الأناضول- العربي الجديد
28 يناير 2025
يواجه الفلسطينيون العائدون إلى شمال غزّة تحدياً صعباً لتوفير مقومات الحياة التي تعمد جيش الاحتلال الإسرائيلي تدميرها خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من حرب الإبادة الجماعية التي بدأها في 7 أكتوبر 2023، واستمرت لأكثر من 15 شهراً.
ومع بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار في غزّة بين حركة حماس وإسرائيل في 19 يناير/ كانون الثاني الجاري، عاد آلاف النازحين إلى مناطق سكنهم ومنازلهم المدمرة باستثناء عودة من في جنوب القطاع إلى شماله، الأمر الذي بدأ منذ أمس الاثنين، لكن فرحة العودة تتبدد مع غياب سبل ومتطلبات الحياة في المنطقة.
ومنذ 10 أيام، يشكو فلسطينيو الشمال من عدم وجود أي مصدر للمياه إضافة لعدم وجود مساحات فارغة لنصب خيام الإيواء على أرضها، وذلك بسبب أنقاض البيوت المدمرة. إلى جانب ذلك فإن المساعدات الإنسانية والإغاثية، لم تصل إلى الشمال، فيما لم يتسن لـ”الأناضول” الحصول على تصريح من الجهات الحكومية. واضطرت العائلات العائدة إلى شمال القطاع لإقامة خيام إيواء في الشوارع وقرب أنقاض منازلها المدمرة في ظل عدم وجود بدائل.
فلسطينيون عائدون إلى شمال غزة سيراً على الأقدام، طريق الرشيد، 28 يناير 2025 (الأناضول)
هيثم انصيو الذي عاد إلى بلدة بيت حانون قبل أكثر من أسبوع، يقول: “لا يوجد أي مقومات حياة في شمال قطاع غزة”. مضيفاً: “الأهالي قرروا العودة رغم عدم وجود مقومات للحياة لأنهم أصحاب الأرض ويعتبرون وجودهم فيها أكبر تحدٍ للاحتلال وانتصار عليه”. لافتاً إلى أن عائلته المكونة من 15 فرداً (زوجة وأبناء وأحفاد) عادت إلى بيت حانون وأقامت خيمة قرب ركام منزلها المدمر وسكنتها رغم انعدام سبل العيش. وبشكل يومي، تضطر عائلة انصيو نقل المياه على عربة تجرها حمار من مسافة تزيد عن عشرة كيلومترات، وفق قوله. ويأمل انصيو أن تعمل الجهات المعنية بأقرب وقت على توفير مستلزمات الحياة للعائدين إلى شمال القطاع، خاصة الماء الذي يعتبر عصب الحياة. مشيراً إلى أن المنطقة لا يوجد فيها خطوط إمداد طعام أو مياه، وداعياً الجهات المسؤولة لإنشاء “مخيمات تشجع الناس على العودة إلى أماكن سكنهم ولو حتى فوق الركام”.
والسبت، دعت وزارة التنمية الاجتماعية بغزة المواطنين العائدين من جنوب القطاع بالاهتمام إلى جلب خيامهم معهم في ظل عدم وصول خيام إلى محافظتي غزة والشمال. وطالبت الوزارة الأطراف بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي من أجل إدخال الخيام بصورة عاجلة لتأمين أماكن سكن للنازحين العائدين.
العائدون إلى شمال غزة.. معاناة مستمرة
وفي مخيم جباليا بمحافظة الشمال، تعيش عائلة النجار نفس المعاناة بعدما أقامت خيمة قرب ركام منزلها المدمر لتأوي بها 9 أفراد. تقول الأم ماجدة النجار: “كل شيء صعب، لا يتوفر لدينا أي شيء يمكن أن يساعدنا على الحياة، جئنا لهذا المكان لأنه لا بديل عنه”. مضيفة عن ظروف الحياة: “لا يوجد (شبكات) صرف صحي ولا ماء ولا فراش ولا أغطية ولا طعام ولا أي مقومات أخرى للحياة”. وتشير إلى أنهم “استبشروا خيراً باتفاق وقف إطلاق النار وكانوا متأملين أن يتم إدخال بيوت مؤقتة أو خيام لكن للأسف لم يحصل ذلك إلى اليوم”. وتتابع متحدثة عن المعاناة اليومية: “ننقل المياه حملاً بالأيدي من مسافات بعيدة وبكميات قليلة جداً لا تكاد تكفي لتلبية الاحتياجات الأساسية”. وتختم: “نأمل أن يتم في أقرب وقت توفير كل ما يحتاجه الأهالي والصامدين شمال قطاع غزة من مقومات حتى يتمكنوا من مواصلة الحياة والانتصار على الاحتلال بصمودهم”.
حشود العائدين في شارع الرشيد، 27 يناير 2025 (فاضل المغاري/الأناضول)
لجوء واغتراب
العودة إلى الشمال… أفراح ممزوجة بالدموع في غزة
والاثنين، قال المكتب الإعلامي الحكومي بغزة في بيان إن محافظتي غزة والشمال بحاجة إلى 135 ألف خيمة وكرفان بشكل فوري حيث بلغت نسبة الدمار جراء الإبادة الجماعية ما نسبته 90 بالمئة في المحافظتين. وطالب المكتب “المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والأممية والدول العربية إلى فتح المعابر وإدخال المستلزمات الأساسية لإيواء شعبنا الفلسطيني”.
ويتكون اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي تم التوصل إليه بوساطة الولايات المتحدة ومصر وقطر، من 3 مراحل مدة كل منها 42 يوما، يتم خلالها التفاوض لبدء مرحلة ثانية وثالثة وصولا لإنهاء حرب الإبادة. وبدعم أميركي، ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و19 يناير 2025، إبادة جماعية بغزة خلّفت نحو 159 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.