تقرير منشور في مجلة كل العرب
لاشك ان من أهم أسئلة المستقبل العربي يأتي سؤال : التفتيت أم الوحدة؟.
فواقع الأمر يبدو أن أمورنا سائرة باتجاه التفتت ومزيد من الانقسام، وتلاشي الإرادة العربية في مواجهة عدونا الصهيوني، وخصوم الوحدة التاريخيين ( ايران وتركيا).
في ظل ظرف غريب وخارج سياق العقل والمنطق هو الاحتفاء غير الطبيعي بالتطبيع مع العدو الصهيوني… والتي تتبدى وكأنها ” اعتذاري” متأخرة عن عدائنا العدو المغتصب لقطعة عزيزة من أرض وطننا العربي… ويهدد مستقبلنا.
في ظل هذه الظروف الغريبة والشاذة والمنحرفة أتت ندوة الوحدة العربية التي عقدت في باريس في مساء السبت ٢٠٢١/١٠/١٤ وكأنها حدث خارج سياق الواقع العربي، وكأن موضوع “الوحدة العربية” موضوعا ينتمي لعالم الخيال العلمي غير قابل للتصديق.
شارك في هذه الندوة عدد من الوحدويين المقيمين في باريس من سبع دول عربية…. وحدويون يتحدثون لغة واحدة… ويحلمون حلما واحدا، وحدة الوطن العربي الكبير.
بدأت الندوة بالاستاذ علي المرعبي رئيس تحرير مجلة ” كل العرب” (من لبنان) والذي قام بتنظيم الندوة… بتقديم المداخلة الأولى في الحوار للدكتور صفوت حاتم (كاتب وباحث في شؤون الفكر العربي _من مصر) والذي قام باستعراض الفصل الأول من كتابه ” الوحدة العربية في القرن الواحد والعشرين” عن تجربة الوحدة الألمانية التي تمت في الثالث من أكتوبر / تشرين الاول ١٩٨٩ وألمح في مداخلته على ضرورة دراسة التجارب الوحدوية في التاريخ المعاصر…. وتطرق لتجربة الوحدة المصرية السورية عام ١٩٥٨ وتجربة الوحدة اليمنيه عام ١٩٩٠، وركز على ضرورة دراسة الظروف الدولية في امكانية تحقيق ( او تعويق) الوحدات السياسية… وان واجب الوحدويين ان يكونوا مستعدين وجاهزين للاستفادة من الظرف الدولي في حال توفره… منهيا مداخلته بأن الوحدة العربية هي بمثابة امتلاك العرب للسلاح النووي، فهي تجعل منهم أقوى دولة في العالم بظهيرها الأفريقي و الآسيوي والإسلامي… لذلك تقف قوى كثيرة أمام تحقيق الوحدة العربية وتخشى حدوثها.
وقام الاستاذ علي المرعبي بمداخلة ثانية عن دور العامل الخارجي في تعويق العمل إلى الوحدة العربية وان التحالف الأوروبي _ الأمريكي _ الصهيوني أحد الأسباب الرئيسية لإعطاب وتخريب الجهود العربية الوحدوية سواء من خلال تقسيم الوطن العربي بين إنجلترا وفرنسا في مؤامرة سايكس بيكو أو من خلال زرع الكيان الصهيوني في وسط الوطن العربي ليعمل على بقاء التجزئة والانقسام في الوطن… والعمل كذراع عسكري لضرب أي أنظمة قومية وتحويل الباقين كتابعين للمشروع الصهيوني، وتطرق في حديثه لمستقبل الاتحاد الأوروبي وهل يمكن أن ينهار أو يستمر رغم العوائق والمشاكل التي يتعرض لها.
وقام الأستاذ عبد الحي عبد السميع (صحفي من الجزائر) بالتأكيد على ضرورة الاستفادة من تجربة الاتحاد الأوروبي وتركيزه على الإهتمام بمصلحة المواطن الأوروبي، خصوصا الفوائد الاقتصادية التي يجنيها المواطن من هذا الاتحاد.
وقام الاستاذ فتحي بلحاج ( وزير التكوين المهني السابق _من تونس) بالتأكيد على أن الوحدة العربية هي حتمية تاريخية ولابد آتية، مع التشديد على اهمية العمل من أجلها، وانتقد اساليب العمل الوحدوي التي ما زالت تكرر نفس الألفاظ والشعارات منذ أكثر من ثلاثين سنة دون أن تقترب من هدف العمل الوحدوي الموحد، وألح في مداخلته على ضرورة الديمقراطية، والدعوة للعمل الديمقراطي، وأشار إلى تجربة حركة الشعب في تونس والتي استطاعت أن تطور من اسلوبها في العمل السياسي من مقعد واحد في البرلمان إلى خمسة عشر مقعدا في بضعة سنوات، وان الديمقراطية هي التي تؤهل العمل الوحدوي للوصول إلى الجماهير والتأثير فيها.
وقامت الاستاذة نورما العوضي (من سورية) بالتساؤل عن الدور الذي تلعبه الدول العربية ذات القوة الاقتصادية في عملية التوحيد القومي وهل هو محفز للوحدة العربية أم معوق لها.
وتساءل الاستاذ محمد الحريث (من سورية) عن دور دول الجوار كإيران وتركيا في تعويق التفاعل العربي، وتسأل عن دور الأحزاب الوحدوية الآن وهل ستنجح في نقل هدف الوحدة العربية للأجيال القادمة؟
أما الدكتور محمد الحداد ( من اليمن _مجاز في العلوم السياسية) فقد عاد إلى تجربة الوحدة اليمنية وأكد انه من الصعب فصم الوحدة اليمنيه رغم كل الجهود الانفصالية التي تبذلها بعض القوى الانفصالية.
وتحدث الدكتور نوار عطفة (طبيب قلب _ سورية) عن ضرورة إعادة تشكيل العقل العربي ليستلهم بعث أفكار المفكرين العرب الوحدويين الذين ساهموا في إثراء الفكر الوحدوي العلمي، وضرورة التعامل مع العامل الدولي بعقلانية، وشدد على مسألة الديمقراطية في تجربة العمل الوحدوي وان الاستبداد أهم عائق أمام انطلاق الشعب العربي نحو الوحدة العربية.
أما الاستاذ أديب حوراني (من سورية) فقد طرح سؤالا عمليا : كيف يمكن تحقيق الوحدة العربية الآن في ظل الظروف العربية المعقدة؟
أما الاستاذ سليم عوايده (من سورية) فقد قام باستعراض الطرق التي طرحها الفكر العربي لعملية التوحيد القومي، وهل تتحقق عن طريق العنف والقوة أم بالطريق الديمقراطي؟ وهل تكون الوحدة عمل نخبوي لتقصير الطريق إليها أم تكون عمل شعبي ديمقراطي مع ما يعنيه هذا من طول الزمن لتحقيقها؟ ودور القوى المعادية للتوحيد من الحكام والأنظمة المختلفة؟
وقامت الدكتورة حياة بلنايب بلحاج (من تونس _ مجازة في العلوم من فرنسا) بطرح السؤال حول دور التيارات المتأسلمة في معاداة القومية العربية والوحدة العربية؟
وطرح الاستاذ هلال العبيدي ( صحافي من العراق) ثقته في حتمية حدوث الوحدة العربية لأن خمسين في المائة من وحدتنا العربية متحقق من خلال لغتنا العربية وانتمائنا لثقافة عربية واحدة تجمعنا _ شئنا أم ابينا _ وأننا نحتاج إلى تعميق انتمائنا العربي.
أما الاستاذة ليلى المر (صحفية من لبنان) فقد أكدت على دور اللغة المشتركة وضرورة الانتباه إلى مفهوم المواطنة بعيداً عن التعصب الديني أو الطائفي، ولفتت انتباه الحاضرين لضرورة الانتباه للعامل الاقتصادي في مسار العمل الوحدوي، الذي بدونه تتعثر جهود العمل السياسي على المدى الطويل.
أما الدكتورة هاجر شعاع (من تونس _ مجازة في القانون والتحكيم الدولي) فقد طرحت أهميةً الجانب العاطفي في عملية التوحيد، كما حدث في تجربة الاتحاد الأوروبي، وطالبت بضرورة الاهتمام بالهوية القومية بجانبيها العربي والاسلامي.
اما الاستاذ رشدي الشافعي (صفي من مصر) فقد طرح ضرورة اقناع المواطن العربي بالاهمية الاقتصادية التي يجنيها من خلال الوحدة العربية وتحقيق مستقبل افضل للشعب العربي، لن يتحقق بدون وحدته السياسية.
وانتهت الندوة باتفاق الحاضرين على ضرورة استمرار اللقاءات بينهم وتطويرها وتوسيعها، والاتفاق على لقاء شهري بينهم للعمل على نشر افكارهم بين المواطنين العرب في فرنسا.