تتم بين الاطراف التركي والسوري التي تهدف//المصالحة وتطبيع العلاقات مع النظام / نضيف إلى كل هذا ما تعانيه سورية من انهيار الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي بدأ يتردى إلى أسوأ حالاته وبشكل غير مسبوق في التاريخ الحديث لبلد لها أهميتها الجيوسياسية والجيوغرافية في المنطقة وعلى مستوى العالم. جاء الزلزال المدمر ليضيف نكبة جديدة لمعاناة الشعب السوري في تغريبتها التي طال أمدها وفاقت بحدتها حتى تغريبة الشعب الفلسطيني ومعاناتهم لسبعين عاما ونيف.
بعد هذه النكبة/ الزلزال الذي حصد الأرواح والمباني السكنية في العديد من المناطق السورية وكان النصيب الأكبر في الأضرار “مدينة حلب” يتبادر السؤال:
إلى متى تستمر هذه المحنة في إحكام حلقاتها المأساوية على شعبنا؟؟ وهل ستبقى القوى المتدخلة مستمرة في شراهتها حول مكاسبها في جغرافية الوطن وصراعها حول مصالحها؟؟
نترك الإجابة للزمن واهوال الطبيعة العنصر المضاف إلى هذه المحنة.