حوار المرصد السوري | مع الزميل المحامي محمد علي صايغ, عضو المكتب التنفيذي في هيئة التنسيق الوطنية وعضو اللجنة الدستورية في هيئة التفاوض.
٢١ حزيران ٢٠٢٤
المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا بيدرسون مع المقداد (أشيفية)
يتخوف السوريون من انتهاء قانون قيصر، الذي أقره الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب حمايةً للمدنيين في سوريا واعتمدته الإدارة الأمريكية منذ 2020، وقد أدى الى عزلة سوريا و تسبب بأزمة اقتصادية وإنسانية خانقة داخل البلد الذي انهكته الحرب والانقسامات.
وجاء القانون لزيادة العزلة المالية والاقتصادية والسياسية التي تعاني منها دمشق ومحاصرة ومعاقبة حلفاء النظام لإجباره على القبول بالحل السياسي للأزمة السورية على أساس قرار مجلس الأمن 2254.
وعن موعد انتهاء القانون منذ يومين، هل بامكان ذلك أن يكون بداية صفحة جديدة بين أمريكا وسوريا؟
قال محمد علي الصايغ، عضو اللجنة الدستورية، وعضو هيئة التنسيق، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن قانون قيصر يعتبر جزءً من إجراءات عقابية للنظام السوري سواءً ضد أشخاص أو مؤسسات ، لكنه كان أوضحها وأشدها، لافتاً إلى أن هذا القانون بالإضافة إلى بعده السياسي جاء للضغط المكثف على الاقتصاد السوري وعلى الدول التي يمكن أن تتعامل اقتصاديا مع النظام لوقف هذا التعامل تحت طائلة تعرضها للعقوبات الأمريكية / الغربية،. مؤكداً على أنه ” إذا كان هذا القانون قد أدى إلى جمود الاقتصاد السوري ، وازدياد حالة التضخم باضطراد ، وإلى انخفاض كبير في قيمة الليرة السورية مقارنةً مع الدولار والعملات الأجنبية ، فإنه في حقيقة الأمر لم يؤدِ إلى أية نتائج تؤدي إلى امتثال النظام للشروط الأمريكية التي افترضتها عقب تطبيقه ، ولم تدفعه إلى السير بعملية الانتقال السياسي وفق القرار الدولي 2254 ، كما لم تتأثر به النخبة الحاكمة التي ازدادت ثراءً في استغلال هذا القانون عبر عمليات تهريب المواد أو عبر موردين ووسطاء مما أدى إلى رفع مذهل للأسعار ، عاد بالثراء الفاحش على الطبقة السياسية / الاقتصادية ، هذا عدا استغلال فجوات القانون بعدم حظر توريد المواد الغذائية ، عبر التركيز على هذا القانون والتضخيم الإعلامي له ، مما أدى أيضا إلى أن باتت أسعار المواد الغذائية فلكية ، ودخل ناتج ربحها إلى جيوب النخبة السياسية / الاقتصادية على حساب الطبقات الفقيرة التي كانت فعلياً الضحية الأولى لقانون قيصر.”
وتابع ، ”ومع انتهاء المدة المحددة لقانون قيصر ، فإنه لم يتحدد بالضبط فيما إذا كان الرئيس بايدن سيمدد هذا القانون أم لن يمدده .. ولكن يبدو مع إختلاط أوراق اللعب بالمنطقة تتحرك تفاهمات جديدة بين الدول خاصة بعد حرب غزة ، في حراك دولي أمريكي استباقي لتجاوز ما خلفته انتكاسة غزة من نتائج وتحويل ذلك إلى مكاسب تقضي على ، أو تحد من انتصار المقاومة الفلسطينية ، عبر تنازلات في بعض الملفات والدفع إلى تسويات في ملفات أخرى ، ودفع المنطقة إلى الدخول بعمليات التطبيع المتسارع فور الوصول إلى اتفاق هدنة أو وقف إطلاق النار في غزة .
واعتبر محدثنا أنه على كل حال ليس من الواضح أن يظهر تقارب أو علاقة أمريكية – سورية في العلن وفي الزمن المنظور، ولكن بداية التحول الأمريكي بدأ من سنوات طويلة حينما لم تعتمد ملفات المنطقة والملف السوري أولوية في الاستراتيجية الأمريكية، كما أن عدم توقيع بايدن لقانون ” مناهضة التطبيع مع النظام السوري ” الذي صدر عن الكونغرس الأمريكي وإيقاف تنفيذ هذا القانون هو بداية التحول الأمريكي في الملف السوري ، وهو أيضاً إبطال غير مباشر لمفعول قانون قيصر ، يضاف إلى ذلك ما يقال عن تشجيع أميركي لتركيا للدخول بتفاوض جدي مع النظام السوري لحل المشاكل العالقة تمهيداً للمصالحة التي تعيد العلاقة بينهما إلى ما قبل عام 2011 . موضحاً وجود مؤشرات عن رضاء خليجي على مشروع هذه المصالحة .
وفي المحصلة فإن قيام الرئيس بايدن بالتمديد لقانون قيصر أو عدم التمديد لا يمكن أن يكون برغبة شخصية لبايدن ، فالرئيس بالمحصلة يخضع لمؤسسات سياسية ترسم له الاستراتيجيات الدولية ، ما يمكن أن يحدث لقانون قيصر أو غيره مرتبط بالمتغيرات الدولية ، وبالخطط التي يمكن أن تُرسم لمواجهة هذه المتغيرات وفي إعادة رسم السياسات الدولية، فما قبل أوكرانيا ، ثم ما قبل غزة ليس كما بعدهما، وفق تفسيره..