ميعاد مبارك
القدس العربي
الأربعاء , 23 أكتوبر , 2024
سودانيون نازحون من بلدة سنجة يصطفون للحصول على حصص غذائية في مخيمهم المؤقت بمدينة القضارف الشرقية
الخرطوم- «القدس العربي»: احتدمت وتيرة المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة وسط السودان، في وقت أكدت لجان المقاومة مقتل 60 شخصاً على الأقل خلال العمليات العسكرية المتصاعدة في المحور الشرقي للولاية. وفي مدينة أمدرمان غرب العاصمة السودانية الخرطوم، أعلنت وزارة الصحة السودانية مقتل طفلة وإصابة 17 آخرين بينهم 8 أطفال.
وأودت هجمات الدعم السريع التي استهدفت مدينة رفاعة ومنطقة تمبول وقرى البويضة والعك والعزيبة، بحياة 27 شخصاً على الأقل حسب عمليات الرصد الأولية، حيث تعيق العمليات العسكرية أعمال إحصاء الضحايا الذين يتوقع أن تكون أعدادهم أكثر من ذلك.
وقالت لجان المقاومة في مدينة ود مدني إن الجيش نفذ غارة جوية طالت مسجد الشيخ الجيلي بامتداد الحي الغربي عقب أداء صلاة العشاء، مساء الإثنين، مشيرة إلى التعرف على 31 قتيلاً، بينما ما تزال العديد من الجثامين المتفحمة والممزقة مجهولة الهوية.
وفي الأثناء، قالت قوات الدعم السريع إنها صدت هجوماً نفذه الجيش على منطقة تمبول شرق ولاية الجزيرة، أمس الثلاثاء، مما أسفر عن مقتل أكثر من 370 مقاتلاً بينهم قائد متحرك الجيش، أحمد شاع الدين، بالإضافة إلى ضباط آخرين.
وقالت إن الهجوم نفذ بقوة كبيرة ضمن تكوينها مركبات تتبع لقائد قوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة، الذي استسلم مؤخراً للجيش، أبوعاقلة كيكل، مشيرة إلى استيلاء قواتها على أكثر من 60 عربة قتالية بكامل عتادها حسب الإحصائيات الأولية وتدمير أعداد كبيرة من مركبات الجيش بجانب استلام أسلحة متنوعة وكميات من الذخائر. وفي وقت نددت لجان المقاومة بما اعتبرتها حملات انتقامية تنفذها قوات الدعم السريع ضد المواطنين العزل، مما أسفر عن مقتل العشرات، حذرت القوات التي يتزعمها محمد حمدان دقلو “حميدتي” أن الإسلاميين يقومون بتحشيد القبائل والمكونات المجتمعية، في محاولة للزج بهم في الحرب.
وفي الساعات الأولى من صباح أمس الثلاثاء، أكدت مصادر تحدثت لـ”القدس العربي” فرض الجيش سيطرته على مدينة تمبول، شرق ولاية الجزيرة، حيث أجبرت قوات الدعم السريع على التراجع. إلا أن العمليات العسكرية ما تزال تشهد كراً وفراً بين الجانبين، حيث قالت قوات الدعم السريع إنها استعادت المنطقة مساء الثلاثاء.
وتتسارع الأحداث في ولاية الجزيرة، منذ الأحد، حيث أعلن الجيش انحياز القيادي في قوات الدعم السريع “أبو عاقلة كيكل” ومجموعة كبيرة من قواته، إلى صفوف القوات المسلحة السودانية.
وقاد “كيكل” قوات الدعم السريع التي استحوذت على ولاية الجزيرة وسط السودان في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، الأمر الذي ساهم في تمدد قوات الدعم وأحدث تغيرات عديدة في مجرى العمليات العسكرية، التي كانت إلى ذلك الوقت محصورة في العاصمة الخرطوم وإقليم دارفور غرب السودان.
وتلتقي في مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة التي تتوسط السودان، عدة طرق برية هامة، بداية بالطريق الذي يربطها بالعاصمة الخرطوم، الذي يبلغ طوله حوالي 184 كيلو متراً وصولاً إلى الطريق الرئيسي الذي يربطها بشرق السودان، عبر مدينتي القضارف وكسلا وميناء سواكن إلى ميناء بورتسودان المطل على البحر الأحمر بمسافة قدرها حوالي 950 كيلو متراً والذي يعد من أهم وأطول الطرق في السودان.
وكذلك، يمتد طريق آخر منها إلى مدينة سنار جنوباً بطول 110 كيلو مترات. فضلاً عن شبكة الطرق التي تربط “ود مدني” بمدن ولاية الجزيرة الأخرى بما يشمل مدن المناقل ورفاعة والحصاحيصا الذي يعود مرة أخرى إلى الخرطوم.
وتضم أراضيها، مشروع الجزيرة الذي يعد أكبر مشروع مروي في إفريقيا وأكبر مزرعة ذات إدارة موحدة في العالم. تتجاوز مساحته مليوني فدان.
وقالت لجان المقاومة إن قوات الدعم السريع اقتحمت المنازل شرق الجزيرة، بالتزامن مع المعارك العنيفة التي تشهدها المنطقة بغرض السرقة والنهب ونفذت حملات انتقامية شرسة تُعد الأقوى من نوعها في المنطقة، مشيرة إلى أنباء يجري التحقق منها حول انتهاكات جنسية واغتصابات استهدفت النساء فضلاً عن عمليات النهب الواسعة.
واتهمتها بتهجير الأهالي قسرياً في مدينة رفاعة شرق الجزيرة وإجبارهم على مغادرة منازلهم أو مواجهة الموت المحقق، مما دفع أغلب المواطنين إلى التوجه إلى القرى المتاخمة للمدينة “صفيته، الصقيعة، العزيبة، وغيرها من القرى”.
وشهدت قرى أخرى عمليات تهجير مشابهة بينها قرية الشرفة البحر وأجبر الأهالي على مغادرة منازلهم وتمت ملاحقتهم مرة أخرى من قبل قوات الدعم السريع مما أسفر عن وقوع جملة من الانتهاكات وسقوط عدد من الضحايا، بينما ما تزال عمليات الرصد جارية.
وقالت إن قرية دلوت البحر شهدت عمليات تدوين مدفعي نفذتها قوات الدعم السريع، بعد أن تمت مقاومتهم ومنعهم من الدخول بواسطة أبناء القرية. وأشارت إلى عودة الدعم السريع إلى مدينة تمبول وارتكاب مجزرة جديدة بعد انسحاب القوات المسلحة.
وقالت إن سلاح الجو نفذ بالتزامن طلعات جوية استهدفت منطقة المستشفى وقسم الشرطة في منطقة تمبول. وندد حزب الأمة القومي بالعمليات العسكرية العنيفة التي تشهدها ولاية الجزيرة، مندداً بإزهاق أرواح المدنيين الذين لا علاقة لهم بالمعارك الجارية.
وأستنكر قصف لسلاح الجو التابع للقوات المسلحة مسجداً بمدينة ود مدني، مما أسفر عن سقوط قتلى من المصلين المتواجدين بالمسجد وجرح آخرين، فضلاً عن المعارك التي شهدتها مدينة تمبول مما أدى إلى مقتل مواطنين وجرح آخرين.
وأشار إلى اجتياح قوات الدعم السريع عدداً من قرى ومدن شرق الجزيرة، بينها رفاعة، تمبول، الشرفة، صفيتة تيراب، العزيبة، البويضاء، الهلالية والعك، مما أسفر عن مقتل العديد من الأهالي، بجانب حالات النهب والسلب للأسواق والممتلكات والتخريب الذي طال عدداً من المرافق وفرار عدد كبير من الأسر إلى المجهول في ظروف يتعذر فيها التنقل وتنعدم فيها وسائل الحركة الآمنة.
وأدان حزب الأمة القومي بشدة استمرار الانتهاكات الجسيمة التي أدت إلى إزهاق أرواح المواطنين الذين لا علاقة لهم بهذه الحرب، داعياً المنظمات الحقوقية والدولية لرصد وإدانة هذه الانتهاكات.
وطالب القوات المسلحة وقوات الدعم السريع بعدم تحميل المواطنين الأبرياء نتائج حربهم، وتجنيبهم مخاطر القصف الجوي والمدفعي والاجتياحات غير المبررة للقرى والمدن التي ليست بها أي مظاهر عسكرية.