حوارات سياسية
2021/12/02
نداء بوست – حوارات – أسامة آغي
زار وفدٌ من هيئة التنسيق الوطنية المُعارِضة برئاسة رئيس المكتب التنفيذي السيد حسن عبد العظيم إسطنبول لرأب الصدع بين جناحَيْ هيئة المفاوضات السورية، والذي مضى عليه أكثر من عامين، ويُطلَق على هيئة التنسيق الوطنية تسمية “مُعارَضة الداخل” والتي رفعت شعار “لا للعنف ولا للطائفية ولا للتدخل الخارجي” في السادس من تشرين أول/ أكتوبر عام 2011 في مؤتمر “حلبون”.
موقع “نداء بوست” التقى السيد حسن عبد العظيم عَبْر الشبكة العنكبوتية وأجرى معه الحوار التالي:
نداء بوست: زرتم قبل أيام إسطنبول، والتقيتم وفد ائتلاف قوى الثورة والمعارضة، ومن بينهم السيد أنس العبدة رئيس هيئة المفاوضات السورية، لكنكم لم تصلوا إلى اتفاق بشأن الانشقاق المستمر داخل هذه الهيئة. هل لا زلتم ترون أن الهيئة مُختطَفة من الائتلاف؟ وماذا طرحتم عليهم من اقتراحات لتجاوُز الانقسام داخلها؟ وهل لا تزال عُقدة الأعضاء المستقلين في الهيئة تُشكِّل خلافاً عميقاً بينكما؟
لقاء إيجابي ولكن…؟
يقول رئيس المكتب التنفيذي لهيئة التنسيق الوطنية المحامي حسن عبد العظيم المقيم في دمشق، واصفاً اللقاء بين وفد الهيئة ووفد الائتلاف بأنه إيجابي، فيقول: “كان اللقاء مع الهيئة السياسية للائتلاف برئاسة الأستاذ سالم المسلط إيجابياً”. مضيفاً: “سادت أجواء الحوار بين وفد هيئة التنسيق الوطنية لقُوَى التغيير الديمقراطي، وبين قيادة الائتلاف، وهي تهتم بالرغبة المشتركة في حل الخلافات والإشكاليات القائمة في هيئة التفاوض السورية”.
ويتابع عبد العظيم: “من الخلافات مشكلة المستقلين بين الدور العربي والدور الإقليمي، والحرص على عودة ممثل منصة موسكو إلى اللجنة الدستورية، وإعادة النظر في القرارات التي صدرت في غياب أطراف منها، وتوحيد رؤية مكوّناتها الالتزام بالتوافق في إصدار قراراتها، والالتزام والحرص على التوازن بين الدور العربي والدور الإقليمي”.
لكن عبد العظيم لم يُجِبْ عن سؤالنا حول مُقترَحات تقدموا بها للائتلاف لحل الانقسام بين جناحَيْ هيئة التفاوض.
نداء بوست: هناك مَن يعيد سبب عدم التوصل إلى اتفاق لتوحيد هيئة المفاوضات وتنسيق مواقف المعارضة بين شِقَّيْها (الائتلاف وهيئة التنسيق) إلى الخلاف العميق بين السعودية وتركيا، فأنتم تنحازون للموقف السعودي من قضية الأعضاء المستقلين، والائتلاف يرفض الموقف السعودي؛ لأنه يرى فيه محاولة سعودية للهيمنة على قرارات هيئة المفاوضات. في ضوء هذه الحقيقة ما مستقبل هيئة المفاوضات؟ وهل سيكون هناك “رياض 3″؟ ألا ترى أن تفاهُمات سعودية تركية -تأتي من تقارُب محتمل بينهما- قادرة على رأب صدع الهيئة؟
السعودية ليست مُنحازَةً لنا
في إجابته عن سؤالنا، يقول السيد حسن عبد العظيم رئيس المكتب التنفيذي لهيئة التنسيق الوطنية: “صحيح أن من أسباب الخلاف بين موقف هيئة التنسيق الوطنية وبين الائتلاف الوطني وجود خلاف بين المملكة العربية السعودية وبين الجمهورية التركية، وبعض الدول العربية الأخرى، غير أن الحكومة التركية بادرت منذ بضعة أشهر إلى تحسين علاقاتها مع جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والمملكة الأردنية الهاشمية”.
ويضيف عبد العظيم: “هذا التقارب ينعكس إيجاباً على حلّ الخلاف في هيئة التفاوض السورية، ويعزّز الجهود المشتركة بين الائتلاف الوطني وهيئة التنسيق الوطنية في حل الخلاف بهذه الهيئة”.
ويرى عبد العظيم أن “هيئة التنسيق الوطنية ليست منحازة للمملكة العربية السعودية”. فبرأيه أن السعودية لا تحتاج لنا ولا للائتلاف الوطني، ولا تحتاج لمن يدافع عنها لأنها دولة خليجية عربية مهمة، تمتلك إمكانيات نفطية ومشتقاتها، ومعدنية، ومالية، واقتصادية”.
مؤكداً: أنها تقف مع قوى الثورة والمعارضة منذ انطلاقها، وتطوعت في لقاء فيينا الثالث (باعتبارها مُشارِكة في المجموعة الدولية الموسعة) لاستضافة المؤتمر الدولي للسلام ككيان تفاوضي في الرياض دون التدخل في شؤونه.
نداء بوست: أنتم أتيتم من دمشق إلى إسطنبول للقاء أعداء هذا النظام، هل أَطلعتُمْ جهات النظام على جدول أعمالكم؟ وهل وضع النظام محدّدات لمباحثاتكم مع الائتلاف؟ هل ما تباحثتم به حول توافُقكم مع المعارضة على انتقال سياسي في سورية يشير إلى التغاضي عن دور محتمل للأسد في عملية الانتقال في البلاد؟
لا نسمح للنظام بالتدخل في شؤوننا
رفض حسن عبد العظيم فكرة أنهم أطلعوا النظام على جدول أعمالهم بمباحثاتهم مع الائتلاف، فقال في هذا الصدد: “نحن في هيئة التنسيق الوطنية، أحزاباً وشخصياتٍ وطنيةً وتيارَ المستقلين، نتمسك باستقرار قرارنا الوطني، ونشاطاتنا تجاه النظام السياسي الحاكم، أو أي نظام آخر عربياً كان أو إقليمياً أو دولياً، من أصدقائنا، أو من خصومنا، لا نطلعه على جدول أعمالنا، ونمارس نشاطاتنا السلمية علناً”.
ويضيف عبد العظيم: “لا نسمح للنظام أن يتدخل في شؤوننا أو وضع محدّدات لمباحثاتنا مع الائتلاف الوطني، أو اللقاءات التي تمّت مع مراكز أبحاث أو دراسات أو مجموعات إعلامية أو ثقافية أو سياسية سورية أو شخصيات وطنية، ومواقفنا التي عبّرنا عنها في حواراتنا معها حول الانتقال السياسي وفقاً لبيان جنيف1، والقرارات الدولية ذات الصلة واضحة، لا تتضمن التغاضي عن دور محتمل للأسد في عملية الانتقال، تنفيذاً للقرار الدولي رقم 2254 لعام 2015”.
نداء بوست: طرح رئيس الائتلاف سالم المسلط زيارة للسعودية يقوم بها وفد مشترك من جناحَي المعارضة (الائتلاف وهيئة التنسيق الوطنية) لتذليل العوائق المتعلقة بوحدة هيئة المفاوضات، هل ستحدث فعلياً هذه الزيارة؟ ما برنامج عملها مع السعوديين إذا ما حدثت؟ هل تعتقدون أن هذه الزيارة كي تنجح تحتاج لتقارُب سياسي ملموس بين تركيا والسعودية؟
السعودية تريد المستقلين المنتخبين
حول زيارة متوقعة للسعودية بوفد مشترك من جناحَيْ هيئة التفاوض المنقسمة حالياً، يقول حسن عبد العظيم: “بداية، لا بدّ من التأكيد أني لم أذكر أن الشيخ سالم المسلط قال إنه يقبل 8-0 لحلّ مشكلة المستقلين، ولو أنه قالها لما كان من الضروري أن يطلب مني زيارة إلى إسطنبول مع وفد من الهيئة لحوار الائتلاف الوطني حول هذه المشكلة وتفعيل هيئة التفاوض”.
ويوضح عبد العظيم: “كان من المفترض أن أعرض الأمر على المكتب التنفيذي للموافقة على تشكيل وفد من الطرفين لإعلام الخارجية بذلك، وتشكيل وفود من هيئة التفاوض السورية بناء على طلب المكتب التنفيذي لزيارة عواصم الدول العربية والإقليمية والدولية الفاعلة، للضغط على الحكومة السورية لانخراط لجنتها الدستورية في المبادئ الدستورية، لمتابعة صياغة مشروع دستور جديد مؤقت”.
ويرى عبد العظيم أنه من الممكن الاستئناس بالدساتير السورية السابقة بما فيها دستور 2012، كما جرى فعلياً في الأيام الثلاثة الأولى من الجولة الأخيرة قبل أن تتراجع عما وافقت عليه في الأيام الثلاثة الأخيرة من تلك الجولة.
لكن عبد العظيم يعتقد “أن خطوات التقارب السياسي بين تركيا والسعودية ومصر والإمارات والأردن والكويت.. من العوامل السياسية المُساعِدة في العمل لتوحيد هيئة التفاوض، وتفعيل دورها بعد النجاح الذي تحققه الزيارة المشتركة لوفد من الائتلاف والهيئة على حلّ مشكلة المستقلين، تقبل به السعودية بالإضافة لتقديم اعتذار من قيادة الائتلاف بناء على طلبها المعلَن”.
ويضيف عبد العظيم: “في تقديري أن الخارجية السعودية تعتبر أن نتائج المؤتمر الذي عُقد في الرياض أواخر شهر كانون الأول 2019، وانتخب ثمانية مستقلين جدد بدلاً من المستقلين السابقين، الذين استمروا في حضور اجتماعات عدد من مكونات هيئة التفاوض حتى أوائل شهر كانون الأول من العام الحالي، وهم لن تقبل السعودية بحلٍ لا يشملهم جميعاً، تعبيراً عن احترام مخرجات مؤتمرها ودورها في استضافة الكيان التفاوضي ودعم العملية السياسية”.
نداء بوست: أعضاء هيئة التنسيق في وفد المعارضة في اللجنة الدستورية مستمرون بحضور جلساتها بنشاط، فما دام الأمر كذلك لماذا لا تجتمع هيئة المفاوضات وفق ذات التوجهات؟ هل تخشون من قرارات حاسمة تأخذها المجموعة المحسوبة على الائتلاف في مواضيع التفاوض حول باقي السلال من القرار 2254 سواء تشدداً أو تجاوُزاً لثوابت لديكم في الحل السياسي؟
لا قرارات إستراتيجية في غيابنا
يعتقد عبد العظيم أنه ما دام “أعضاء اللجنة الدستورية المصغرة والموسعة لهيئة التفاوض السورية يتابعون حضورهم في جولات جنيف، فهذا حرص على ألا يؤدي التعليق المؤقت مع حلفائها للمشاركة في اجتماعات هيئة التفاوض السورية، لأسباب جدية لتحقيق التوازن في اتخاذ القرارات مع الائتلاف وحلفائه واعتماد التوافق، وفي حال تعذر اتخاذ القرار بنسبة ثلثَيْ مجموع أعضاء هيئة التفاوض”.
ويرى عبد العظيم: “ضرورة مراجعة القرارات التي صدرت في غيابهم، والبحث في السلال الثلاث الأخرى مع العملية الدستورية كمدخل ومفتاح للحل السياسي في جنيف، وندرك أن ممثلي الائتلاف وحلفاءه يحرصون على عدم اتخاذ قرارات سلبية في غيابهم”.
لكن عبد العظيم بَدَا متأكِّداً “أن ممثلي الائتلاف الوطني من العرب السوريين وشركائهم من المكونات الكردية والسريانية الآشورية والتركمانية والأرمنية السورية وغيرها في الهيئة السياسية وحلفائهم من مجموعة مؤتمر القاهرة وممثلي الفصائل وبعض ممثلي فصائل الجنوب والمجلس الوطني الكردي وممثلي المستقلين السابقين في هيئة التفاوض السورية، يحرصون أيضاً على عدم اتخاذ قرارات إستراتيجية جوهرية في غياب ممثلي هيئة التنسيق الوطنية وحلفائها من منصة موسكو وبعض ممثلي فصائل الجنوب من المستقلين”.
نداء بوست: أطلقتم إطاراً تحالُفياً أسميتموه الجبهة الوطنية الديمقراطية “جود”، لكن هذا الإطار بقي قيد مربعه الأول دون نشاط سياسي كبير وملحوظ. هل السبب في بقاء “جود” في هذا المربع يتعلق بتهديدات النظام الأمنية؟ أم كما يُشاع العطالة سببها صراعات وخلافات داخل “جود”. ما الحقيقة؟
“جود”.. وتحالف وطني ديمقراطي
وسألنا رئيس هيئة التنسيق الوطنية وهي العمود الفقري للجبهة الوطنية الديمقراطية “جود” عن حال هذه الجبهة التي هو عضو في مكتبها التنفيذي، فقال: “الجبهة الوطنية الديمقراطية “جود” إنجاز كبير حققته اللجنة التحضيرية المشتركة قبل 3 سنوات على رؤية سياسية مشتركة وبيان إشهار من دمشق، وقد تمكنت “جود” من عقد مؤتمرها التأسيسي إلكترونياً، بعد محاولات النظام وبعض أجهزته الأمنية منع انعقاده”.
ويوضح عبد العظيم: أن المؤتمر شكّل هيئاتها القيادية وعدداً من اللجان والمكاتب المتخصصة، و”جود” تضم 18 مكوناً سياسياً وشخصيات وطنية وإعلامية هامة وتياراً من المستقلين. موضحاً “أنها تبقى مفتوحة لانضمام قوى سياسية وثقافية ومجموعات شبابية ونسائية وممثلي مراكز دراسات وأبحاث”.
ويضيف عبد العظيم حول خطوة “جود” التالية فيقول: “وتعمل «جود» على تشكيل تحالُف وطني ديمقراطي موسع للقوى الوطنية الديمقراطية المعارضة، ينطلق من تشكيل لجنة تحضيرية جديدة يشارك فيها أعضاء من جود ومن قوى وتيارات ومكونات وقّعت توافُقات وتفاهُمات مع «جود»، وأخرى مستعدة للمشاركة لإعداد رؤية سياسية مشتركة جديدة، ونظام أساسي داخلي جديد لهذا التحالف، يشكل البديل الديمقراطي للمنظومة المستبدة الحاكمة، مهمتها إنقاذ الشعب السوري من هذه المنظومة وإعادته لدوره وبناء الدولة المدنية الديمقراطية لكل أبنائها على تعدُّد انتماءاتهم القومية والدينية”.