المدارنت
الأخ بكر الحسيني
“المدارنت” / أكد “حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديموقراطي” في سوريا، أنه “تأييده دعم كل حوار يوقف نزيف دم الشعب العربي على أيّ ساحة ويهدر طاقاته”، داعيا “أبناء أمتنا العربية الى الحيطة والحذر من مشاريع التفرقة التي تفتح الباب أمام التدخل الخارجي”.
جاء ذلك في كلمة، ألقاها عضو المكتب السياسي للحزب، الأخ بكر الحسيني، في ذكرى انعقاد اللقاء السابع لـ ”ملتقى العروبيّين السوريّين”.
وقال الحسيني: “الأخوات والأخوة أعضاء ملتقى العروبيين السوريين الأفاضل.
تحية لكم من إخوانكم في “حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديموقراطي” في سوريا، قيادةً وأفراد، متمنين نجاح اللقاء السابع لـ ”ملتقى العروبيين السوريين”.
تحية لروح الأخ المناضل الراحل (الكاتب والشاعر العربي الصحافي) محمد خليفة، الذي وضع لبنة الأساس لهذا الملتقى الفكري الثقافي العروبي، في زمن تتعرض فيه العروبة لطعنات متتالية وتشويه مقصود منذ غياب الزعيم جمال عبد الناصر عن الساحة العربية والدولية عام 1970 مما دفع النظام الرسمي العربي في الانخراط بهذه المؤامرة بشكل مباشر أو غير مباشر حفاظاً على المنصب.
يلتئم لقاء اليوم، وما يزال الدم السوري مهدوراً ومعاناة أهلنا على كامل التراب السورية مستمرة وخاصة في الشمال السوري المحتل المنتهك من قبل النظام السوري و من يفترض أنهم ضامنين ضاربين بعرض الحائط كل قرارات مجلس الامن الخاصة بسوريا، ومن يدفع ثمن هذا الاستهتار هم المدنيين والمهجرين عن بيوتهم والمعتقلين المغيبين دون أن يعرف عنهم ذويهم أي خبر.
وفي الشأن العربي، نراقب جميعاً العدوان المستمر على شعبنا العربي الفلسطيني في غزة على إثر العمل البطولي للمقاومة الفلسطينية يوم 7 اكتوبر والعالم كله يواطئ مع الكيان الصهيوني لأكثر من خمسة أشهر وعدد الشهداء تجاوز الثلاثين ألف والجرحى فوق الثمانين الفاً.
إن القضية الفلسطينية تبقى القضية المركزية والمحورية في رؤيتنا، وفي عمق تفكير كل العروبيين، وهي الحجر الأساس في أي نهوض وحدوي، وبوجود الكيان الصهيوني في فلسطين، ستبقى أمتنا وقواها القومية والوطنية تعاني من أزمات متلاحقة، وستبقى قضية الوحدة العربية مشروعاً مؤجلاً، في ظل استمرار وجود الكيان الصهيوني ومؤامراته – بالتحالف مع القوى الدولية الداعمة له – على وجود أمتنا ووحدتها ..
وفي خضم الصراع العالمي على المصالح، وفي ظل النظام العالمي المأزوم في بنيته وبنيانه، يتصاعد الصراع العربي “الاسرائيلي”، أو لنقل بوضوح الصراع الفلسطيني “الاسرائيلي” بعد الانفتاح الرسمي العربي بالتطبيع مع “إسرائيل”، الذي انتقل من خلف الكواليس إلى الشكل العلني في معظمه ..
الكيان الصهيوني أيضا كيان مأزوم كجزء من أزمة النظام العالمي ، ويعيش منذ تأسيس كيانه وخاصة في هذه اللحظة التاريخية في أزمة وجودية… والصراع داخل الكيان الاسرائيلي متعدد الأوجه ، وعلى رأس ذلك يتفاعل الصراع اليوم بين اليمين واليمين المتطرف الديني من جهة، وبقية القوى العلمانية والمعتدلة وغيرها من القوى التي ترى في صعود اليمين خطراً على الدولة الصهيونية وعليها أيضاً، إضافة الى الصراع القديم الجديد بين مكونات الكيان “الإسرائيلي” الذين جاءوا مهاجرين من دول وبيئات متعددة واستوطنوا في فلسطين، قد أدى الى تعميق الانقسام في المجتمع الصهيوني، وأظهر عمق التمييز الواضح في المجتمع “الإسرائيلي” بين اليهود الغربيين واليهود الشرقيين.
في إطار هذا الواقع المأزوم للكيان الصهيوني، ومن خلفه النظام الدولي، وفي ظل إيغال هذا الكيان في قضم الأراضي ومصادرتها، وبناء المستوطنات وتهجير الفلسطينيين، ثم القتل اليومي المتواصل، والتدمير الممنهج على مراحل لاستنزاف الشعب الفلسطيني وقواه المقاومة في أكبر عملية ترسيخ لنظام فصل عنصري بعد الحرب العالمية الثانية .. في ظل كل ذلك، كانت عملية “طوفان الأقصى” الرد الطبيعي على هذا الفعل والسلوك الصهيوني الممنهج، في مواجهة الشعب الفلسطيني .. وقد أثبت الشعب الفلسطيني تجذره في الأرض الفلسطينية، وبأنه يملك فعلاً مخزون هائل لا ينضب من الصمود والإصرار على التمسك بحقه وقضيته، واستعداد دائم للمقاومة والانتفاض من أجل الدفاع عن حياته وأرضه.
ومن هنا نرى هذا الجنون الصهيوني المنفلت بلا حدود، وهذا الجحيم من العنف والقتل والتدمير الشامل الذي يفرغه الكيان الصهيوني على شعبنا الفلسطيني في غزة تعبيراً عن أزمته الوجودية، وقناعته بأن الانتصار أو الانكسار في غزة مسألة وجودية لكيانه ومستقبله.
ولا أريد أن أدخل في تفاصيل الأحداث أثناء وبعد عملية طوفان الاقصىٰ وما سطرته هذه العملية من قدرات على الابتكار في المواجهة، وقدرات في التخطيط والتنفيذ… كما لا أريد أن أقف أيضا على رد الفعل للكيان الصهيوني الهمجي العنيف، والمجرد من أدنى أي روحية إنسانية يفترض وجودها بالبشر، وتشاهدون كل ذلك على شاشات التلفاز وفي الاقنية الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي ..
ولكن بالتأكيد هناك الكثير من الاسئلة تدور في عقول الكثيرين منا وتحتاج لإجابات: ماذا بعد عملية “طوفان الأقصى”؟ وهل من الممكن أن تفرض أوضاعاً جديدة على العالم بخصوص القضية الفلسطينية؟
ما هي نتائج نجاح العملية وصمود قوى المقاومة؟ وماهي نتائج فشل العملية برمتها؟ ثم ما هو التصور للمخططات التي قد ترسم سواء بنجاح العملية أم فشلها؟ وهل يمكن أن تكون عملية “طوفان الأقصى” مدخلا إجباريا لحلّ الدولتين؟ أم أن مخططات التهجير للغزاويين نتيجة الهجوم “الاسرائيلي” العنيف على غزة ستؤدي الى إخلاء غزة من سكانها والدفع بهم الى سيناء ليتحول نزوحهم الى نزوح دائم؟ أم سيتم العمل على مخطط آخر قد يتجه إلى ضم غزة لمصر وتحويلها إلى شكل من أشكال الكونفدرالية مع مصر، وكذلك ضم الضفة الغربية إلى الأردن واعتبارها كونفدرالية مع الأردن؟
والتساؤل الأكثر أهمية، أنه في ظل التطبيع العربي، وارتهان قرارات الانظمة العربية للخارج، ودورانها بفلك الإملاءات الأمريكية/ الغربية، ما هو مصير التطبيع بعد عملية طوفان الأقصى بعد أن خطى التطبيع خطواته الأولى الواضحة؟ ثم في ظل تغييب الشعوب العربية في أن تفرض موقفها وكلمتها ..
كيف يمكن النهوض بشعبنا وبالشعوب العربية ليكون لها دور مؤثر في قضاياها ومستقبلها؟ وكيف يمكن أن يكون لها دورها في رسم سياسات دولها في قضاياها المركزية والمصيرية؟ أسئلة كبيرة ومعقدة بحاجة لحوار مفتوح، وبالتأكيد لديكم أسئلة أخرى كثيرة تدور في هذا الاتجاه أو ذاك .. وقد لا يمكن تغطية الإجابة عليها بجلسة اليوم .. لكن من المهم جداً التفكير الجدي فيها .. لعل الوصول إلى إجابات توافقية أو متوافقة تكون بابا لفهم أو وعي أحوالنا المأساوية، وتكون مقدمة لوعي متقدم لا يكتفي بالتوصيف بل ويتقدم الى تقديم تصور للنهوض بوطننا وأمتنا.
كما أننا ومن الواجب القومي علينا التطرق لأزمة السودان الشقيق والاقتتال بين الأطراف السودانية حيث يرى كل منهم نفسه وصياً على السودانيين متذرعاً بحجج يدافع بها عن وجهة نظره، إننا نوجه رسالة رجاء لهم جميعاً أن يغلبوا مصلحة السودان عن مصالحهم الضيقة وأن يتذكروا أن الفرقة والاستبداد دفع جنوب السودان العزيز للانفصال عنهم بالأمس القريب فكل هذا التربص بأمتنا العربية يجب أخذه بعين الاعتبار.
أننا في “حزب الاتحاد العربي الاشتراكي الديموقراطي” في سوريا، ندعم كل حوار يوقف نزيف دم الشعب العربي على أيّ ساحة ويهدر طاقاته، وندعو أبناء أمتنا العربية للحيطة والحذر من كل مشاريع التفرقة التي تفتح الباب أمام التدخل الخارجي في شؤوننا الداخلية لبلداننا العربية، عشتم وعاشت أمتنا العربية، والرحمة للشهداء في سوريا وفلسطين وكل مكان
والشفاء للجرحى، والحرية للمعتقلين، والعودة الآمنة للمهجرين”.