حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي
في سورية حرية * اشتراكية * وحدة
بيان أعمال الاجتماع العشرون للمكتب السياسي 2025
عقد المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي في سورية اجتماعه الدوري العادي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في أجواء من التخوف والخشية على وحدة سورية الوطن، وحدة الجغرافيا ووحدة النسيج المجتمعي، واستعرض الوضع العام، وما تحيط به من أخطار، وما تتقاطع فيه وحوله من مصالح ومطامع خارجية وانقسام داخلي بأجندات خارجية تهدد وحدة سورية، وبعد مناقشة مستفيضة يؤكد المكتب السياسي على :
1) أهمية إنجاح عملية العبور من المرحلة المؤقتة التي بدأتها سورية منذ التخلص من النظام الأسدي البائد، للوصول إلى مرحلة الاستقرار حيث يكون هناك دستور دائم للبلاد ومجلس نواب منتخب من الشعب، ونظام ديمقراطي متكامل، ينعم فيه السوريون بحياة سياسية طبيعية وبناءة.
2) إن أداء القيادة السياسية للدولة على مدى الأشهر الفائتة في الداخل الوطني لم يرقَ إلى مستوى مواجهة التحديات التي خلفها النظام البائد، أو استحقاقات هذه المرحلة، وإن أحد الأسباب الرئيسية في القصور يعود إلى تغييب القوى السياسية وقوى المجتمع المدني عن المشاركة، وإلى روح الاستئثار التي وسمت وما تزال تسم هذه المرحلة، وظهرت جلية في كل القرارات والتوجهات والوثائق التي صدرت خلال هذه المرحلة، وفي المقدمة منها الإعلان الدستوري، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني.
3) إن ما شهدته وتشهده السويداء ناتج عن استمرار غياب السياسة، وإلى الأداء المرتبك للإدارة السياسية الذي ساعد بقصوره وارتباكه القوى المتعاونة مع العدو الصهيوني على أن يكون صوتها هو الأعلى في جبل العرب، جبل العزة والكرامة، وأدى إلى محاصرة وتجفيف البيئة الوطنية القومية والتحررية في جبل العرب، فبات رجالات هذه البيئة غير قادرين على الفعل بعد ما ارتكبته القوى المتكئة على السلطة من عشائر وقوى مسلحة من اعتداءات وحرق منازل طالت المحافظة، بزعم الرد على اعتداءات أنصار الهجري والداعيين الى الاستعانة بالعدو الصهيوني، حتى بات وكأن الجبل كله يطلب العون من العدو الصهيوني وهذا افتراء على الجبل، وأهله، وتاريخه، وقيمه ،ويرى ضرورة الدعوة إلى اجتماع بين الإدارة برئاسة الرئيس الشرع من جهة والقوى الوطنية والقومية والشعبية من أبناء جبل العرب من الدروز والعشائر، وإجراء حوار واضح وصريح، لتحديد خارطة طريق للخروج من هذه الحالة، مع العمل على رفع الحصار عن كامل محافظة السويداء كبادرة لحسن النوايا ، والتوجه لمحاسبة المسؤولين عن ذلك بوضوح وشفافية ودون تأخير، واستعدادها لجبر الضرر أيا كان.
4) إن التناغم والتعاون الذي كشف عن نفسه في جبل العرب بين الانفصالية القسدية المختطفة للجزيرة السورية، وبين فلول النظام البائد وضباطه، وبين هذه العصابة التي رفعت أعلام العدو الصهيوني، وظهر واضحاً أن كل ما تفعله هذه القوى الانفصالية يصب في خانة العدو الصهيوني، وبأن اعتداءات العدو المتكررة على الأراضي السورية إنما تأتي تدعيماً لرؤية هذا العدو لترتيب أوضاع المنطقة في قادم الأيام، والتي باتت تعرف باسم “ممر داوود”، لفرض الهيمنة الصهيونية “الإسرائيلية” والتحكم والسيطرة على الإقليم والمنطقة العربية كلها.
5) إن اجتماع ما يسمى “مؤتمر مكونات شمال وشرق سورية” في “غويران” الحسكة، والبيان الصادر عنه يؤكد أن هذه القوى تمثل ارتداداً واضحاً عن الوطنية السورية الجامعة، ويريدون تفصيل شكل الدولة السورية وفق مقاساتهم بقوة السلاح والاستقواء بالخارج، وفرض تشاركيتهم بمحاصصات طائفية وعرقية خارج الإجماع الوطني وبعيداً عن رأي الشعب السوري، إن هذا المؤتمر يؤكد صوابية دعوتنا إلى ضرورة وضع حل لمواجهة القوى المضادة لمشروع استعادة سورية لوحدتها الوطنية والجغرافية والسياسية، وإن أي تهاون أمام هذا المشروع من شأنه أن يرسم مستقبلاً قاتماً لوطننا.
6) إن الرهانات بشأن مستقبل سورية ما زالت كلها مطروحة على الطاولة، وما زالت أحلام وخطط المتلاعبين بهذا المستقبل نشطة على كافة الأصعدة، ونعتقد أن الأمر لا يمكن أن يستمر هكذا طويلاً، لكن ما فات وأهدر من وقت لا يعني أننا بتنا غير قادرين على صناعة مستقبل بلدنا موحداً عزيزاً قائماً على مفهوم حقيقي للمواطنة وللهوية وللحقوق، ونرى أن زمام الأمور رغم كثرة القوى الخارجية المتصارعة على تقاسم النفوذ في الساحة السورية ما زال بيد السوريين، وما زال لهم دور أساسي فيه، ومن هذه الرؤية فإن المسؤولية الأولى في معالجة هذا الوضع إنما تقع على عاتق السلطة السياسية أولاً، بحكم مسؤوليتها، وبحكم ما تمتلك من أدوات، وبحكم بيئة إقليمية ودولية باتت تدعمها، وكذلك تقع على عاتق الأحزاب والقوى السياسية والمجتمعية السورية على الرغم من تجاهل السلطة القائمة لها، ومحاولة اعتبارها شيء من الماضي فات أوانه، يُذكر كواجهة اعلانية تتزين به المجالس والخطب والمقالات.
7) نثمن رفض السلطة السياسية أي تفريط بوحدة سورية الجغرافية والمجتمعية، رفضاً قاطعاً غير قابل للتفاوض أو المراجعة، ونؤكد ضرورة أن يجتمع السوريون إزاء هذا الهدف، وفي الوقت نفسه ندعو إلى الانفتاح على كل الحلول والمقترحات التي يمكن أن تطرح لتجاوز كل الإشكالات والمواقف، وللتجاوب مع كل المطالبات التي تستهدف تيسير حياة الناس، وتأمين سلامتهم وأمنهم الاجتماعي، ومشاركتهم في تحقيق أمن وأمان مجتمعاتهم، ومناطقهم.
8) الدعوة إلى مراجعة شاملة للأساليب المتبعة في التعامل مع المشكلات ومع الأهداف المرجوة، ومع الشعارات المطروحة، ومع القوى والتشكيلات السياسية والاجتماعية والمدنية في المجتمع وأن يكون أساس هذه المراجعة الثقة بالناس، وإعلاء حقيقة أن قوة الدولة من قوة الجبهة الداخلية، والالتزام بالروح الوطنية العامة، والعمل بمبدأ “ما لا يدرك كله لا يترك جله”، وبالتالي العمل على عقد “مؤتمر وطني عام” والبدء بإجراء انتخابات في النقابات والجمعيات والنوادي والتجمعات الشعبية، وإجراء انتخابات محلية مرحلية في كل مكان، أمكن فيه تحقيق هذا الهدف، وذلك بهدف إشراك الناس في حل المشكلات الاجتماعية الناجمة عن مرحلة النظام البائد، وإيضاحاً للنهج في التعاطي مع الشأن العام ، والاهتمام الحقيقي الملموس في معالجة الوضع المعيشي المتردي للسوريين. والاعتماد على مبدأ الشفافية في التعامل مع ملف العدالة الانتقالية، ومحاربة الفساد، واسترداد الأموال المنهوبة، واعتماد مبدأ “المواطنة” في مختلف التعيينات التي تستهدف إعادة بناء الهياكل القضائية والإدارية في الدولة ومؤسساتها.
9) إن حقيقة الوضع الراهن لقواتنا المسلحة وإمكانياتها، ولهدف تمكين السلطة السورية من تحقيق ما سلف، فإننا ندعو الرئيس الشرع وحكومته إلى الالتزام الواضح والصارم في اعلاء مفهوم المواطنة في إعادة بناء القوات المسلحة والتخلص نهائياً من واقع الفصائلية التي كانت جزءاً من طبيعة المرحلة السابقة، كذلك ندعو الرئيس وحكومته إلى السعي لإقامة علاقات تعاون عسكري وأمني مع المنظومة العربية دون إبطاء، ومع دول الإقليم التي تتفق مع هذه الرؤية لسوريا ومستقبلها، وكذلك مع الدول الصديقة، وذلك من زاوية أن أمن واستقرار سورية الموحدة والمستقلة يحقق الأمن الوطني والقومي لكل هذه الدول، ويحقق الاستقرار والأمان للإقليم والعالم، كما يحقق للجميع أفقاً رحبا للاستثمار وللتعاون الاقتصادي والتنموي .
10) إن الخطوة التي اتخذتها القيادة السياسية في فتح باب الحوار واستعادة العلاقات مع روسيا تعتبر خطوة إيجابية وهامة، وندعو إلى تعزيز هذا الاتجاه مع الكثير من دول العالم المؤثرة في استقرار سورية، وأمنها وتقدمها الاقتصادي والاجتماعي، ونحن مع ترحيبنا بهذه الخطوة، والدعوة إلى تعزيزها، نعض على جرح كبير أصاب شعبنا ووطننا من المسلك الروسي في دعم النظام البائد عسكرياً وأمنياً، وما ارتكبه من جرائم بحق الشعب السوري، من خلال المشاركة في المقتلة التي أصابت سورية شعباً وأرضا وحضارةً منذ نهاية أيلول/ سبتمبر 2015 وحتى يوم سقوط النظام البائد في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024 .
الرحمة لكل الشهداء الذين سقطوا دفاعاً عن حرية الوطن ووحدته واستقراره.
دمشق 10/ 8 / 2025 المكتب السياسي