المرصد السوري لحقوق الانسان
٢٨ آب ٢٠٢٤
أكد المحامي محمد علي الصايغ، عضو المكتب التنفيذي في هيئة التنسيق، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الانسان، أن الصوملة تعني أن يكون كل شخص أو كل إنسان عدواً للآخر، وحل كل المشاكل يكون عن طريق العنف والحرب بعد غياب الدولة ويتساوى مفهوم الصوملة مع مفهوم ”الهوبزنة” نسبة إلى الفيلسوف توماس هوبز الذي أطلق ما يعرف بالعقد الاجتماعي كأساس لنشوء السلطة المدنية ، حيث يقول:
”إن الإنسان في حالة الفطرة حين لا يعود يعيش “الحالة الاجتماعية” التي تؤسس للدولة، فيضطر للعيش في حالة حرب مع كل إنسان” وإنهاء هذه الحالة لا يمكن أن تتم إلا بخروج الإنسان من الحالة اللاجتماعية إلى الحالة الاجتماعية وفق نواظم العقد الاجتماعي، لافتا إلى أن الحالة السورية وعبر حرب تجاوزت الثلاثة عشر عاماً ، أدت إلى شبه سقوط الدولة ، والوصول إلى ما يقترب كثيراً من الدولة الفاشلة ، لكن العوامل الداخلية من الموروث الثقافي إلى الموروث الديني إلى الانتماء الوطني وإن كان غير متجذر بما فيه الكفاية إلا أنه يمكن اعتباره عقد اجتماعي مضمر ، ولكنه بالتأكيد ليس عقد اجتماعي سياسي، يتوافق الشعب السوري وقواه السياسية على قواعد سياسية واجتماعية للسلطة والحكم، ” ثم إن الأطراف الدولية والإقليمية النافذة والمتدخلة في الصراع حالت دون وصول الأزمة السورية إلى ما يمكن تسميتها ” بالسورنة ” .. لأسباب تتعلق بمصالحها، وتتعلق أيضاً بما خبرته من تجربتها في الدول الأخرى كالعراق وليبيا.. وغيرها، والثمن الباهظ الذي ترتب على تلك التجارب، جعلت الدول تعمل على إضعاف النظام والمعارضة معاً دون أن يؤدي ذلك إلى سقوط الدولة وبالتالي الدخول في فوضى غير منضبطة وقد لا يمكن ضبطها، قد تؤول إلى صراعات أكثر عنفاً وعمقاً ليس بين الأشخاص وإنما ضمن المكونات السورية المتعددة والمتنوعة بما ينذر بحرب قد لا تنتهي وقد تنعكس في تبعاتها على السلم الإقليمي والدولي، في ظل انحيازات الدول لهذا الطرف أو ذاك.”
ويعتقد أن ما يجري في سورية إلى الآن لا أحد من كافة الأطراف المحلية والإقليمية والدولية يدفع باتجاه ”السورنة”، أما ما يقال عن أمراء الحرب والعصابات فإنه وإن كان موجود بعض مظاهرها، إلا أنه عندما كان أمراء الحرب في أوج قوتهم ودعمهم ويسيطرون على مساحات الأرض السورية لم تتحول سورية إلى ”السورنة”.
وأضاف: ” ولكن ما يجري اليوم بما يخص الأزمة السورية، لا زال العمل على إبقاء الملف السوري التفاوضي لإنجاز الحل السياسي في حالة تجميد ”في الفريزر”، مع محاولة كل طرف من الأطراف المتدخلة في سورية في كل مرحلة تحريك أوراق اللعب لديها عن طريق حروب صغيرة أو محدودة بالوكالة للضغط وتثبيت مواقع كل منها أو الامتداد بها بما يقوي حضوره ونفوذه .. ”
ووفق محدِّثنا، بكل الأحوال وبدون هذه ”السورنة”، فإن العملية السياسية في سورية في مستنقع لا يمكن الخروج منه إلا بحالتين : إما بضغط شعبي واسع نتيجة وصول الحالة السورية اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً إلى حالة مأساوية فظيعة لا تطاق ، ( من الملفت أنه حتى السلطة السورية هي بذاتها تعلن من خلال مسؤوليها بأنه ليس لديها حلول أو تصور لخروج البلد من المغطس الذي هي فيه )، وإما بتوافق دولي يالدفع باتجاه الانتقال السياسي عبر الضغط على الأطراف (النظام والمعارضة) لإنجاز الحل السياسي وفقاً للقرارات الدولية وفي مقدمتها القرار 2254، لكن فعلاً في ظل الظروف الراهنة، وهذا الاستنقاع السياسي للقضية السورية ، ومع استمرار تفاقم الأزمات المركبة والمتصاعدة في كافة المجالات دون الولوج بأي حل إنقاذي للبلاد ، فإن مستقبل سورية يبقى على ” كف عفريت ”، ومصيرها، ومصير وحدة الدولة السورية في انتظار المجهول