موقع درج
إسراء الأعرج – صحافية فلسطينية
21.03.2024
أطفال في غزة يصطفون للحصول على وجبات طعام من منظمات خيرية
تقول زاهية عن الأوضاع المعيشية الحالية في القطاع لـ”درج”، إنها الأسوأ منذ بداية الحرب على قطاع غزة، إذ إن الأسعار وصلت بالتزامن مع رمضان الى أعلى حدّ منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، في ظل الفقر الذي يعيشه الناس والمجاعة وعدم توافر الغذاء سوى المعلبات.
سبق الفلسطينيون في قطاع غزة العالم الإسلامي بالصيام لـ 5 أشهر، فلا يُعرف أهو صوم نفل أو فرض أم صوم بالإكراه! إذ يعيش أهالي القطاع منذ 5 أشهر على فتات المساعدات التي بالكاد توفر في غالبها المعلبات التي لا تمثل أي فائدة غذائية على سلم الأغذية، فيضطر الغزيون مكرهين ومن الجوع إلى الحصول على أكبر قدر من المعلبات لإعانتهم على العيش فقط!
تعاقبت خلال الأشهر الأخيرة، ما اختار البعض تسميتها بمسرحية الإنزالات الجوية التي شارك فيها عدد من الدول، بدأها الأردن من باب كسر الحصار البري. إلا أن الدول انتهجت الطريقة نفسها بالتزامن مع إغلاق معبر رفح البري وتكدّس الشاحنات عليه، إلا أن هذه المساعدات والإنزالات بالكاد تسد رمق الغزيين.
في هذا السياق، حذّرت جهات أممية وحقوقية من خطر المجاعة منذ أشهر مضت، إلا أن هذه التحذيرات لا تزال في مهب الريح، ولا يزال الغزيون يحاربون يومياً الموت بصبر وثبات على رغم أنف الحصار والقصف وأيضاً الجوع. القطاع لم يعد على هاوية المجاعة بل شارف على الوصول الى القاع، بخاصة في مناطق شمال القطاع المحاصرة منذ ما يزيد عن شهرين ولا تدخلها المساعدات إلا “بالقطارة”، وفي حال دخلت المساعدات، يُقصف الناس ويموتون وهم بانتظار الحصول على “شوال” طحين لا يسمن ولا يغني من جوع.
“كلنا شاحبين، أغلبنا بضل على الفطور وما بتسحر”
الوضع الآن هو الأسوأ
تقول زاهية عن الأوضاع المعيشية الحالية في القطاع لـ”درج”، إنها الأسوأ منذ بداية الحرب على قطاع غزة، إذ إن الأسعار وصلت بالتزامن مع رمضان الى أعلى حدّ منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، في ظل الفقر الذي يعيشه الناس والمجاعة وعدم توافر الغذاء سوى المعلبات.
تتابع أنه منذ 3 أشهر وأكثر، لم يتذوّق الغزيون اللحوم والدجاج ولا الفواكه والخضراوات لارتفاع أسعارها وعدم توافرها بكثرة، مؤكدة أن التجار، من خلال رفعهم الأسعار، زادوا العبء النفسي والجسدي خلال رمضان بسبب قلة الأكل وعدم تنوّعه.
“كلنا شاحبين، أغلبنا بضل على الفطور وما بتسحر”، تقول زاهية وتشتكي من وضع الغزيين بعد انقضاء أقل من 12 يوماً على شهر رمضان، مطالبة بأن يُنظر بعين الرحمة الى الأشخاص الذين لا يحصلون على قوتهم بشكل يومي، مشيرة إلى أن المعلبات هي أكثر ما يتوافر بسبب الكوبونات.
اضطر الغزيون خلال موسم الخبيزة إلى تناولها، فهي من النباتات التي تنمو على مياه الأمطار، ولكن الأطفال وبسبب الجوع أصبحوا يقطفون كل أنواع الحشائش البرية ويتناولونها، ما أدخل الناس في دوامة من حالات التسمم، بخاصة أن ثمة أعشاباً سامة وتحتاج إلى طهي بطريقة معينة للتخلص من السمية، بحسب زاهية.
أما أم عبدالله التي نزحت بعد القصف الإسرائيلي على غزة إلى رفح على الحدود المصرية، فتقول لـ”درج”، إنها لا تريد أي شيء سوى توفير الطعام لأبنائها الستة الذين يعيشون في خيمة باردة في الصحراء، مضيفة: “برد وقلة أكل بموتوا”.
تضيف أن زوجها كان عاملاً بسيطاً يعيش على راتب مياومة يومي بالكاد يكفيهم، ولكنه توقف عن العمل بسبب الحرب، وبالتالي فإنهم يعيشون في ظل البرد والجوع والفقر، ولا يجدون ما يأكلونه، ما زاد من معاناتهم، وأصبح الموت من الجوع بالنسبة إليهم مرعباً أكثر من الموت نتيجة القصف.
تؤكد أم عبدالله ما قالته زاهية بشأن الأسعار مع بدء شهر رمضان، قائلة إنها باهظة جداً وليس بإمكان أي مواطن غزي أن يتحملها، حتى الخضراوات أصبحت رفاهية لدى الغزيين، فكيف بالدجاج واللحم؟!.
من جانبها، تقوم الدكتورة هيا حجازي، والتي نزحت أيضاً إلى رفح، ومنذ أول أيام الحرب، بمبادرات إنسانية متنوعة لمن يعيش في خيام النزوح. توضح لـ”درج” أنها لا تزال مستمرة في هذه المبادرات المتنوعة مع ما يصلها من مساعدات نقدية من الخارج، إلا أن أسعار البضائع والمواد التموينية واللحوم تحديداً أصبحت مرتفعة جداً، مما يسبب في انخفاض كمية المساعدات الموزّعة على الناس وأعداد المستفيدين منها.
وكانت الأمم المتحدة أكدت أن أكثر من نصف مليون شخص في غزة يواجهون خطر المجاعة، في ظل الحصار الذي فرضته إسرائيل على القطاع. في حين اتهمت منظمات حقوقية إسرائيل، باستخدام السلاح أداة للتجويع، وهي اتهامات نفاها الاحتلال الإسرائيلي.
الصيام والصحة طبياً
المدير الطبي لمستشفى شهداء الأقصى في منطقة الوسطى في قطاع غزة، الدكتور إياد الجبري، يقول لـ”درج” إن فريقه مستمر بالعمل رغم كل التبعات الصحية للصيام، “قد يأتي أذان المغرب على الأطباء وهم في غرفة العمليات، فيكملون عملهم من دون إفطار حتى نهاية الجراحة”.
ويوضح الجبري أن سفرة رمضان لطالما كانت مليئة بالتنوعات الغذائية واللحوم والخضراوات، إلا وأنه نتيجة الحرب يضطر الناس إلى تناول صنف واحد أو صنفين، وهو ما يؤثر عليهم نفسياً وجسدياً. وبالنسبة الى التنوع الغذائي، يؤكد انعدام هذا التنوع بسبب ارتفاع الأسعار، التي أصبحت خيالية فلا يستطيع الغزاوي أن يوفر حتى الخضراوات والفواكه التي تمد الجسم بالطاقة اللازمة.
وسجلت الإحصاءات الأخيرة في قطاع غزة 38341 قتيلاً ومفقوداً نتيجة العدوان على القطاع منذ السابع من تشرين الأول، و27 حالة وفاة لأطفال بسبب المجاعة والجفاف.
ويبقى السؤال، هل سينتهي “رمضان غزة” أم أنه سيستمر لشهر سابع، وسط سكوت دولي ووحشية القصف الإسرائيلي بالتزامن مع موافقة نتانياهو على مخطط العمليات العسكرية البرية على رفح؟.