مقتبس من رواية عالمية روسية : للكاتب انطون تشيخوف
اثناء قيام احد الحراس بالتفتيش بالقرب من محطة السكك الحديدية في روسيا .
وجد رجلًا يقوم بفك صواميل الفلنجات التي تقوم بتثبيت شريط القطار (سكة القطار )، فاقتادة الى قسم الشرطة للتحقيق .
المحقق: هل تعلم مدى خطورة ما تفعل ، أنت متهم بتعريض حياة الاف الابرياء للخطر .
الرجل : كيف ، انها مجرد صامولة ، لن تؤذي أحدًا ، انا في حياتي لم أؤذي أحدًا من قبل .
المحقق : لماذا فككت الصامولة .
الرجل : استخدمها لتثبيت الشبكة اثناء الصيد فأنا اعمل صياد ، وأريد شيئا ثقيلا به ثقب لتثبيت الشبكة ، فالصامولة هي أفضل اختيار متاح بالنسبة لي .
المحقق : ولماذا لم تشتري شيئاً أو تصنع واحدة .
الرجل : إنها مكلفة ، وأنا صياد فقير ، فمن الاسهل أن أفك الصامولة ، عن أن أتحمل ثمن صنع واحدة ، القرية كلها تفعل مثلي .
المحقق : ماذا تقول ، هذا جنون ، أتقول أن القرية كلها سرقت الصواميل مثلك، سوف ينقلب القطار بالتاكيد .
الرجل : كلا لن ينقلب، فنحن نفك صامولة ونترك أخرى بالتبادل ، حتي تتوزع الاحمال ، لقد تعلمنا هذا في دروس الفيزياء في المدرسة ونحن صغار .
المحقق : لا يزال هناك خطر قائم ، وهل تستخدمون كل هذه الصواميل في الصيد .
الرجل : أنا واخوتي نستخدمة في الصيد ، وجارنا يستخدمها في صنع الاقفال لبيت العمدة ومركز الشرطة.
المحقق : ماذا تقول ، ولماذا يفعل جارك هذا..!!!
الرجل : لقد طلب منه العمدة تجديد اقفال المنزل ومركز الشرطة ، ولم يعطه مالًا، ففكر في طريقة يجدد بها الاقفال دون تكلفة ، ولم يجد أفضل من صواميل سكة القطار .
المحقق : وطبعًا رأى العمده تلك الصواميل ، فهل سأل من أين حصلتم عليها .
الرجل : العمدة لم يكترث ، هو فقط أراد إصلاح الاقفال .
المحقق : نشكر الله أننا قد اكتشفنا الأمر قبل ان تحدث كارثة ، سوف أصدر أمرًا بتعيين حراسة علي تلك القرية لمنعهم من فك الصواميل .
الرجل : اعتقد انها لن تكون مشكلة بالنسبة لنا، لأننا سوف نحصل علي الصواميل من القرية المجاورة لنا ، سوف نشتريها منهم .
المحقق : ينتفض فزعًا ، ماذا تقول ، أهم يفعلون مثلكم !!
الرجل: نعم سيدي ، كل القرى في محيط بسكة القطار تفعل هذا ، هناك من يستخدمها للصيد ، وهناك من يبيعها ، وهناك من يصنع بها الاقفال ، نحن مضطرون لذلك ، فلا بديل أمامنا ، ولا نملك النقود لشراء أبسط الاشياء ، فنضطر لفك صواميل القطار .
المحقق : فهل إن رفعنا رواتبكم ، تتوقفون عن سرقة الصواميل .
الرجل : أخشى سيدي انها قد اصبحت عادة يمارسها الجميع ، إن كان عليكم ان توقفوا سرقة الصواميل ، عليكم لتعليم النشئ منذ الصغر بما تريدونه أن يفعل حين يكبر ، حتى اذا كبر ، ووجد العدل والعمل والراتب المناسب لن يفكر يومًا في سرقة الصواميل .
المحقق : سوف اكتب هذا في تقريري ، ولنرى ماذا يفعل الحاكم.
واغلق المحقق الملف ، وركب القطار عائدا للعاصمة ، وهو ينظر للشباك، ويقول لنفسه اتمني أن نأخذ القرار سريعا ً، فالأمر خطير، هؤلاء البؤساء ، من الممكن أن يتسببوا في كارثة.
عندها يلمح المحقق طفلًا صغيرا ً يقف على حافة سكة القطار ، يقف ضاحكًا ويحمل في يده صامولتين ، لينتفض المحقق فزعًا ، ويصرخ أوقفوا القطار أوقفوا القطار .
لكن لقد فات الأوان ،وصرخ الجميع على صوت الاصطدام وانقلب القطار .
لقد فك الطفل الصغير دون أن يدري صامولتين متجاورتين .
لقد فعل مثل الاخرين ، لكنه لم يكن يعلم خطورة ما يفعل ، لقد وُلد هذا الطفل فقيرا ً ولم يذهب للمدرسة ، ولم يحضر دروس الفيزياء .
طفل صغير يعاني الفقر والجهل ، تربى في قرية تسرق الصواميل ، تسبب في إنقلاب القطار .
كم يوجد بيننا عابثون. ولصوص ينهبون الصواميل كلها ولايكترثون لمعاناة الشعب إذا أنقلبت به الحياة رأساً على عقب.