من كتابة سبق
الأحد 09 / مارس / 2025
في خطوة دراماتيكية تعكس تحولاً جذرياً في السياسة الأمريكية تجاه الصراع الأوكراني الروسي، أصدر الرئيس دونالد ترامب أوامره بتجميد جميع شحنات المساعدات العسكرية المستقبلية المتجهة إلى كييف بعد مواجهة حادة مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في المكتب البيضاوي الأسبوع الماضي، وهذا القرار المفاجئ يهدد بإحداث انقطاع خطير في الإمدادات الإستراتيجية لدولة تعتمد بشكل كبير على الدعم الأمريكي في مواجهة الهجوم الروسي المستمر منذ عامين.
تحول إستراتيجي
وتشير التقديرات الغربية إلى أن الجيش الأوكراني قد يتمكن من الحفاظ على وتيرة القتال الحالية لعدة أسابيع فقط قبل أن يبدأ تأثير توقف الإمدادات الأمريكية بالظهور على أرض المعركة، ويربط ترامب استئناف المساعدات بما وصفه بالالتزام الجاد من جانب زيلينسكي بمحادثات السلام، في إشارة واضحة إلى رغبة الإدارة الأمريكية الجديدة في تغيير مسار الأزمة من المواجهة العسكرية إلى الحل الدبلوماسي، وفقاً لشبكة “سي إن إن” الأمريكية.
ومنذ بداية الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في فبراير 2022، قدمت الولايات المتحدة ما لا يقل عن 123 مليار دولار من المساعدات لكييف، منها 69 مليار دولار (56% من إجمالي المساعدات) على شكل دعم عسكري مباشر، وهذا الرقم يجعل واشنطن أكبر داعم منفرد لأوكرانيا في مواجهتها مع روسيا، وقد استخدمت الإدارة الأمريكية آلية السحب الرئاسي 55 مرة لتوفير معدات عسكرية بقيمة 31.7 مليار دولار مباشرة من المخزون الأمريكي.
اعتماد متبادل
وصرح الرئيس زيلينسكي بأن الإمدادات العسكرية الأمريكية تغطي نحو 40% من احتياجات الدفاع الأوكرانية، فيما يساهم الحلفاء الآخرون – معظمهم أوروبيون – بتغطية حوالي 30% من هذه الاحتياجات. وعلى الرغم من جهود كييف لتعزيز قدراتها الإنتاجية المحلية، التي وصلت وفقاً لرئيس الوزراء دينيس شميهال إلى تلبية أكثر من 30% من متطلبات المعدات والذخيرة، إلا أن الفجوة المتبقية تظل مصدر قلق إستراتيجي كبير.
وفي استجابة سريعة للتغيير في السياسة الأمريكية، أعلن الاتحاد الأوروبي عن خطة طموحة تسمح للدول الأعضاء بالاقتراض بمبلغ 158 مليار دولار لزيادة الإنفاق الدفاعي ودعم أوكرانيا بالأسلحة، وهذه الخطوة تعكس محاولة أوروبية لسد الفراغ الناجم عن تراجع الدعم الأمريكي وضمان استمرار الدعم العسكري لكييف.
تحديات وجودية
ويواجه الجيش الأوكراني تحديات لوجستية خطيرة في ظل التجميد الأمريكي، مع تحذيرات من نفاد مخزون قذائف المدفعية الحيوية بحلول مايو أو يونيو المقبلين. والأكثر إثارة للقلق هو احتمال نفاد صواريخ نظام الدفاع الجوي “باتريوت” في غضون أسابيع، وهو النظام الذي أثبت فعالية استثنائية في التصدي للصواريخ الباليستية الروسية، والذي لا يمكن لأي دولة غير الولايات المتحدة توفيره نظراً لسيطرتها على ترخيصه وإنتاجه.
ورغم النوايا الأوروبية الطيبة، تبقى القدرة على تعويض الدعم الأمريكي محدودة للغاية. فبيانات عام 2023 تظهر أن إجمالي الإنفاق العسكري للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي السبعة والعشرين مجتمعة مع المملكة المتحدة بلغ نحو 388 مليار دولار، مقارنة بـ 916 مليار دولار أنفقتها الولايات المتحدة وحدها – أي أكثر من ضعف الإنفاق الأوروبي. كما خصصت واشنطن 9% من إنفاقها الحكومي للدفاع، وهو أعلى معدل بين دول حلف الناتو.
ومع استمرار الضغط الأمريكي على كييف للدخول في محادثات سلام، وفي ظل محدودية قدرة أوروبا على تعويض الفجوة في الدعم العسكري، تقف أوكرانيا أمام مفترق طرق إستراتيجي، فهل ستتمكن من الصمود لفترة كافية حتى يتم التوصل إلى حل دبلوماسي يحفظ سيادتها، أم أن نقص الإمدادات سيؤدي إلى تغيير موازين القوى على الأرض لصالح موسكو؟

أوكرانيا تحت ضربات روسيا بعد تقليص الدعم الأمريكي
السبت 08 / مارس / 2025
أبها: الوطن
قررت الولايات المتحدة تقليص الدعم الاستخباراتي المقدّم إلى أوكرانيا في خطوة لافتة، وهذا القرار تزامن مع تصعيد عسكري مكثف في مناطق أوكرانية عدة، حيث تزايدت الغارات الجوية الروسية، مما أدى إلى مقتل عشرات المدنيين. بالإضافة إلى ذلك، جاءت هذه التحولات في السياسة الأمريكية بعد زيارة الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، واشنطن، وتزامنت مع ضغوط متزايدة على أوكرانيا، لقبول اتفاقات سلام مع روسيا.
تحولات جديدة
أسفرت الغارات الجوية عن مقتل 20 شخصًا على الأقل، وتركزت على مناطق عدة في شرق البلاد وجنوبها، في وقت تشهد فيه الساحة السياسية الدولية تحولات جديدة، بما في ذلك تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب حول الأزمة.
وأكد الحاكم الأوكراني في منطقة دونيتسك أن الغارات التي استهدفت بلدة في الشرق أسفرت عن مقتل 11 شخصًا، بينما تعرضت مناطق أخرى للقصف الصاروخي والطائرات بدون طيار، مما أسهم في تعميق الأزمة الإنسانية في البلاد.
في الوقت نفسه، توقفت الولايات المتحدة عن توفير صور الأقمار الصناعية لكييف، مما قلل من قدرة أوكرانيا على تحديد أهداف داخل روسيا ودفاعها عن نفسها.
دعم دولي
من جهة أخرى، تتوالى التطورات السياسية، حيث أعلن الرئيس الأوكراني عن سعيه للتوصل إلى تسوية سلمية، موضحًا أن أوكرانيا لن تتراجع عن أي خطوة تقربها من إنهاء النزاع. كما صرح بأن الوفد الأوكراني سيجتمع مع المسؤولين السعوديين هذا الأسبوع، لمناقشة المقترحات الخاصة بإنهاء الحرب.
في المقابل، أشار ترمب إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «يفعل ما يفعله أي شخص آخر»، في تصريحات لم تخلُ من الجدل حول الموقف الأمريكي من الأزمة.
وعندما سُئل عما إذا كان الرئيس الروسي يستغل توقف الولايات المتحدة عن تبادل المعلومات الاستخباراتية في مهاجمة أوكرانيا، رد ترمب: «أعتقد أنه يفعل ما يفعله أي شخص آخر».
ولم يذكر زيلينسكي تبادل المعلومات الاستخباراتية، لكنه قال إنه يرحب باقتراح ترمب بفرض عقوبات مصرفية ورسوم جمركية واسعة النطاق على روسيا حتى يتم التوصل إلى وقف إطلاق النار، والتسوية السلمية النهائية.
وقال الرئيس الأوكراني: «يجب كسر كل ما يساعد بوتين في تمويل الحرب».
وابل من الصواريخ
أعلنت القوات الجوية الأوكرانية أن القوات الروسية أطلقت ثلاثة صواريخ إسكندر و145 طائرة دون طيار فوق البلاد خلال الليل. وتضمن القصف مزيجًا من الطائرات دون طيار الهجومية والطائفية، التي تهدف إلى إرباك الدفاعات الجوية. وقالت القوات الجوية الأوكرانية إنه تم إسقاط صاروخ و79 طائرة دون طيار، بينما فقدت 54 طائرة دون طيار أخرى دون التسبب في أضرار.
في هذه الأثناء، أسقطت القوات الروسية 31 طائرة أوكرانية دون طيار خلال الليل، بما في ذلك 26 فوق منطقة كراسنودار في البلاد.