l 1 يوليو 2024
سكاي نيوز عربية – أبوظبي
مقاتلة إسرائيلية تحلق شمال لبنان (صورة أرشيفية)
التصعيد هو سيد الموقف بين حزب الله وإسرائيل، ويبدو أن الوساطات المتعددة فشلت حتى الآن في التوصل إلى حلّ يرضي الطرفين.
إسرائيل مصرّة على إبعاد حزب الله عن حدودها وإعادة الإسرائيليين إلى الشمال، فيما يؤكد الحزب أن عملياته لن تتوقف قبل وقف الحرب في غزة، وهو الأمر الذي مايزال بعيد المنال في ظل تمسك طرفي الحرب بشروطهما.
فمع استمرار التصعيد على الحدود اللبنانية شدد وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، على أنه لا مفر من حرب وصفها بالصعبة والسريعة مع حزب الله. واتهم سموتريتش إيران بأن لديها خطة لتدمير إسرائيل بضربات صاروخية من جبهات متعددة.
فهل يبقى التصعيد بين إسرائيل وحزب الله على مستواه الحالي أم يتوسع؟
وفي سياق هذا التصعيد، يشير الكاتب والباحث السياسي، فيصل عبد الساتر، خلال حديثه إلى غرفة الأخبار على سكاي نيوز عربية، إلى التدفق الكبير في التصريحات الإسرائيلية المتناقضة بشكل ملحوظ والمتعلقة بالجبهة مع لبنان أو المواجهة المحتملة مع حزب الله.
كما يوضح عبد الساتر أن هذه الحالة تكشف بجلاء عن القدرة المتزايدة لحزب الله والتي تسبب إرباكاً كبيراً للإسرائيليين وتؤدي إلى حالة من الحيرة في صفوفهم.
من غزة إلى لبنان.. رسالة حزب الله
تعاني إسرائيل حالة من ارتباك والخوف كبيرين بشأن صراع محتمل تهدف دائمًا إلى منعه.
تسعى إسرائيل من خلال هذه الرسائل إلى زرع الخوف والقلق بين المواطنين اللبنانيين، وتحاول استغلال الخلاف الداخلي داخل لبنان كاستراتيجية وسلاح من وجهة النظر الإسرائيلية.
تشير الأحداث الأخيرة إلى تصعيد غير مسبوق، حيث وصلت العديد من طائرات الاستطلاع بدون طيار إلى أبعد النقاط في هضبة الجولان السورية، وضربت أهدافاً عسكرية على وجه التحديد.
وتعكس هذه التصريحات قلق إسرائيل الواضح بشأن قدرات حزب الله غير المكشوف عنها حتى الآن.
وجود محاولات بائسة وواضحة شهدها حزب الله خلال عدة جولات، فقد جاء العديد من الوسطاء وكان هدفهم الرئيسي هو الفصل ما بين الجبهة اللبنانية وغزة.
يعتبر حزب الله الفصل ما بين الجبهة اللبنانية وجبهة غزة انتصارًا سياسيًّا لإسرائيل والولايات المتحدة، وهو أمر لا يرفضه حزب الله.
يخوض حزب الله هذه المعركة تحت شعار واضح لا يتضمن أي تناقضات.
موقف الحزب محدد بجلاء: العمليات في جنوب لبنان والجبهة اللبنانية لن تتوقف ما لم ينتهِ العدوان على غزة.
بالنسبة لحزب الله، مسألة مساندة غزة يُعدّ مبدئيًا وأخلاقيًا ولا يرتبط بأي اعتبارات ميدانية أو عملية. كما أن حزب الله لن يدخل هذا الموقف في إطار المقايضة السياسية.
لم يغلق حزب الله باب الحوار، مشيرًا إلى إمكانية استئناف النظر في الأمور عقب وقف إطلاق النار في غزة. وهذا يمكن أن يشمل اللجوء إلى وسائل تفاوض غير مباشرة إذا اقتضت الضرورة.
يرفض حزب الله تقديم أي مكاسب سياسية للإسرائيليين، كما رفض الشروط التي جاء بها المبعوث الأميركي، ومسألة فصل الجبهة اللبنانية عن غزة معتبرا الأمر بغير مقبول.
تسعى إسرائيل إلى إخراج جميع سكان غزة من منطقتهم وتحويلها إلى مشروع عقاري تماشيا مع المخطط الأميركي والإسرائيلي.
قدمت الدول الغربية كافة والولايات المتحدة دعمًا غير محدود لإسرائيل.
لا يجب السماح لإسرائيل والولايات المتحدة التصرف بحرية في المنطقة من منطلق القوة.
من جهته، أشار الباحث حسين عبد الحسين، من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، خلال مداخلته، أن الولايات المتحدة تسعى لتوضيح الأهداف والأسباب الكامنة وراء الحرب المحتملة. في الوقت نفسه، يؤكد حزب الله على ارتباط هذه الحرب بغزة موضحاً أنها لن تتوقف ما لم تتوقف العمليات العسكرية في غزة.
لبنان في مرمى نيران الحرب
اقتراح الولايات المتحدة على فرنسا وحزب الله وقف الحرب المتبادل دون اشتراط حزب الله بوقف الحرب في غزة.
إن مسألة غزة وإسرائيل هي قضية تتولى معالجتها كلٌ من حماس والسلطة الفلسطينية، إلى جانب الأطراف الدولية ذات الصلة وإسرائيل. لذا، ليس للبنان أي علاقة مباشرة بهذا الشأن.
تكمن الرؤية الجوهرية لهذه المسألة في السعي إلى فصل لبنان عن القضية الفلسطينية.
تباين آراء اللبنانيين، إذ يرى البعض أنها حرب مفروضة وتستحق الدعم، بينما يتساءل آخرون عما إذا كانوا مستعدين لخوض هذه الحرب وتحويل لبنان إلى نسخة أخرى من غزة.
تعتبر مصلحة لبنان المحور الأساسي في هذا السياق، وتسعى الولايات المتحدة إلى إقناع لبنان بأن أولويته يجب أن تكون مصالحه الوطنية، وترك النزاع الذي يُعد قضية معقدة وشائكة وقد يستمر لسنوات عديدة.
ينص الإجماع اللبناني على أن الحرب الأهلية اللبنانية انتهت بقرار لبناني بالابتعاد عن القتال العسكري المتعلق بالقضية الفلسطينية، وتوجيه الدعم للبنان بشكل دبلوماسي وعلى غرار دعم أي دولة عربية وذلك استنادًا إلى قرارات جامعة الدول العربية ومبادرة السلام العربية.
هذا الإجماع كان ثابتاً على مدى العقود الماضية وشمل جميع الجهات بما فيها حزب الله الذي كان يؤكد دائماً على أن المقاومة تهدف للدفاع عن لبنان. ومع ذلك، تغير هذا التوجه بتاريخ 8 أكتوبر عندما أصدر حسن نصر الله بياناً يعيد النظر في هذه السياسة.
من غير الممكن تحويل الدستور اللبناني والإجماع الوطني وميثاق الطائف إلى واجب ديني أو واجب عربي أو إسلامي.
يعمل بايدن بكل جهد لتحقيق النجاح في الانتخابات الرئاسية الأميركية. ومع ذلك، وبعد المناظرة الأخيرة، أصبح هناك شعور شبه إجماعي في واشنطن بأن عودة ترامب إلى الرئاسة باتت أمرًا محتوما.
في حال تولي ترامب رئاسة الولايات المتحدة، قد تتمتع إسرائيل بزيادة في حرية التحرك، مما يمكنها من شن عمليات عسكرية محتملة في كل من قطاع غزة ولبنان.
تأكيد نجيب ميقاتي، في تصريحه كرئيس للحكومة المستقلة أن قرار الحرب والسلم ليس بيد الدولة اللبنانية وأن المفاوضات لا تُجرى حتى مع هذه الدولة، بل إنها تتم عبر حزب الله.
من غير المنطقي تدمير البلد بأكمله بسبب مشاكل الحدود مع إسرائيل، وعلى الحكومات العربية الأخرى العمل بجدية لمعالجة النزاع.
كشف اليد الإيرانية الخفية لبسط نفوذها الإقليمي
في السياق ذاته، أشار الباحث في مركز الإمارات للسياسات، محمد الزغول، إلى أن القرارات المتعلقة بالحرب والسلام، سواء فيما يخص حزب الله أو مختلف الميليشيات المتعاونة مع إيران، هي بصفة أساسية قرارات إيرانية.
وأوضح الزغول أن مثل هذه القرارات لا تُتخذ من قِبل الميليشيات نفسها، وإنما تُحدَّد بواسطة الجهات المشغِّلة لتلك الميليشيات والعقل الاستراتيجي الذي يديرها وهو إيران.
لدى إيران استراتيجية تهدف إلى منع إسرائيل من الشعور بالاستقرار، سواء في الوقت الحاضر أو على المدى القريب.
كلمة السر الإيرانية اليوم تكمن في استراتيجيتها الدقيقة لتحييد الجهود الإسرائيلية الرامية لتضييق الخناق عليها.
تفضل ايران إبقاء حالة عدم الاستقرار مستمرة عبر ما يعرف بـ”وحدة الساحات”، وذلك لتعطيل مشاريع إقليمية محددة تريد منعها من التحقق والتنفيذ. هذه المسألة ليست مقتصرة فقط على السياسة الجيوسياسية بل تمتد إلى الأبعاد الاقتصادية.
تسعى إيران لعرقلة المشاريع الاقتصادية في المنطقة وفرض نفسها كشريك رئيسي في مبادرات تعتبر أنها قد تم تهميشها منها ولم تعد جزءًا منها.
لدى إيران مشروع جيوسياسي واضح يهدف لبسط نفوذها الإقليمي، والقضية الفلسطينية تُعتبر وسيلة جيدة لتحقيق هذا النفوذ في عدة دول.
إن تركيز إيران الراهن على القضية الفلسطينية ليس مجرد مسألة مقاومة العدو الإسرائيلي وحسب، بل يتصل أيضًا ببرامجها وسياساتها الاستراتيجية التي ينبغي أن تكون واضحة للعرب وتبقى حاضرة في أذهانهم.
لا الجامعة العربية ولا أي دولة معنية تقبل أن تكون جزءاً من رواية تبرير الحرب على لبنان، سواء تعلق الأمر بكل لبنان أو بجزء منه.
يمكن اعتبار المبادرة التي اتخذتها الجامعة العربية اليوم بمثابة محاولة للتواصل المباشر مع حزب الله نيابة عن الدول العربية.
تتضمن مبادرة الجامعة العربية مناقشات حول إمكانية رفع اسم حزب الله من قائمة المنظمات الإرهابية داخل الجامعة، معتبرة أن هذا الإجراء قد يمهد الطريق لمفاوضات وحلول تهدف إلى تجنب اندلاع النزاع في لبنان.
تستغل إيران القضية الفلسطينية كوسيلة لتحقيق مكاسب سياسية، عبر استغلال الهشاشة القائمة في المنطقة.
صحيح أن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية هو السبب الرئيسي لانعدام الأمن في المنطقة، إلا أن الميليشيات المدعومة من إيران لا تقل ضرراً وخطورة عن ذلك.
نشرت إيران في المنطقة حالة يمكن وصفها بالتصحر الاقتصادي، حيث أعاقت تنفيذ أي مشاريع تنموية عبر خلق أزمات دائمة تبررها بذريعة عدم القدرة على تحرير فلسطين ومواجهة الغطرسة الإسرائيلية والأميركية.
المشروع الجيوسياسي الإيراني، الذي يعكس طموحات كبيرة، لا يقل بأي حال من الأحوال عن الطموحات الإسرائيلية.