بقلم: يورونيوز
نشرت في 07/05/2025
فلسطينيون يجمعون أمتعتهم من مدرسة يستخدمها النازحون كمأوى (صورة أرشيفية)
قتل عشرات الفلسطينيين في قصف إسرائيلي استهدف تجمعًا للمواطنين قرب سوق شعبي في مدينة غزة.
كما أعلن الدفاع المدني أن عدد الضحايا الفلسطينيين ارتفع إلى 33 جراء القصف الجوي الإسرائيلي على مطعم في حي الرمال غرب مدينة غزة الأربعاء، بينما أصيب أكثر من 80 بجروح.
وقال الناطق باسم الجمعية محمود بصل إن “طواقم الدفاع المدني والمسعفين ومواطنين متطوعين نقلوا 33 قتيلًا على الأقل وأكثر من 80 مصابا حوالي نصفهم من الأطفال وبعض النساء، جراء غارة إسرائيلية”.
وأشار إلى أن “المطعم كان مكتظا بمواطنين أثناء حصول بعضهم على وجبات طعام كمساعدات، وأن المنطقة كانت تعجّ بالمارة والباعة وأصحاب البسطات الصغيرة”.
من جهة أخرى، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، الأربعاء، ارتفاع عدد القتلى الصحفيين الفلسطينيين إلى 213 صحفيًا قضوا منذ بدء الحرب.
وقال المكتب الحكومي، في بيان: “ارتفاع عدد القتلى الصحفيين منذ بداية الحرب على قطاع غزة إلى 213 صحفيا، بعد مقتل الصحفي نور الدين مطر عبدو، المذيع والمحرر الصحفي في عدة وسائل إعلامية”.
منذ السابع من أكتوبر 2024 .. كيف يبدو قطاع غزة اليوم

هذا المنشور موجه لغير الفلسطينيين الذين قد لا يكون لديهم فهم كافٍ لما يحدث حاليًا في قطاع غزة، لا سيما فيما يتعلق بأزمة المجاعة المتفاقمة. سأحاول من خلال هذا الطرح توضيح أسباب هذه الكارثة الإنسانية بناءً على الواقع الميداني والمعطيات الموثوقة.
كيف يبدو قطاع غزة؟
قطاع غزة هو شريط ساحلي ضيق تبلغ مساحته نحو 365 كيلومترًا مربعًا فقط، ويقطنه أكثر من 2.3 مليون نسمة، ما يجعله واحدًا من أكثر المناطق اكتظاظًا بالسكان في العالم. قبل الحرب، كان يعتمد بشكل شبه كلي على استيراد الغذاء من خلال معبر كرم أبو سالم التجاري الواقع تحت السيطرة الإسرائيلية، ومعبر رفح الحدودي مع مصر. ولكن منذ اجتياح مدينة رفح في مايو 2024، تم إغلاق المعبر الأخير الذي يربط غزة بالعالم الخارجي، فانقطع القطاع بشكل تام عن مصادر الغذاء.
ولماذا لا يعتمد السكان على صيد الأسماك؟
رغم أن لدى غزة ساحل بطول نحو 40 كيلومترًا على البحر المتوسط، فإن صيد الأسماك يكاد يكون مستحيلًا. قوات الاحتلال الإسرائيلي تفرض قيودًا صارمة على مناطق الصيد، وغالبًا ما تطلق النار على الصيادين الذين يتجاوزون حدودًا ضيقة. وخلال الحرب، تم تدمير الغالبية العظمى من قوارب الصيد، مما جعل البحر، الذي لطالما شكّل مصدرًا للرزق، غير صالح للاستخدام كمصدر غذائي.
من أين يأتي الطعام إذًا؟
منذ الحرب، أصبحت إسرائيل هي المورد الوحيد للطعام إلى غزة، عبر المعابر التي تسيطر عليها بالكامل. تدخل بعض شحنات المساعدات الإنسانية من خلال منظمات دولية. ومع بداية هدنة جزئية في 19 يناير 2025، تدفقت مئات الشاحنات المحملة بالطعام والإمدادات. لكن هذا الترتيب انهار سريعًا، وأعادت إسرائيل إغلاق المعابر بشكل كامل. ومنذ أكثر من شهرين، لم تدخل أي شاحنة غذاء إلى غزة.
ما أثر ذلك على الأسواق والأسعار؟
أدى هذا الانقطاع إلى انهيار تام في منظومة الأمن الغذائي. 100% من المخابز توقفت عن العمل بسبب نقص الوقود والدقيق. سعر كيس الطحين (25 كجم) الذي يُفترض أن يكون مجانيًا تجاوز الآن 230 دولارًا في السوق السوداء. يعتمد معظم السكان على المعلبات إن وُجدت، وبعض المواد القليلة المتوفرة التي بالكاد تسد الرمق.
وماذا عن اللحوم ومنتجات الحيوانات؟
الثروة الحيوانية في غزة كانت ضعيفة قبل الحرب، ومع القصف والانقطاع الكامل في الإمدادات البيطرية والغذائية، تم القضاء على ما تبقى منها. يُمنع دخول المواشي إلى القطاع، ما يجعل اللحوم حتى الحمراء منها أو الدواجن من السلع التي يستحيل العثور عليها ، معظم سكان قطاع غزة لم يتناولو اللحوم منذ شهور عديدة.
ولماذا لا يزرع سكان غزة غذاءهم بأنفسهم؟
لأن إسرائيل صنّفت كافة المناطق الحدودية – وهي الأراضي الزراعية الأهم في غزة – كمناطق عازلة يُمنع الاقتراب منها، العديد من سكان قطاع غزة فقدو أو قتلو لأنهم إقتربو من هذه المناطق . كما تم قطع المياه عن معظم مناطق القطاع، وبالتالي وأصبحت الزراعة المنزلية شبه مستحيلة. أكثر من 90% من سكان غزة لا يحصلون على مياه كافية للشرب، فكيف اذا سوف تُزرع الخضروات؟
ولماذا لا يخزن الناس الطعام مسبقًا؟
لأن تخزين الطعام يتطلب شراء كميات كبيرة لا يستطيع معظم سكان غزة تحمل كلفتها. وحتى إن توفرت الكمية، فإن الكهرباء منعدمة منذ أكتوبر 2023، ولا توجد ثلاجات لحفظ الطعام. كما أن النزوح المستمر – حيث أُجبر أكثر من 1.9 مليون شخص على مغادرة منازلهم – يجعل الاحتفاظ بأي طعام أو ممتلكات أمرًا غير عملي.
ما هي النتيجة؟
المجاعة في غزة باتت واقعًا يوميًا. مشاهد الأطفال الذين يعانون من الهزال وسوء التغذية لم تعد نادرة. وفقًا لتقارير الأمم المتحدة في أبريل 2025، فإن أكثر من نصف سكان غزة (نحو 1.2 مليون شخص) يواجهون مستويات من الجوع الحاد، في حين يُصنَّف 30% منهم في حالة “انعدام أمن غذائي كارثي”، وهي أعلى درجات المجاعة حسب التصنيفات الدولية.