الكاتب: موقع الخنادق – غرفة التحرير
الثلاثاء 27 شباط , 2024
الاعتداء على النساء الفلسطينيات
مع تصاعد وتيرة الانتهاكات الجسيمة التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في حق المدنيين في قطاع غزة والضفة الغربية، ترتفع أيضاً وتيرة الاعتداءات على النساء، والتي تتضمن اعتداءات جنسية وجرائم اغتصاب وإخفاء قسري، وتعتبر التقارير الأممية التي أطلقها الخبراء المعينين من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والتي تحدثت صراحة عن ارتكاب جنود الاحتلال لانتهاكات واعتداءات جنسية ضد النساء والفتيات في قطاع غزة والضفة الغربية، ذات مصداق وواقعية، خصوصاً أنها مبنية على شهادات موثّقة للعديد من عمليات الاعتداء التي حصلت والتي تنذر المجتمع الدولي بضرورة التدخل العاجل لكشف الممارسات الإجرامية واللاإنسانية واللاأخلاقية التي ينتهجها الاحتلال، وإضافة هذه الجرائم إلى سجل جرائم الإبادة الجماعية التي يتفق جلّ المجتمع الدولي اليوم بمؤسساته الحقوقية والقضائية على أنّ الكيان الإسرائيلي بترسانته العسكرية ضالع ومتورط فيها إلى أبعد الحدود.
حيثيات تقارير الأمم المتحدة حول الانتهاكات الجسيمة بحق النساء الفلسطينيات
يقول خبراء الأمم المتحدة إنهم رأوا “ادعاءات موثوقة” بأن نساء وفتيات فلسطينيات تعرضن لاعتداءات جنسية، بما في ذلك الاغتصاب، أثناء وجودهن في السجون الإسرائيلية، ويطالبون بإجراء تحقيق كامل. وحسب تقرير بصحيفة الغارديان، قالت لجنة الخبراء إن هناك أدلة على حالتي اغتصاب على الأقل، إلى جانب حالات أخرى من الإذلال الجنسي، والتهديد بالاغتصاب. وقالت ريم السالم، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالعنف ضد النساء والفتيات، إن المدى الحقيقي للعنف الجنسي قد يكون أعلى بكثير. وأضافت قائلة “قد لا نعرف لفترة طويلة العدد الفعلي للضحايا”. وأشارت إلى أن التكتّم في الإبلاغ عن الاعتداءات الجنسية أمر شائع بسبب الخوف من الانتقام، مشيرة إلى أنه في موجة اعتقال النساء والفتيات الفلسطينيات بعد اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كان هناك موقف متساهل بشكل متزايد تجاه الاعتداء الجنسي في مراكز الاعتقال الإسرائيلية. وقالت ريم التي عيّنها مجلس حقوق الإنسان الأممي مقرراً خاصاً في 2021، “أود أن أقول إن العنف وتجريد النساء والأطفال والمدنيين الفلسطينيين من إنسانيتهم، بشكل عام، أصبح أمراً طبيعياً طوال هذه الحرب”. كيف ظهرت هذه الاعتداءات؟
تفيد التقارير الأممية بأن نساء وفتيات فلسطينيات تعرضن للإعدام تعسفياً في غزة، غالباً مع أفراد من عائلاتهن، بما في ذلك أطفالهن.
– الاستهداف المتعمد والقتل خارج نطاق القضاء للنساء والأطفال الفلسطينيين في الأماكن التي لجأوا إليها، أو أثناء فرارهم. وقال الخبراء إن بعضهم كان يحمل قطعاً من القماش الأبيض عندما قتلهم الجيش الإسرائيلي أو القوات التابعة له.
– الاعتقال التعسفي لمئات النساء والفتيات الفلسطينيات، بما في ذلك المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والعاملين في المجال الإنساني، في غزة والضفة الغربية منذ بدء الصراع في 7 أكتوبر.
– تعرّض العديد من المعتقلات لمعاملة غير إنسانية ومهينة، وحُرمن من فوط الدورة الشهرية، والطعام والدواء، وتعرضن للضرب المبرح.
– احتجاز نساء فلسطينيات في غزة في قفص تحت المطر والبرد، دون طعام.
– الاعتداء الجنسي على النساء والفتيات أثناء الاحتجاز مثل تجريدهن من ملابسهن وتفتيشهن من قبل ضباط الجيش الإسرائيلي الذكور.
– ما لا يقل عن معتقلتين فلسطينيتين تعرضتا للاغتصاب بينما ورد أن أخريات تعرضن للتهديد بالاغتصاب والعنف الجنسي.
– التقاط جيش الاحتلال الصهيوني لصور مهينة للنساء والفتيات وتحميلها على الإنترنت.
– الاختفاء القسري لعدد غير معروف من النساء والأطفال الفلسطينيين، بما في ذلك الفتيات، بعد الاتصال بالجيش الإسرائيلي في غزة.
– رضيعة واحدة على الأقل نقلها الجيش الإسرائيلي قسراً إلى داخل الكيان، وعن فصل أطفال عن والديهم، ولا يزال مكان وجودهم مجهولاً.
المطلوب من المجتمع الدولي ومن المؤسسات الدولية: التحرك الفوري من أجل وقف هذه الاعتداءات والانتهاكات الجسيمة في حق النساء والفتيات والأطفال لأنها تشكّل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وتصل إلى مستوى الجرائم الخطيرة بموجب القانون الجنائي الدولي التي يمكن مقاضاتها بموجب نظام روما الأساسي.
ثبوت المسؤولية الجنائية الدولية يستوجب المحاسبة والعقاب
هذه الجرائم المذكورة تضاف إلى جملة من الانتهاكات الأخرى التي ارتبطت بأفعال الإبادة الجماعية والتي أثارتها دولة جنوب أفريقيا في الدعوى المرفوعة أمام محكمة العدل الدولية بشأن اتخاذ التدابير المستعجلة في إطار الانتهاك لاتفاقية منع الإبادة الجماعيّة. وتتعزّز هذه الدعاوى اليوم بالتقارير الدولية التي أفادت بتعرض نساء وفتيات فلسطينيات بغزة للضرب أو الاعتقال أو الإهانة أو الاغتصاب أو الإعدام على يد ضباط إسرائيليين، واعتبارهم أهداف “عسكرية”.
من الضروري تفعيل هذه التقارير الأممية بتحقيق دولي محايد يدعم الوقائع والشهادات الحيّة للعديد من الضحايا الذين قدّموا إفادات تفنّد مزاعم الاحتلال الذي أنكر قيام جنوده بتلك الجرائم، على الرغم من الإثباتات والقرائن الواضحة. كما تجدر الإشارة أيضا إلى أنّ التقارير الأممية الصادرة عن خبراء يتمتعون بمهنية فائقة، ويتمتعون بمصداقية كبيرة على المستوى الدولي. بالتأكيد هذه الخطوة ستكون دليل إضافي واضح على جريمة الإبادة والتطهير العرقي التي يرتكبها الاحتلال بقيادة مجرم الحرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وجيشه ضد الشعب الفلسطيني.
الأسرى في سجون الاحتلال: إبادة بطيئة بالتعذيب
تبحث السلطات الإسرائيلية جاهدة للعثور على أماكن جديدة لإيواء الفلسطينيين الأسرى بعد أن ضاقت السجون بسبب الاعتقالات الواسعة التي شملت مختلف المناطق الفلسطينية المحتلة خاصة الضفة الغربية. بعد أن تجاوز عدد المعتقلين بعد 7 أكتوبر الـ 8600 أسير. حيث قدمت مصلحة السجون الإسرائيلية إلى الكنيست لإضافة 888 زنزانة في 7 سجون لتأمين مكاناً لأعداد أكبر من الأسرى.
ركزت السلطات الإسرائيلية مع ادراكها الأولي لما جرى في عملية “طوفان الأقصى” على اعتقال أكبر عدد من الفلسطينيين لتحقيق هدفين. الأول، وأد أي تحرك او امتداد للعملية خارج قطاع غزة. والثاني، رفع عدد المعتقلين لاستغلالهم في أي صفقة تبادل مع الاسرى الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية.
وبحسب صحيفة “كالكاليست” العبرية فإن “حوالي 91٪ من السجناء الفلسطينيين محتجزون حاليا في ظروف لا تفي بمتطلبات المحكمة العليا بتوفير الحد الأدنى من مساحة المعيشة”. وهذا ما أكدته أيضاً، منظمة “أطباء من أجل حقوق الإنسان الإسرائيلية” التي كشفت عن عشرات الشهادات المتعلقة بالانتهاكات الإسرائيلية بما في ذلك الضرب وسوء المعاملة والإهانات الجنسية والإهمال الطبي للمعتقلين الفلسطينيين منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة”. مشددة على أن “العنف الشديد الذي يتعرّض له المحتجزون الفلسطينيون يرقى إلى تعريف التعذيب وفقاً لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ظروف المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة”.
وفي شهادات جديدة وثقها المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أفادت “المعتقلات الفلسطينيات من قطاع غزة بتعرضهن للعنف الجنسي والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية والتفتيش العاري والتحرش الجنسي والتهديد بالاغتصاب أثناء اعتقالهن واحتجازهن من قبل قوات الجيش الإسرائيلي”.
ووفقا لشهادات المعتقلات اللواتي أفرج عنهن مؤخراً بعد فترات احتجاز مختلفة، “فقد تعرضن لمعاملة قاسية تصل إلى حد التعذيب، بما في ذلك الضرب، والتهديد بالاغتصاب إذا عصين الأوامر، والتعري القسري، والتفتيش العاري أمام الجنود الذكور، والتحرش اللفظي”.
وأجرى فريق المركز مقابلات شخصية مع عشرات النساء اللواتي أبلغن عن تعرضهن للتحرش اللفظي والجنسي. وتعتقد المنظمة الحقوقية أن “عدداً أكبر من المعتقلات تعرضن على الأرجح لانتهاكات مماثلة، لكنهن غير مرتاحات للكشف عن معلومات حول الجرائم بسبب الأعراف الاجتماعية أو الصدمات أو المخاوف المتعلقة بالسلامة، بما في ذلك الاضطهاد أو الموت على أيدي الجيش الإسرائيلي”.
ويتزايد عدد الأسرى الشهداء الذين يلقون حتفهم نتيجة التعذيب كل يوم. حيث أفادت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني، ارتفاع عدد الشهداء الأسرى إلى 10، من بينهم أسير من قطاع غزة في “عيادة سجن الرملة”.
وأكدت جمعيات شؤون الأسرى الفلسطينيين أن الشهيد كان يعاني من إعاقة حركية سابقة قبل اعتقاله. وكانت إدارة سجن الاحتلال نقلته إلى “عيادة سجن الرملة” قبل نحو شهر، ووصل في ظروف صحية حرجة بسبب التعذيب، الذي تسبب بجروح بالغة في جسده، بحسب ما نقله أحد المحامين الذين زاروا المعتقلين في السجن.
يرى كيان الاحتلال بالسجون مكاناً يوفر له فرصة التنكيل والتعذيب بعيداً عن أعين الصحافة وعدسات الكاميرات. وتشير هيئة شؤون الأسرى والمحررين إلى أساليب تعتمدها مصلحة السجون في تعذيب الأسرى منذ لحظة اعتقالهم حتى وصولهم إلى السجن. وتصف الهيئة الوضع في السجون “بالكارثي”. مؤكدة على أن اكتظاظ الزنازين يجبر السجناء على النوم على الأرض، حيث لا تتوفر الفرش والملابس والبطانيات. يقترن هذا باستحالة إغلاق النافذة، حيث إنها مساحة في الحائط مبطنة بقضبان معدنية، مما يحافظ على برودة ثقب الزنزانة. عندما تمطر، تتسرب المياه إلى الزنازين، وتشكل بركاً ينام فيها السجناء.
ويسلط التقرير مزيدا من الضوء على أساليب التعذيب التي يستخدمها الحراس الإسرائيليون. “يطرق حراس السجن الأبواب في منتصف الليل لإيقاظ السجناء وحرمانهم من النوم، وأحيانا يذهبون إلى حد إجبارهم على الخروج إلى أرض السجن، واصطفافهم، وإبقائهم سيراً على الأقدام دون سبب. ومن الجدير بالذكر أنه لا يتم أخذ أي اعتبار للحالات الطبية بين السجناء، حيث يتم إهمالها عمداً.