كتب: سلوى الزغبي
04:45 م | الأحد 23 يوليو 2017
أنادي عليك أبا خالدٍ
وأعرف أني أنادي بوادْ
وأعرف أنك لن تستجيبْ
وأن الخوارق ليست تُعادْ..
لعلها الكلمات الأشهر في مديح صاحب الثورة، جمال عبدالناصر، لكنها أبدا لن تكون الكلمات الأخيرة التي تتغنى بـ”حبيب الملايين”، بعد أن أسس نظامًا عربيًا، خرجت ألسنته من كل قطر في الوطن الأكبر لتنشد فيه ما تجود به الآلهة عليهم.. من سوريا إلى فلسطين إلى الإمارات والسودان، غزل الشعراء العرب قصائدهم في مديح الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، يعددون فيها مآثره وإنجازاته، لكن الشاعر السوري محمد الماغوط آثر أن يطرح مطلبا واحدا في قصيدة لم تأخذ حقها في الانتشار كمثيلاتها في مضمار المديح الناصري، وهي قصيدة “آخر تانجو في الصعيد”، فقد لخص عبد الناصر في مطلب أن يكون هناك نسخة جديدة منه ولو برتبة “عريف”.
وتنشر “الوطن” عددا من القصائد التي كتبها الشعراء العرب في مديح جمال عبدالناصر في الذكرى الـ65 لثورة 23 يوليو 1952.
ـ محمد الماغوط.. “آخر تانغو في الصعيد”
إعصار جديد في أميركا
حوت جديد في اليابان
أرز جديد في الصين
زهور جديدة في هولندة
سجاد جديد في إيران
قريدس جديد في الإمارات
قات جديد في اليمن
طائفة جديدة في لبنان
لغة جديدة في الجزائر
كنيسة جديدة في فلسطين
جامع جديد في السودان
هرم جديد في مصر
مصيبة جديدة في العراق
شعار جديد في دمشق
*أيتها الأغصان الباردة كأطراف الموتى
أيتها المواهب الذابلة في ربيعها الأول
أيتها السجون المزدحمة بالأحرار
أيتها القطارات الغاصة بالمهاجرين
أيتها الخطب المرتجلة من الشرفات
أيتها المسيرات المعطلة في كل مكان
أيها المتثائبون والمتثائبات:
في المطابخ
في المقاهي
في الحقول
في المدارس
في المعابد
في الفنادق
في المسابح
في المباغي
في المعسكرات…
أما من عبد الناصر جديد ولو برتبة عريف؟
ـ نزار قباني.. “الهرم الرابع”
السيّدُ نامْ
السيّدُ نام
السيّدُ نامَ كنومِ السيفِ العائدِ من
إحدى الغزوات
السيد يرقدُ مثلَ الطفلِ الغافي..
في حُضن الغابات
السيد نامَ..
وكيف أصدق أن الهرم الرابع مات؟
القائد لم يذهب أبداً
بل دخل الغرفة كي يرتاح
وسيصحو حين تطل الشمسُ..
كما يصحو عطر التفاح..
الخبز سيأكله معنا..
وسيشرب قهوته معنا..
ونقولُ لهُ..
ويقولُ لنا..
القائد يشعر بالإرهاقِ..
فخلّوهُ يغفو ساعات..
يا مَن تبكون على ناصر..
السيد كان صديق الشمس..
فكفّوا عن سكبِ العبرات..
السيّد ما زال هُنا..
يتمشّى فوق جسور النيل..
ويجلس في ظل النخلات..
ويزور الجيزة عند الفجر..
ليلثمَ حجرَ الأهرامات.
يسألُ عن مصر..
ومَن في مصرَ..
ويسقي أزهارَ الشرفات..
ويصلّي الجمعة والعيدين..
ويقضي للناسِ الحاجات ما زال هُنا عبد الناصر..
في طميِ النيل، وزهرِ القطن..
وفي أطواقِ الفلاحات..
في فرحِ الشعب..
وحزن الشعب..
وفي الأمثال وفي الكلمات
ما زال هُنا عبد الناصر..
من قالَ الهرمُ الرابعُ ماتْ؟
يا مَن يتساءلُ: أينَ مضى عبدُ الناصر؟
يا مَن يتساءلُ: هل يأتي عبدُ الناصر..
السيّدُ موجودٌ فينا..
موجودٌ في أرغفة الخُبز..
وفي أزهارِ أوانينا..
مرسومٌ فوقَ نجومِ الصيفِ، وفوقَ رمالِ شواطينا..
موجودٌ في أوراقِ المصحفِ في صلواتِ مُصلّينا..
موجودٌ في كلماتِ الحبِّ..
وفي أصواتِ مُغنّينا..
موجودٌ في عرقِ العمّالِ..
وفي أسوانَ..
وفي سينا..
مكتوبٌ فوقَ بنادقنا..
مكتوبٌ فوقَ تحدينا..
السيّدُ نامَ..
وإن رجعت أسرابُ الطيرِ..
سيأتينا..
ـ محمود درويش.. ” الرجل ذو الظل الأخضر”
في ذكرى جمال عبد الناصر—–
نعيش معك
نسير معك
نجوع معك
وحين تموت
نحاول ألا نموت معك !
و لكن،
لماذا تموت بعيدا عن الماء
والنيل ملء يديم؟
لماذا تموت بعيدا عن البرق
والبرق في شفتيك
وأنت وعدت القبائل
برحلة صيف من الجاهلية
وأنت وعدت السلاسل
بنار الزنود القوية
وأنت وعدت المقاتل
بمعركة..ترجع القادسية
نرى صوتك الآن ملء الحناجر
زوابع..
تلو
زوابع
نرى صدرك الآن متراس ثائر
ولافتة للشوارع
نراك
نراك
نراك
..طويلا
..كسنبلة في الصعيد
جميلا
..كمصنع صهر الحديد
وحرا
..كنافذة في قطار بعيد
ولست نبيا،
ولكن ظلك أخضر
أتذكر؟
كيف جعلت ملامح وجهي
وكيف جعلت جبيني
وكيف جعلت اغترابي
وموتي
أخضر
أخضر
أخضر
..أتذكر وجهي القديم؟
لقد كان وجهي يحنّط في متحف انجليزي
ويسقط في الجامع الأمويّ
متى يا رفيقي؟
متى يا عزيزي؟
متى نشتري صيدلية
بجرح الحسين.. ومجد أميّة
ونبعث في سدّ أسوان خبزا وماء
ومليون كيلواط من الكهرباء؟
أتذكر؟
كانت حضارتنا بدويا جميل
يحاول أن يدرس الكيماء
ويحلم تحت ظلال النخيل
بطائرة.. وبعشر نساء
ولست نبيا
ولكن ظلك أخضر..
نعيش معك
نسير معك
نجوع معك
وحين تموت
نحاول ألا نموت معك
ففوق ضريحك ينبت قمح جديد
وينزل ماء جديد
وأنت ترانا
نسير
نسير
نسير
ـ حمد بن خليفة أبو شهاب.. “رثاء جمال عبدالناصر”
المرء يسعى والمنية أسرع والدهر بينهما يسرويفجع
قدر يسيره المهيمن حيثما يختاره لا حيثما نتوقع
يا أمة فجعت بفقد زعيمها وقوى الضلال لسلبها تتجمع
نفذ القضاء ولا مفر لكائن حي من الأمر الذي لا يدفع
لو كان يقبل عن جمال فدية لفدته أنفس يعرب والأدمع
لكن حكمة ربنا في خلقه للمؤمنين به دليل مقنع
واختار ربك ناصراً لجواره شأن الأمانة حينما تسترجع
يا أيها الإنسان لم ينل الألى ما نلت من حب به تتمتع
جرحت فجيعتك الضمائر كلها فكأنها في كل قلب مبضع
أنا قبل فقدك كنت شاعر قومه أزجي القريض كما أشاء وأبدع
فغدوت لا أزن القوافي حسبما أهوى ولا كيف المعاني توضع وإذا خلت نفسي إلي فإنني استشعر العزم الذي يتضعضع
ماذا أقول وقد بلوت تصبري فوجدت صبراً منهكاً لا ينفع
حاولت إيقاف الدموع تجلداً ففشلت واستعصى علي المدمع
إني لأستعفي الأديب قصيدة هزلت وبان من الهزال الأضلع
أبكيه من حر الفراق تألما لكنني رغم البكا لا أجزع
أنا لن أسجل ههنا تاريخه فسجله بالمكرمات مرصع
والعرب تعرف فضله وجهاده كالغيث حيث يصيب أرضا تمرع
إني لأسأل كل من لاقيته هل شمسنا بعد الغروب ستطلع
وهل المهيأ بعد فقد زعيمنا سيعيد ما سلب الطغاة ويرجع
ما كان قبلك للعروبة قيمة منذ الخلافة أو مقام يرفع
حتى أنرت لها الطريق فأصبحت فعلا لكل فضيلة تتطلع
والناس مختلفون في آرائهم لكن فيك على المحبة أجمع
وافقدتك أمة يعرب وعدوها لما يزل في قدسها يتسكع
تموز أين جمال؟ إين حبيبنا؟ أين الخطيب العبقري المصقع؟
أين الجماهير التي تصغي له فيهزها الكلم الجميل المقنع؟
أرجو وآمل أن يوفق ربنا من للعروبة والشريعة أنفع
ـ محمد الفيتوري.. “القادم عند الفجر”
الآن وأنت مسجى
أنت العاصفة، الرؤيا، التاريخ، الأوسمة، الرايات
الآن وأنت تنام عميقًا
تسكن فى جنبيك الثورة
ترتدّ الخطوات
تعود الخيل مطأطئة من رحلتها
مغرورقة النظرات
الآن يقيم الموت سرادقه العالى
يتدفق كالأمطار على كل الساحات
الآن يكون الحزن عليك عظيمًا
والمأساة
تدوس على جثث الكلمات
الآن وهم يبكون
كأن ملايين الأرحام
ولدتك
وأنك عشت ملايين الأعوام
وكأن اسم البطل المنحوت على حجر الأهرام
اسمك
وكأن يد العربى الأول
– تشعل كل مآذن مكة في ليل الصحراء – يدك
وكأنك أنت تقاتل تحت لواء محمد فى مجد الإسلام
وليلة أن سقطت خيبر
قبّلت جبين علىّ مبتسمًا
ورحلت غريبًا تحملك الأيام
لتبصر ظلّ جوادك عبر موانئ بحر الروموت
بنى أهرامات أُميّة فوق جبال الشام
عبد الناصرعبد الناصر
أيدى الفقراء على ناقوس الثورة
والفقراءغرباء ومصلوبين
زحموا الباب العالى ومشوا فوق البسط الحمراء
وخديو مصر يطأطئ هامته بعد الخُيلاء
أو أنت عرابى الواقف تحت الراية
ذو الصوت الآمر
أو أنت الثورة يا عبد الناصر
أو أنت الثورة والشعب الثائر
دع لى بعض الزهرات أعلقهن على صدرك
دع لى بعض اللحظات
يا من يتضاءل مجد الموت لدى عتبات عُلا
هيا من يتجسّد – وهْو شَموخ – فى قلب المأساة
يا عطر الأيام الحُبلى بعذابات التكوين
يا من هو كل المظلومين وكل المهمومين
إنى أصغى لصدى خطواتك فى أرض فلسطين
أو أنت القادم عند الفجر إلى أرض فلسطين
عليك سلام الله
عليك سلام الله.