تأليف آن ريتشاردز*
29/8/2023
آن ريتشاردز*
كتب وارن بافيت في 1982 عندما ارتفعت أسعار المستهلك الأمريكية أكثر من 6 في المائة بقليل على مدى العام “التضخم هو دودة شريطية ضخمة في الشركات”. “تستهلك تلك الدودة بشكل استباقي غذاءها اليومي اللازم من دولارات الاستثمار بغض النظر عن صحة الكائن المضيف”.
مع الاعتذار لكل الذين يقرأون هذا المادة وقت إفطارهم، لا يزال تقييم بافيت التصويري يبدو صحيحا بعد 41 عاما. إذا نظرت إلى تقرير سنوي لشركة ما صادر في الأعوام الثلاثة الماضية، من المحتمل أن تقرأ سلسلة من الأحداث كحرب روسيا وأوكرانيا وجائحة كوفيد- 19، التي أخرجت أفضل الاستراتيجيات عن مسارها وجعلتها تنحرف عادة نحو مناطق مجهولة.
لكن، بينما تلاشى تأثير السوق الأولي لتلك الأحداث، فإن التبعات طويلة المدى قد بقيت على شكل زيادة ندرة الطاقة والغذاء، واضطراب سلاسل الإمداد العالمية، وفي بعض الدول بما فيها المملكة المتحدة ارتفاع مستويات التضخم.
بعد التعامل مع سلسلة من الصدمات التشغيلية الحادة، كان على المسؤولين التنفيذيين التأقلم مرة أخرى، هذه المرة مع تكاليف المدخلات المرتفعة. في هذه البيئة، تندرج الشركات تحت تصنيفين، الشركات التي تستطيع إيجاد طرق لرفع أسعار منتجاتها لحماية الهوامش مع المحافظة على الأحجام، والشركات التي لا تستطيع فعل ذلك.
وفقا لبافيت، أفضل الشركات في التصنيف الثاني هي تلك التي لا تحتاج إلى استثمارات رأسمالية مستمرة أو ضخمة. لكن ذلك يقيد قدرتها على الابتكار للمستقبل. من البديهي ألا تستطيع شق طريقك نحو النمو.
توجد طرق أخرى للتعامل مع بيئة تضخمية لكل من نوعي الشركات. بناء علامة تجارية قوية للحفاظ على قوة تسعير السوق والحجم مفيد في أوقات ارتفاع الأسعار.
ويعد تكييف المنتجات والخدمات مع الحقائق الجديدة سريعا استراتيجية أخرى، ما يغير تركيبها أو مكوناتها لتخفيف الضغط. وفقا لدراسة من شركة ماكينزي على تأثير التضخم في اتخاذ القرارات عند الشركات وسلاسل الإمداد، ألغت بعض شركات تصنيع السيارات بعض الميزات للحفاظ على الإنتاج والتسعير والمبيعات وسط العجز أو للتعامل مع تكاليف المدخلات المرتفعة.
أثناء الجائحة، أسست شركات كثيرة مراكز استجابة لتنسيق جهود التعافي. وبشكل مشابه، أسست بعضها مراكز مركزية مشتركة بين الإدارات لإدارة الجانب السلبي المحتمل للضغوط التضخمية.
يمكن أن تساعد هذه الجهود المتعاونة على تقليل الخلاف بين الإدارات وتقليل وقت اتخاذ القرار، ما يضمن تحديد الاستثمارات والقيام بها بشكل أسرع، أو إيقاف التكاليف غير الضرورية في وقت مبكر.
يوجد هذا بيئة للسوق حيث يرتفع فيها احتمال ازدياد قوة الشركات القوية مقارنة بمنافساتها الأضعف، مع ترسخ الأثر التراكمي لارتفاع التكاليف على الربح الإجمالي مع الوقت.
وأخيرا تظهر البيئة التضخمية العالية في الـ12 شهرا الماضية علامات هدوء بعد إجراء البنك المركزي. في ذروة الضغوط التضخمية قرب نهاية 2022، ارتفعت أسعار المنتجين في منطقة اليورو لفترة وجيزة بنسب سنوية تتجاوز 40 في المائة في أعقاب الارتفاعات في أسعار الطاقة.
عاد التضخم في الولايات المتحدة الآن إلى 3 في المائة، بينما عادت المستويات في المملكة المتحدة ومنطقة اليورو إلى أرقام أحادية. على المدى الطويل، قد نجد أيضا أن صدمات الإنتاجية الإيجابية من الذكاء الاصطناعي، والتطورات في القوة الحاسوبية، وانتقال الطاقة الأكثر الكفاءة ستسمح للشركات ببذل مزيد من الجهد مع عمليات إعادة الاستثمار القليلة.
لا يشكل التضخم وحده مشكلة للمسؤولين التنفيذيين، خاصة مع مجموعة اليوم من كبار المسؤولين التنفيذيين ذوي المهارات القوية في إدارة الأزمات. يمكن قياس الارتفاعات المعقولة في تكاليف المدخلات وتخفيفها.
لكن هشاشة الاقتصاد بعد الجائحة، إلى جانب طبيعة السياسات العالمية المتصدعة، تجعل نماذج العمل أكثر عرضة للصدمات المقبلة غير المتوقعة. تزيد هذه الأوضاع، ممزوجة ببيئة من عدم استقرار الأسعار، مخاطر عثرات الشركات وتعمق أثرها المحتمل.
كما أن من الصعب إبقاء الخيارات الأخرى متاحة عندما يكون رأس المال مقيدا. تصبح الاختيارية، التي تعد سلعة قيمة بالفعل في العالم المتغير، أكثر تكلفة على أساس نسبي.
لا توجد أجوبة سهلة. وصف التضخم بأنه أزمة تكلفة المعيشة، وهو كذلك. لكنه يمثل أيضا أزمة في تكلفة رأس المال وأزمة في تكلفة الاستثمار وأزمة في تكلفة التوظيف، متحديا قادة الشركات لإيجاد طرق جديدة للتعايش مع دودة التضخم – أو حبذا التخلص منها.
* الرئيسة التنفيذية لفديليتي إنترناشونال