نور الواكي
من السذاجة القول بأن ما حدث صباح يوم الأحد هو مجرد مسرحية بين ايران واسرائيل ، ومن الخطأ التقليل من أهمية هذا الحدث في المنطقة في ظل كل الأحداث التي تشهدها منطقتنا العربية، والتطورات على مستوى العالم، فهو نقل الصراع بين اسرائيل وايران الى المواجهة وجها لوجه ، التي لم تكن معهودة، وتبادل الهجمات العسكرية المباشرة .
لقد استهدفت ايران اسرائيل لأول مرة في تاريخها من أرضها بشكل مباشر، وبوضوح شديد، ردا على استهداف قنصليتها في دمشق ،و سبق ذلك إعلان عن نية الهجوم وتوقيته في رسالة استعراضية، وتم وضع كل دول المنطقة بهده الحقيقة بما فيها حلفاء اسرائيل.
وهنا نتوقف عند بعض الملاحظات:
أولا: إن اسرائيل تعرضت لهجوم مباشر ، من قبل دولة في الاقليم وفي وضح النهار، وهذا لم يكن ليحدث قبل السابع من اكتوبر !
ثانيا: لم تستطع الولايات المتحدة الأمريكية منع هذا الهجوم وبكل ما لديها من امكانات سياسية واقتصادية وعسكرية، بل حاولت التقليل من أهميته، وبدل ذلك أخذت تتباها بأنها ساهمت في اسقاط الصواريخ والمسيرات وأنها استطاعت مع حلفائها، اسقاط أكثر من ٧٠ بالمئة من الوسائط العسكرية.
ثالثا: انكشاف اسرائيل أمام دول الإقليم وضعف أجهزتها الأمنية والعسكرية والاستخبارية وعجزها عن توقع رد فعل ايران، و أصبحت تبدو ككيان يمكن استهدافه، وتكبيده خسائر فادحة، وأنه كيان قائم بفعل الدعم الغربي له !
رابعا: التخبط الاسرائيلي الواضح والعاجز عن الرد المباشر على الرغم من امتلاكه اسلحة دمار شامل، وحلفاء أقوياء، ودخوله في دوامة محاولات مستميته لاستعادة الردع أمام دول الاقليم من استهدافه، بعد أن كان يروج لنفسه أنه قوة ضاربة لا يمكن المساس به، و استبدل ذلك كله بالمباهاة بقدرته على اسقاط ٩٩ بالمئة من الصواريخ والطائرات المسيرة !
خامسا: إن ادعاء اسرائيل بإسقاطها لمعظم الصواريخ لا ينفي بذات الوقت وصول بعضها إلى الداخل الاسرائيلي ، ووقوع خسائر ، لكن اسرائيل تتعمد اخفاء خسائرها حتى لا تمنح عدوها معلومات عن الأماكن المستهدفة وعن قدرته على تحقيق اصابات دقيقة ، مع ذلك أعلنت اسرائيل عن إصابة فتاة بدوية ، وحدوث حالات تدافع وهلع أدت لا صابات ، ولكن تشير بعض التقارير الى حدوث اصابات أكثر مما تم الإعلان عنه ، مثل مقتل ثلاث جنود في الشمال ، ادعت اسرائيل انهم قتلوا بلغم ، وايضا وقوع قتلى وجرحى قالت اسرائيل انه بسبب اندلاع حريق في وسط اسرائيل اثناء الهجوم .
سادسا: اسرائيل لم تستفد من هذا الحدث كثيرا على المستوى العالمي كما يقول البعض، فالفائدة الوحيدة هي استعادة التضامن الذي لم ينقطع اساسا من امريكا وحلفائه، بعد ان أظهروا بعض الامتعاض من سياسة نتنياهو.
أخيرا: لا بد من التذكير بأن الصراع الايراني مع اسرائيل، قد -وليس بالضرورة- أن يكون هدفه دعم فلسطين وتحريرها، وإنما قد يكون –وهذا ما أرجحه– هدفه السيطرة على المنطقة العربية، وتقاسم النفوذ، وهذا لا يمنع حقيقة أن المنطقة تشهد أحداثا وتغييرات لا بد من قراءتها والتوقف عند مدلولاتها!