خالد بابللي – صحيفة حبر
في فبراير 14, 2025
في ظل التغيرات السياسية والاقتصادية الجديدة في سورية، ونجاح الثورة ودخول سورية عهد جديد من العمل الاقتصادي السليم والفاعل تبرز الحاجة إلى إعادة هيكلة الاقتصاد وتعزيز بيئة الأعمال لدعم الانتعاش الاقتصادي. ورغم وجود الغرف التجارية والصناعية والزراعية كمؤسسات رسمية، فإن تشكيل تجمعات اقتصادية جديدة سيكون أداة فعالة في هذه المرحلة.وخاصة ان هذه التجمعات كانت مغيبة في ظل النظام البائد ولكن هل يمكن أن تسهم هذه التجمعات في دعم الاقتصاد السوري؟ وهل ستكون مكملة للغرف أم منافسة لها؟
الفرق بين الغرف الاقتصادية والتجمعات الاقتصادية
الغرف التجارية والصناعية والزراعية هي مؤسسات رسمية تنظم وفق القوانين الحكومية، وتتمثل وظيفتها في تسجيل الشركات، وتقديم الدعم القانوني والمالي، وتنظيم الفعاليات الاقتصادية وغيرها من النشاطات المفيدة والفاعلة .
التجمعات الاقتصادية هي كيانات منتظمة وفق نظم داخلية وهي أكثر مرونة، يمكن أن تكون جمعيات لرجال الأعمال، أو منصات استثمارية، أو تكتلات صناعية تعمل على تسهيل التعاون بين الشركات، وتحفيز الابتكار، وربط المشاريع الصغيرة بالكبيرة. وتسهيل توفير اليد العاملة والفنية والاشراف على تدريب الكوادر وتحفيز بيئة ريادة الاعمال وحواضن الاعمال
الحاجة إلى التجمعات الاقتصادية في سوريا
في ظل الظروف الحالية، تواجه سوريا تحديات كبيرة تشمل ضعف البنية التحتية الاقتصادية، ونقص التمويل، والعقوبات الاقتصادية، وتراجع الاستثمارات. لذا، فإن إنشاء تجمعات اقتصادية يمكن أن يساعد في:
تحفيز التعاون بين القطاعين العام والخاص من خلال بناء شراكات استراتيجية في مختلف القطاعات.
جذب الاستثمارات من خلال توفير بيئة أعمال أكثر ديناميكية ومرونة مقارنة بالغرف التقليدية.
تقديم الدعم للمشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تشكل العمود الفقري لأي اقتصاد ناشئ.
تعزيز الابتكار وريادة الأعمال عبر منصات تجمع المبتكرين ورواد الأعمال مع المستثمرين.
توفير بيئة لتدريب الكوادر الفنية وتعزيز التعاون المتبادل
أمثلة على تجمعات اقتصادية ناجحة يمكن الاستفادة منها
تركيا: لعبت جمعيات مثل MÜSİAD وTÜSİAD دوراً محورياً في دعم بيئة الأعمال والاقتصاد الوطني إلى جانب الغرف التجارية. وشكلت مبدأ اتنافسية في الأدوار لخدمة الاقتصاد
دبي: تعتمد على المناطق الحرة والتجمعات التجارية لتسريع النمو الاقتصادي.
ماليزيا: أنشأت تكتلات صناعية متخصصة في التكنولوجيا والزراعة والصناعات التحويلية، مما ساهم في نهضتها الاقتصادية.
تجمعات رجال الاعمال السوريين في تركيا
بعد قيام الثورة عام 2011 وخروج التجار والصناعيين الى تركيا ومصر والأردن كانت هناك الحاجة لتجميع تلك الكتلة في تجمعات تراعي مصالحها وتزيل المعوقات امام التجار والصناعيين وخاصة في تركيا لما تمتلكه من تجربة رائدة في هذا المجال وكان اول تأسيس لتجمع رجال ورواد الاعمال السوريين كانت في جمعية SIAD رجال ورواد الاعمال السوريين التي تأسست عام 2015 ووصل عدد الشركات المشتركة بها اكثر من 350 شركة سورية فاعلة في غازي عنتاب واستنبول ومرسين وعملت على عدة محاور من النشاطات وحققت الكثير من الفوائد والخدمات لاعضائها وكانت صلة الوصل بين الحكومة التركية الممثلة بالغرف التجارية وبين الصناعيين والتجار السوريين
كما قامت الجمعية بعمل مشاريع لتدريب رواد الاعمال السوريين حديثي التخرج للدخول في سوق العمل وانشاء مشاريعهم الريادية.
وقامت الجمعية بعمل بروتكول لتخصيص الصناعيين في المدينة الصناعية في شانلي اورفة بأسعار معقولة وخدمات كاملة ثم تشكلت العديد من التجمعات الاقتصادية السورية الأخرى في استنبول وغازي عنتاب وعدة مدن تركية أخرى تتبع لنفس النهج في تأمين التعاون والخدمات لاعضائها.
هل تدعم التجمعات الاقتصادية الاقتصاد السوري بشكل عام؟
تعتبر التجمعات الاقتصادية أداة فعالة لدعم الاقتصاد السوري في هذه المرحلة، وذلك لتنمية العمل الجماعي و تنمية الحس الجمعي بين الصناعيين والتجار والتبادل التجاري والصناعي بينهم حيث لم يكون متاح في ظل النظام البائد أي تعاون جمعي بين هذه الشرائح وكانت فكرة المجتمع المدني غائبة بسبب الوضع الأمني الذي فرضه النظام البائد
ولكن ننصح أن يتم تنظيمها بطريقة تكاملية مع الغرف التجارية والصناعية والزراعية، وليس في إطار تنافسي يضعف المؤسسات القائمة. وذلك عبر النظم الداخلية التي تحكم تلك التجمعات ويمكن أن تساعد الاقتصاد السوري في:
- إعادة تأهيل الاقتصاد عبر تعزيز الاستثمارات والتعاون بين الشركات.
- توفير حلول عملية لمشاكل التمويل واللوجستيات عبر شبكات دعم متكاملة.
- خلق فرص عمل من خلال دعم المشاريع الناشئة والصغيرة والمتوسطة.
- الانفتاح على الأسواق الخارجية وتعزيز التعاون مع التجمعات الاقتصادية في الدول على المستوى الإقليمي والعالمي
التجمعات الاقتصادية ليست بديلاً عن الغرف التجارية والصناعية والزراعية، بل هي أداة تكميلية يمكن أن تساعد في تسريع عملية إعادة الإعمار الاقتصادي في سوريا. ومن خلال إنشاء تجمعات فعالة ومتخصصة، يمكن لسورية أن تستفيد من التجارب العالمية في دعم الانتعاش الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة.