إعداد : محمد علي صايغ
عاشراً: استراتيجيات التفاوض:
= تعريف الاستراتيجية:
الاستراتيجية خطة العمل الأساسية لإنجاز هدف ما. بينما التكتيكات هي الوسائل التي يتم بواسطتها تنفيذ تلك الخطة، وتعتبر الاستراتيجية في المفاوضات بأنها عملية التخطيط والتوجيه نحو الأهداف. فلا تفاوض ناجح بدون استراتيجية علمية تقوم عليه، وفى الوقت نفسه ليست كل استراتيجية تفاوضية تعد مناسبة لكل قضية من القضايا التي يتم التفاوض عليها، بل إن طبيعة العلاقة بين أطراف القضية التفاوضية تلعب دوراً مهما في اختيار هذه الاستراتيجية، فالعملية التفاوضية تقوم أساساً على تحديد المواقف بين الأطراف، وفى الوقت نفسه فإنها عملية منظمة، لها شروطها ولها قواعدها ولها قوانين معينة مرسومة مسبقاً، ويتحتم على من يرغب في خوضها الالتزام بتلك القواعد وتلك الشروط.
وللتسهيل، فإنه يمكن القول إن طبيعة العلاقة بين طرفي التفاوض تحدد نوع المنهج المستخدم في العملية التفاوضية، والمنهج المستخدم يحدد الاستراتيجية المختارة، ومن ثم فإنه يمكن تقسيم الاستراتيجيات وفًقا للمناهج المختلفة للتفاوض، وقد رأينا أن العلاقة التفاوضية بين أطراف التفاوض لا تخرج عن كونها إما: علاقة مصلحة مشتركة أي تعاون، أو علاقة صراع قائمة على التنافس والعداء وهي ما يمكن عرضه فيما يلي:
أولاً = استراتيجيات منهج المصلحة المشتركة:
يقوم هذا المنهج على علاقة تعاون بين طرفين أو أكثر، يعمل كل طرف منهم على تعميق وزيادة هذا التعاون وجعله مثمراً لمصلحة كافة أطرافه ومن أجل ذلك تتبع في مفاوضاتها مجموعة من الاستراتيجيات أهمها ما يلي:
أولاً – استراتيجية التكامل:
يعنى التكامل هنا تطوير العلاقة بين طرفي التفاوض إلى درجة أن يصبح كل منهما مكملاً للآخر في كل شيء، بل قد يصل الأمر إلى أنهما يصبحان شخصاً واحداً مندمج المصالح والفوائد والكيان القانوني أحياناً، وذلك بهدف تعظيم الاستفادة من الفرص المتاحة أمام كل منهما سواء كان مادياً أو غير مادي، وهناك ثلاثة أشكال من التكامل:
أ- التكامل الخلفي:
ويتكون هذا البديل الاستراتيجي من قيام أحد الأطراف المتفاوضة بإيجاد علاقة أو رابطة مصلحية يتم من خلالها الاستفادة من ما يحوزه الطرف الآخر من مزايا وإمكانيات، سواء مادية أو بشرية أو إنتاجية… لإنتاج أو لتحقيق منفعة مشتركة تعود على الطرفين معاً، مما يقوى من قدرات الطرفين المتفاوضين أو من ربحيتهما ومن المنافع المشتركة التي يحوزانها معاً.
ب- التكامل الأمامي:
ويقوم التفاوض في هذه الحالة على تغيير نمط الإنتاج القائم أو تعديل بعض وحداته لإنتاج مواد جديدة تماماً أو إنتاج سلع وسيطة تدخل كمكونات في صناعات جديدة وهكذا…
ج- التكامل الأفقي:
ويتم هذا عن طريق توسيع نطاق المصلحة المشتركة بين الطرفين المتفاوضين بإضافة طرف ثالث أو أطراف جديدة إليها، ويكون من شأن هذه الإضافة زيادة فاعلية قدرات ومهارات المجموعة ككل وإنتاجيتها، مما يترتب عليها أن يحوز كل منهما مزايا ومنافع جديدة.
ثانياً- استراتيجية تطوير التعاون الحالي:
وتقوم هذه الاستراتيجية التفاوضية على الوصول إلى تحقيق مجموعة من الأهداف العليا التي تعمل على تطوير المصلحة المشتركة بين طرفي التفاوض وتوثيق أوجه التعاون بينهما، ويتم هذا عن طريق مجموعة من هذه الاستراتيجيات البديلة الفرعية، بحيث يمكن استخدام أي منها، أو بعضها، أو كلها لتحقيق هذه الأهداف العليا، وأهم هذه الاستراتيجيات ما يلي:
أ- توسيع مجالات التعاون:
وتتم هذه الاستراتيجية عن طريق إقناع الطرفين المتفاوضين بمد مجال التعاون إلى مجالات جديدة لم يكن التعاون بينهما قد وصل إليها من قبل، كأن تقوم شركة بالتفاوض مع موزعها الوحيد بمنحه حق التوزيع الخارجي بالإضافة للتوزيع الداخلي، أو تقوم بمنحه حق توزيع منتج تعتزم إنتاجه …إلخ.
ب- الارتقاء بدرجة التعاون:
وتقوم هذه الاستراتيجية البديلة على الارتقاء بالمرحلة التعاونية التي يعيشها طرفا التفاوض.
ج- استراتيجية تعميق العلاقة القائمة:
تقوم هذه الاستراتيجية على الوصول لمدى أكبر من التعاون بين طرفين أو أكثر تجمعهما أو تجمعهم مصلحة ما، حيث يقوم كل منهم بإحداث عمق في علاقته بالآخر.
د- استراتيجية توسيع نطاق التعاون إلى مجالات جديدة:
تعتمد هذه الاستراتيجية أساساً على الواقع التاريخي الطويل الممتد بين طرفي التفاوض، من حيث التعاون القائم بينهما، وتعدد وسائله، وتعدد مراحله وفقاً للظروف والمتغيرات التي مرا بها، ووفقاً لقدرات وطاقات كل منهما. ومن خلال إحساس كل منهما بأهمية وحتمية التعاون مع الآخر، وضرورة مد هذا التعاون وأبعاده مكاناً وزماناً.
ثالثاً – استراتيجيات منهج الصراع
. ……… يتبـــع ……….