المصدر: صحيفة هآرتس
الكاتب: Nabhan Khraishi موقع الخنادق
الثلاثاء 06 شباط , 2024
الرئيس محمود عباس-يحي السنوار
بدأت تتكشّف خطط اليوم التالي من حرب غزة، في ظل ارتفاع شعبية حماس داخل القطاع وفي الضفة، وانحسار شعبية شخص محمود عباس والسلطة الفلسطينية الحالية، التي ستحاول الولايات المتحدة إعادة تنشيطها لحكم القطاع، بهدف استبعاد حماس عن المشهد السياسي. في هذا إطار، نشرت صحيفة هآرتس مقالاً ترجمه موقع “الخنادق” تحت عنوان ” لماذا خطة الولايات المتحدة لتهميش حماس في غزة ما بعد الحرب محكوم عليها بالفشل؟”. يشير المقال إلى التجاذبات الأميركية الإسرائيلية في موضوع الحكم السياسي لغزة، واستحالة إبعاد حماس عن الحكم السياسي لغزة بعد أن أصبحت “لاعباً سياسياً بارزاً في الساحتين المحلية والإقليمية”.
النص المترجم للمقال:
لماذا خطة الولايات المتحدة لتهميش حماس في غزة ما بعد الحرب محكوم عليها بالفشل؟
من غير المرجح أن “تكسب” إسرائيل الحرب في غزة: يبدو من المرجح أن تخرج حماس من السيطرة وبدعم شعبي كاسح. هذه مشكلة بالنسبة للخطة التي تقودها الولايات المتحدة لرفض حماس و “تنشيط” السلطة الفلسطينية المحاصرة مكانها. وبحسب ما ورد لدى الولايات المتحدة خطة “لتنشيط” السلطة الفلسطينية المحاصرة على أمل أن تتمكن من بث حياة جديدة – وشرعية فيها – في كل من الضفة الغربية وحكم قطاع غزة بعد الحرب أيضاً.
حتى الآن، أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية المرحلة الأولى من تنفيذ إصلاحات واسعة النطاق عبر حكومته. أضف إلى ذلك، ورد أنه جرى اجتماع سري عقد مؤخراً مع كبار مسؤولي الأمن القومي السعودي والمصري والأردني والفلسطيني (السلطة الفلسطينية) تحدثوا فيه عن كيفية جعل هذه الرؤية ممكنة. لكن الخطة الأمريكية تواجه عقبات كبيرة، ربما في المقام الأول رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو السماح للسلطة الفلسطينية – التي طُردت من قطاع غزة في عام 2007 – بالعودة إلى هناك بمجرد انتهاء الحرب الإسرائيلية مع حماس، التي دخلت الآن شهرها الرابع.
على مدى السنوات 17 الماضية، ومعظمها تحت إشراف نتنياهو، عملت إسرائيل باستمرار على منع إعادة التوحيد السياسي لغزة والضفة الغربية، مفضلة قيادة منقسمة ضعيفة، لا تستطيع تمثيل جبهة موحدة. وإذا ضغطت الولايات المتحدة على نتنياهو للرد على خطتهم لإعادة تأهيل السلطة الفلسطينية، فمن المرجح أن يماطل حتى نهاية الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر 2024 آملاً بأن يفوز ترامب على بايدن.
هناك عقبة أخرى أمام الخطة وهي الاحتمال الحقيقي بأن لا تكسب إسرائيل الحرب في قطاع غزة، وأن يستمر الوجود السياسي والعسكري لحماس هناك. بعد ما يقرب من أربعة أشهر من الحرب، من غير المرجح أن تتحقق أهداف إسرائيل المعلنة باقتلاع حماس. لا تزل حماس تقاتل وتتفاوض مع إسرائيل بشأن تبادل الأسرى. وحتى لو افترضنا أن حماس قد ضعفت عسكرياً؛ الحقيقة هي أنها ستظل لاعباً سياسياً بارزاً في الساحتين المحلية والإقليمية، تماماً كما فعلت منظمة التحرير الفلسطينية بعد نزع سلاحها في حرب لبنان عام 1982. بعد 11 عاما من الحرب اللبنانية، وقّعت إسرائيل اتفاق أوسلو مع منظمة التحرير الفلسطينية، مما أدى إلى إنشاء السلطة الفلسطينية.
في استطلاع للرأي العام أجراه مؤخراً المركز الفلسطيني لأبحاث السياسة والمسح (PSR)، أيد حوالي 90 في المائة من المستجيبين استقالة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ودعا 60 في المائة إلى تفكيك السلطة الفلسطينية نفسها. ومع ذلك، لا تزال الولايات المتحدة تدعم السلطة الفلسطينية، ولكن مع تجديدها لحل مشكلة شرعيتها. حتى لو نجح هذا الجهد، فمن غير المرجح أن يكون تكرار جديد للسلطة الفلسطينية مستداماً.
حركة فتح، جنباً إلى جنب مع الدول العربية النشطة في الشؤون الفلسطينية والولايات المتحدة، لن تخاطر بإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في الضفة الغربية وقطاع غزة لأن حماس، التي ستظل قوة كبيرة في السياسة المحلية من المرجح أن تفوز بسبب شعبيتها العالية بين الفلسطينيين بسبب مقاومتها القوية ضد القوات الإسرائيلية في معارك غزة.
في حديثه على النهج الأمريكي لليوم التالي لانتهاء حرب غزة، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر في ديسمبر أن “إصلاح السلطة الفلسطينية وتنشيطها هو السبيل للتحرك نحو توحيد الضفة الغربية وقطاع غزة وحكمهما لأن السلطة الحالية في وضع لا يمكنها إدارتهما ولا تستطيع توفير ضمانات أمنية لغزة”.
إن التحديات التي تنتظر السلطة الفلسطينية شديدة، وهي تعتبر سلطة فاسدة حيث لا تحظى بشعبية كبيرة من قبل العديد من الفلسطينيين. شيء آخر يجب مراعاته: هذه الخطة الأمريكية لإنقاذ السلطة الفلسطينية، لن تستمر إذا توفي رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أو أصيب بمرض شديد بحيث لا يستطيع القيام بواجباته. في هذه الحالة، ماذا سيحدث؟ كما تعاني حركة فتح، وهي الحزب الحاكم في السلطة الفلسطينية، من أزمات عميقة ومنافسة بين كبار قادتها لخلافة عباس. التوترات عالية هناك لدرجة أن الصراع على السلطة قد يؤدي حتى إلى صراع مسلح داخلي. في مثل هذا السيناريو، ستملأ حماس، بشعبيتها الساحقة بعد الحرب في غزة، الفراغ.
من المهم أيضاً ملاحظة أن أمريكا تدخلت في هذه الخطة، عندما أصبح من الواضح أن الدول العربية لم تكن تخطط للمساعدة في إدارة غزة بعد الحرب. تأمل إدارة بايدن، في طمأنة الناخبين العرب والمسلمين في الولايات المتحدة، عبر القول بأنها تعمل على ضمان عدم احتلال إسرائيل لقطاع غزة بشكل دائم. لكن حماس سترفض أي خطة ليست طرفاً فيها. ومن المرجح أن تتحالف مع القادة الذين انشقّوا عن حركة فتح، مثل محمد دحلان وناصر القدوة، لتشكيل كيان ما بعد الحرب قد لا تكون رسمياً جزءاً منه، لكنها ستظل مؤثرة بشكل كبير عليه.