بقلم محسن حزام
١٩ / ١٢ / ٢٠٢٢
العدو الصهيوني بعد توقيع ميثاق أبراهام سارع بكل امكاناته المتاحة بدعم هذا الاتفاق وسوق له بعقد العديد من الاتفاقات التجارية والصناعية وتبادل المعلومات وتطوير صناعة السياحة مع عرابي التطبيع. لكن “إسرائيل” على الطرف المقابل في الداخل الفلسطيني لم تستغني عن ممارساتها العنصرية تجاه شعبنا في الأرض المحتلة عبر استمرارها في تطبيق قانون الهوية ومنع لم الشمل وفي تهويد القدس وعزله عن محيطة الجغرافي والسكاني بالإضافة إلى مصادرة الأراضي الزراعية لبناء مستوطنات جديدة .هذه الممارسات تجاه أهالي الضفة والقطاع والمستمرة بأشكال مختلفة لا تتناسب بالمطلق مع الشعار المطروح في الميثاق الإبراهيمي لا في الشكل ولا المضمون لأن أساس الاتفاق تم صناعته ليس بهدف التعايش السلمي كما يدعون لأنه لا يمكن أن يتم بين محتل غاصب وبين شعوب المنطقة التي لا تتعايش أصلا مع المحتل والغازي ومغتصب الأرض، لكن كان بهدف اختراق المجتمع العربي عبر التغيير المفاهيمي للعديد من الثوابت بما يخص القضية الفلسطينية في اعتبارها مسألة لجوء أكثر مما هي قضية شعب يناضل من أجل حق العودة واسترجاع الأرض وطرد الاحتلال الإسرائيلي ، هذا في تعارض واضح مع مشروعهم الاستيطاني الاحلالي الذي يتم دعمه من الأمريكي والمطبعين العرب وكذلك الدعم من قبل المؤسسات الدولية بسبب تراخيها عن اتخاذ الإجراءات الكفيلة لإدانة وإيقاف ممارسات العدو الصهيوني على الأرض. القافلة تسير على أجساد شعبنا الفلسطيني والعرابين العرب المهتمين باستقبال علوج المستوطنين اليهود في ديارهم للزيارة أو السياحة في احسن وأبهى أشكال الاستقبال لنزلاء الفنادق الفاخرة من أجل تحسين صورة الإخاء المشترك كما جاء في مضمون الديانة الإبراهيمية الجديدة.
عندما تمت صفقة القرن حملت عنوان تهويد القدس. لكن اتفاق أبراهام حمل عنوان تغيير موازين القوى في المنطقة لصالح العدو الصهيوني، اما حوار الحضارات/ الأديان كان عنوانه العريض التعايش المشترك هذا المعلن وفي القنوات الخلفية مزيد من حروب الوكالة التي تنهك الشعوب التي بالمآل تدفعها بالقبول بالأمر الواقع وقلب المفاهيم عكس القناعات.
تنبهوا يا عرب الطوفان قادم
نجاح فريق عربي في الوصول إلى نصف نهائي مونديال قطر ٢٠٢٢ وفوزه امام أعتى الفرق المنافسة على النهائيات وفي مقدمتها إسبانيا التي دفعت بالفريق المغربي للنصف النهائي أمام فرنسا، قبلها وفي بداية المونديال فازت السعودية على الأرجنتين المرشحة لحمل كأس العالم، هذه الانتصارات لفرق عربية لم يدخلوها في حساباتهم أذهلت المراقبين والمعلقين الرياضيين بالإضافة إلى اللاعبين المصنفين من الأوائل على مستوى العالم من خلال متابعاتهم أو حضورهم المباشر تبعه أبواق الإعلام الغربي بتوجيه اتهامات بالإرهاب للفريق المغربي بسبب رفعه للعلم الفلسطيني وشارات النصر ورفع سبابة التشهد عند المسلمين، قبل هذا وذاك كانت حملة العديد من الدول الغربية على قطر البلد المضيف وعدم أحقيته في الاستضافة وكذلك مواجهة القوانين التي وضعتها قطر في التعامل مع الفرق المشاركة ومشجعيهم بما يتناسب مع عادات وتقاليد المنطقة العربية في جعل الأمور ضمن سياقها الطبيعي في رفع شعيرة الآذان وعدم تناول المشروبات الكحولية في مدرجات المشجعين أو في مشالح اللاعبين وكذلك رفضهم لاستقبال طائرة وضع عليها شعار المثليين واعتقال أحدهم بسبب ممارساته المنافية لأعراف البلد المضيف .
هذه الحملة الإعلامية التي رافقت المونديال لهذا التاريخ أن دلت على شيء فهي تدل على عمق حقدهم على العرب الذين يصنفون من قبلهم في آخر السلم الإنساني، وكذلك عدم قبولهم هذه الاستعدادات التي كانت خرافية بالنسبة لهم والتي كانت السبب الرئيسي في نجاح فعاليات المونديال. هذا السلوك العدواني تجاه العرب رسخته دعايات الصهيونية العالمية مستفيدة من ترهات العرابين الذين لا يستطيعوا أن يروا أنفسهم مع الكبار الا من خلال التبعية التي ولدت الاستحقار لهذه المنطقة الذين لا يرونها الا من خلال الإرهاب والتطرف الديني وفي عدم القدرة على الاستفادة من الممكنات المتوفرة بين أيديهم والتي إذا استثمرت بالشكل الصحيح تضع المنطقة في طاولة الكبار ويحسب حسابها، لكن قطر في هذا المونديال والفريق المغربي قلب المجن على رؤوسهم. أضف إلى ذلك أن المشجعين العرب داخل المدرجات بهتافاتهم لفلسطين ورفع علمها أعادوا هذه القضية من جديد في كافة وسائل الإعلام على مستوى العالم أثناء نشرها فعاليات المونديال، وجاء تصرف الفريق المغربي في رفع العلم الفلسطيني بعد فوزة الأخير على البرتغال صفعة قوية “لإسرائيل” واللاهثين وراء التطبيع مؤكدين للعالم أجمع أن القضية الفلسطينية حاضرة في الوجدان والضمير الجمعي العربي وأنها لم تنسى مهما طغت الإمبريالية الصهيونية على العالم لفرضها قانون الغاب وتحديها للقانون الدولي والشرعة الدولية لحقوق الإنسان. واكدت ايضا ان هذه الشعوب توحدها الانتصارات والانكسارات وتجتمع على قلب رجل واحد مهما حاولت نظم الاستبداد والفساد والخزي والعار أن تزحف لإرضاء العدو الصهيوني، لكنها لن تنجح بالاستمرار لأن هناك شعب رفض الذل والانكسار وتعلم التضحية في مواجهة الإحتلالات وأتقن لغة الحوار، أنه شعب الجبارين الذي لازال عنوانه الواضح عدم التفريط والمواجهة المستمرة بكافة الوسائل المتاحة لتحقيق سبل النصر والعودة مهما طال الزمن لأن الحق باق لا يموت.