المصدر | جوناثان كوك/ ميدل إيست آي-
ترجمة وتحرير الخليج الجديد
يناير 13, 2024
رأى الكاتب جوناثان كوك، أن الغرب ينتظر عاصفة محتملة حال صدور إدانة رسمية لإسرائيل من قبل محكمة العدل الدولية بارتكاب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة، على خلفية الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد تل أبيب في هذا الصدد، والتي بدأت محكمة العدل الدولية النظر فيها الخميس.
وأشار كوك، في تقرير مطول نشره موقع ميدل إيست آي البريطاني، إلى أن أحكام اتفاقية “منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها” التي ستصدرها المحكمة ستفرض على الدول الغربية وغيرها رفض تقديم المساعدة في الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل، مثل توفير الأسلحة والغطاء الدبلوماسي، ومعاقبة إسرائيل في حالة عدم امتثالها.
والخميس، طالب الفريق القانوني لجنوب إفريقيا خلال جلسة الاستماع الأولى بمحكمة العدل الدولية إسرائيل بوقف “فوري” لعملياتها العسكرية في غزة، قائلة إن ذلك هو “الحل الوحيد لتفادي المزيد من الموت والدمار غير اللازم” في قطاع غزة.
وقال الفريق القانوني إن “العنف بين إسرائيل وفلسطين لم يبدأ في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ولكن يتعرض الفلسطينيون للعنف الإسرائيلي خلال 76 عاما”.
وذكر كوك أن فشل إسرائيل وحلفاؤها الغربيين في منع إصدار محكمة العدل الدولية قرارا بوقف إسرائيل لعملياتها القتالية في قطاع غزة، سيكون بمثابة خط فاصلا، ولن تكون إسرائيل وحدها هي التي ستواجه عقوبات قانونية.
فبمجرد إصدار المحكمة لقرار وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، فإن أي دولة تفشل في التصرف بموجب هذا القرار تخاطر بالتحول إلى متواطئة في الإبادة الجماعية، وهذا من شأنه أن يضع الغرب في مأزق قانوني خطير.
وأشار إلى أن الدول الغربية، لم تغض الطرف عن الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل فى غزة فحسب؛ بل شجعت ذلك بنشاط وتواطأت في تلك الجرائم.
وذكر أن القادة في المملكة المتحدة مثل رئيس الوزراء ريشي سوناك وزعيم المعارضة كير ستارمر عارضوا بشدة وقف إطلاق النار في غزة، وألقوا بثقلهم وراء الركيزة الأساسية لسياسة الإبادة الجماعية الإسرائيلية المتمثلة في فرض “حصار كامل” على غزة وهو الأمر الذي ترك السكان يتضورون جوعا ويواجهون أوبئة فتاكة.
كما رفضت الحكومتان البريطانية والأمريكية جميع الدعوات لوقف تدفق الأسلحة إلى إسرائيل، بل أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تجاوزت صلاحيات الكونجرس لتسريع توريد الأسلحة إلى إسرائيل، بما في ذلك القنابل الغبية (العشوائية) التي تدمر المناطق المدنية.
كما خصصت وسائل الإعلام البريطانية والأمريكية مساحات بث واسعة لظهور المسؤولين الإسرائيليين الذين حرضوا علنا على ارتكاب الإبادة الجماعية بحق سكان غزة.
وأشار كوك إلى أن كل ذلك يجب أن يتوقف فور صدور قرار بوقف إطلاق النار من قبل محكمة العدل الدولية، ومن المتوقع أن تقوم الشرطة في الدول الغربية بالتحقيق وأن تحاكم المحاكم أولئك الذين يلحقون الضرر بالإبادة الجماعية أو يوفرون منصة للأذى.
ومن المتوقع أيضا من الدول أن تحرم إسرائيل من الأسلحة وأن تفرض عقوبات اقتصادية على إسرائيل – وكذلك على أي دولة تتواطأ في الإبادة الجماعية. وقد يتعرض المسؤولون الإسرائيليون لخطر الاعتقال إذا سافروا إلى دول غربية.
معايير مزدوجة
بالرغم من تلك العواقب المحتملة فإنه من غير المرجح أن تحدث أيا منها، وذلك بالنظر للأهمية البالغة التي تشكلها إسرائيل بالنسبة للدول الغربية التي تعتبرها الدولة العبرية بمثابة استعراض لقوتها في منطقة الشرق الأوسط الغنية بالنفط، ما يجعل من غير الممكن التضحية بها.
وتوقع الكاتب أن يتم وئد أي جهد لفرض أحكام الإبادة الجماعية من قبل إدارة بايدن من خلال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وقد أظهرت المملكة المتحدة، إلى جانب كندا وألمانيا والدنمارك وفرنسا وهولندا، مدى جرأتها في التعامل مع معاييرها المزدوجة.
واستشهد بتقديم تلك الدول قبل أسابيع، مرافعات رسمية إلى محكمة العدل الدولية بأن ميانمار ترتكب إبادة جماعية ضد جماعة الروهينجا العرقية، وكانت حجتهم الأساسية هي فرض ميانمار نظام غذائي لا يوفر إلا حد الكفاف للروهينجا، والتهجير القسري من المنازل، وتقديم الخدمات الطبية الأساسية بأقل من الحد الأدنى.
لكن في المقابل، لا تؤيد من تلك الدول الغربية القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا لنفس المحكمة، على الرغم من أن الظروف في غزة التي هندستها إسرائيل أسوأ من ذلك.
وعلى من ذلك، فإن الحقيقة هي أن أحكام الإبادة الجماعية التي ستصدرها المحكمة ستضع الغرب في وضع غير متوقع، وعليه الاستعداد لقبول تطبيق أحكام القانون الدولي عليه أيضاً.
وأشار إلى أن إسرائيل كانت لأكثر من عقد من الزمن في طليعة الجهود الرامية إلى تفكيك لقانون الدولي فيما يتعلق بغزة. وهي الآن تتباهى بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، وكأنها تتحدى العالم لوقفها، وعلى نحو معاكس، فإنها تعمل على عكس الضمانات الدولية التي تم وضعها لمنع تكرار المحرقة النازية.
وتساءل الكاتب “هل سيتحدى الغرب إسرائيل أم المحكمة؟ إن إجماع ما بعد الحرب، والذي كان بمثابة الأساس للقانون الدولي، الذي اهتز بالفعل بسبب الفشل في معالجة جرائم الحرب التي ارتكبها الغرب في العراق وأفغانستان، أصبح الآن على وشك الانهيار الكامل. ولن يكون أحد أكثر سعادة بهذه النتيجة من دولة إسرائيل.