ملحق
أسئلة وأجوبة عن محاضرة “الإسلام بين الناصرية والجماعات السلفية”
س 1: هل الناصرية من خلال ما تحدثتم عنه من انتماء للإسلام هي حركة ذات بعد ديني طائفي؟
ج 1: قلنا في بداية المحاضرة أن نظرتنا للإسلام شاملة، بحيث لا تقتصر على شريعة واحدة، ومن هنا فالناصرية لا تقتصر على طائفة، بل هي لكل المواطنين العرب. ومن المعروف أن العرب جميعهم ينتمون إلى ديانات سماوية، والميثاق الوطني للناصريين يتحدث عن رسالات السماء ككل. القضية الثانية أن مفهومنا لدولة الإسلام يخرجها عن طابع الدولة الدينية، بل هي دولة مدنية تستمد ارتباطها الديني من تحقق مقصد الشرع.
س ٢: تحدثتم عن دعوة للقاء بين التيار القومي، والاحزاب الأصولية، كيف توفقون بين هذه الدعوة، وبين طبيعة منظور هذه القوى لمسألة التحالف ولمشروع هذه القوى؟
ج 2: الحوار والتحالف أولا، لا يقوم بين قوى تحمل مفاهيم موحدة، وإلا كان المطلوب تحقيق الوحدة بين هذه القوى، التحالف يعني أولا أن القوى المدعوة للتحالف تحمل مواقف مختلفة في بعض المسائل، وتتفق في مسائل أخرى، المهم في الحوار هو احترام رأي الآخر، والاعتراف به أصلا. والمهم في التحالف أن تكون للقضايا المتفق عليها الأولوية لدى الأطراف المتحالفة.
الواقع الحالي يضع في سلم أولويات قوى المجتمع الحية مسألة كيفية مواجهة الهجمة الصهيونية / الغربية، كما أن الواقع ذاته حسم أن تيارا واحدا في هذه الأمة غير قادر على إدارة الصراع منفردا ضد جبهة الأعداء، وهو يفرض نوعا وقدرا من النضج، وقراءة جدية للواقع، من أجل تغييره.
التيار القومي العربي عموما نضجت لديه هذه المسألة على مستوى الخطاب السياسي، وعلى مستوى الرؤية الاستراتيجية، عملية النضج التي تدفع للاعتراف بالآخر، والبحث عن صيغ التعامل معه، عداء أو لقاء، لا يعقل أن يقتصر هذا النضج على التيار القومي رغم أنه السباق إليها، لكنها ليست حكرا عليه.
اعتقد أن تيار المنظمات الإسلامية بدأ أيضا يعي هذه المسألة، ووصل الوعي إلى الخطاب السياسي لبعض أطراف هذا التيار، كما أن وعيا ونضجا بالعمق هي موجودة لدى بعض مفردات هذا التيار، لكن النضج لم يصل بعد إلى العمق الاستراتيجي / العقائدي بشكل عام، وهذا ما يجب أن نعمل عليه، وأن ندفع لإنضاجه.
ونحن عندما ندخل في مناقشة هذه المفاهيم التي نشبت بالعدائية، فإننا نساهم في عملية الانفتاح، المهم أن يكون واضحا أن “الشورى / الديمقراطية” القائمة على الاعتراف بالآخر، وعلى تقبل الحوار بعيدا عن التكفير والتخوين، هي المدخل، وأن مصارعة العدو الخارجي هو الميدان لهذا التحالف والتضامن.
س3: ما هي علاقة المنظمات الأصولية بالقوى الغربية، وكيف أصبحت الأصولية عدوا للغرب اليوم كما هو مطروح في الإعلام؟
ج3: المسألة ليست بالبساطة المطروحة، فهي تتعلق بأولويات القوى والدول، في مرحلة كان هناك تقاطع في المصالح بين القوى الأصولية أو بعضها على الأقل وبين المشروع الغربي، المواجه بقوة للحركة القومية العربية.
هذه الحركات الأصولية اعتقدت ان عدوها هو من اخذ مكانها في الداخل، الغرب كان يرى الخطر الآتي قادما مع النهوض القومي الذي طرح مشروعه في دولة عربية كبرى، من هنا حدث التحالف، وكما رأينا تم تنظير هذه العلاقة بحديث عن أولوية الصراع مع العدو الداخلي.
وحدث هذا أيضا خلال صراع أفغانستان، بعض الحركات الأصولية رأت أن الخطر الداهم هو الخطر الشيوعي، وعلى هذا تم التحالف مع الإدارة الأمريكية.
يضاف إلى ذلك بعض القوى الإسلامية يسيطر عليها نظرة للحكم “إمبراطورية”، حيث رأس السلطة هو الأصل، وكان لديها اعتقاد أن مجرد تغيير قناعات رأس السلطة كاف لإقامة دولة الإسلام، اعتقدوا أن هذا ممكن مع الملك فاروق، وتحالفوا معه ضد حكومة الوفد ذات الأغلبية الشعبية قبل ثورة عبد الناصر، وحدث هذا مع السادات، وحدث هذا مع النميري، متجاهلين أو جاهلين أن بناء مشروع حضاري ذو أسس لتغيير المجتمع، لا يقوم بهذه البساطة، ووقعت هذه القوى في شرك صنعته بأيديها، ضاعت معه الفواصل بين طرح مشروع تغيير واسع، وبين انتهازية سياسية.
اليوم بعد أن أجهض المشروع القومي، وبعد زوال العدو السوفيتي، أصبحت قاعدة العداء للمشروع الغربي محصورة، ودفع إلى الواجهة التيار الأصولي والتيار القومي معا، لكن رغم هذا، فالعدو الغربي سيبقى مستفيدا من ثغرات العلاقات السابقة بين التيارين الإسلامي والقومي، وربما يستخدمها في معركته سواء مع الأصوليين أو القوميين، أو حتى مع الأنظمة التابعة، لانتزاع المزيد من التبعية، وهو يستفيد أيضا من عملية تفتيت المجتمع، وضياع عوامل الوحدة الداخلية فيه.
المهم لنا دوما البحث عن الأولويات، والنظرة الاستراتيجية البعيدة المدى، والمهم أيضا أن ندرك جميعا أن الخطر الأساسي الاستراتيجي هو المشروع الغربي / الصهيوني وان نتصرف على هذا الأساس.
س ٤: “سيد قطب” عالم ومفكر إسلامي، لماذا أعدم خلال عهد جمال عبد الناصر، وهل هو شهيد مظلوم كما تطرح بعض الجماعات؟
ج4: في الوقت الذي ندعو فيه لطي الصفحات من الماضي ولا نجد مفيداً فتح الجراح القديمة، إلا أن استمرار طرح هذا الموقف الخاطئ من تلك الجماعات يعبر عن استمرار الخطأ الذي ارتكبته في حق الأمة منذ صدامها المبكر مع عبد الناصر.
وكما قلنا في المحاضرة فإن بعض فصائل التيار تصر على قراءة تاريخها بشكل خاطئ، وهي لا تعيد النظر فيه، كما هو مفترض من قوى تبحث عن مكان لها في المستقبل، وليس في التاريخ.
ومع ذلك، ورغم أنني من الذين لا يحبون أن يضعوا أنفسهم في موقع “القضاة”، وإصدار الأحكام في مثل هذه القضايا، إلا أنه يجب علينا أن نسترشد بعدة قضايا قبل الحكم في المسالة.
أولا: أن يكون المرء عالميا لا يعفيه من المسؤولية الجنائي، والشرائع الإلهية، والقوانين الوضعية الحالية لا تعفي الانسان من تحمل المسؤولية الجنائية بسبب ” علمه”، أو ” مكانته الاجتماعية”، حيث يقول رسول الله صلى الله علية وسلم: لو أن فاطمة بنت محمد سقت لقطعت يدها”.
ثانيا: علم المرء لا يوفر ضمانة نهائية من الانحراف، في المحاضرة طرحنا الموقف الذي استقر عليه فقهاء المسلمين في الخوارج، وكيف أنهم رأوا فيهم أنهم كانوا أكثر المسلمين عبادة، وبعضهم كان من خيرة القراء، وكيف أن الفساد نجم عن فساد التفكير عندهم، أي أن علمهم وحتى عبادتهم لم تمنعهم من الانحراف، ومن الخروج على المسلمين، ولم تمنع المسلمين من تنفيذ حد البغي عليهم، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:” شر الناس العلماء إذا فسدوا”
ثالثا: سيد قطب اعترف بدوره في مؤامرة 1964، والتي استهدفت اغتيال قيادات البلد، ونسف الجسور والكباري، وغيرها بهدف تنفيذ مخطط للاستيلاء على السلطة، ومنع ملاحقة المنفذين.
واعترف أمام المحكمة أيضا في رسالة نقلها أتباعه، ونشرتها في “مجلة المسلمون” السعودية عام 1986 تحت عنوان ” لماذا أعدموني”، وجاء في الرسالة:
“وفقا لهذا جاؤوا في اللقاء الثاني (1)، ومع أحمد عبد الحميد قائمة باقتراحات تتناول الأعمال التي تكفي لشل الجهاز الحكومي عن متابعة الإخوان في حال ما إذا وقع اعتداء عليهم لأي سبب… هذه الأعمال هي الرد فور وقوع الاعتقالات لأعضاء التنظيم بإزالة رؤوس في مقدمتها: رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، ومدير مكتب المشير، ومدير البوليس الحربي، ثم نسف بعض المنشآت التي تشل حركة مواصلات القاهرة، لضمان عدم تتبع بقية الأخوان فيها، وفي خارجها، كمحطة الكهرباء، والكباري. وقد استبعدت فيما بعد الكباري حين ظهر من المشاورات الجارية أن الإمكانيات العملية غير مستكملة لتحقيق هذه المهمة، وان الرجال والأسلحة دون المستوى المطلوب لتنفيذ هذه المهمة، اتفق على الإسراع في التدريب، بعدما كنت أرى تأجيله، ولا أتحمس له باعتباره الخطوة الأخيرة في خطة الحركة، وليس الخطوة الأولى”.
رابعا: لم يعاقب سيد قطب على فكره، بل على العكس سمح له بطباعة كتابه معالم في الطريق وعرضته الرقابة على جمال عبد الناصر الذي أشار بالسماح بطبعه نؤمنا ان الفكر لا يواجه الا بالفكر، وكتابه في ظلال القرآن ألفه في المعتقل واطلع عليه مسؤولو السجن، ولم يمنعه أحد من التأليف والكتابة، فقط منعت هذه الكتابات عندما استخدمت كإرشادات لتنظيمات إرهابية …
س ٥: ما هو الموقف الناصري من مسألة تطبيق الشريعة الإسلامية؟
ج٥: أولا: خلال نظام عبد الناصر كانت الشريعة هي المصدر الأساسي التشريع، وكان عبد الناصر يؤمن أن
- سيد قطب ـ لماذا أعدموني؟، ويتحدث هنا عن قيادة تنظيم الإخوان السري الذي يقوده.
التشريع يجب أن يواكب حركة المجتمع وفق سنة التدرج، وهو عمل على تهيئة المجتمع من خلال نشر العدل وتطبيق المصلحة العمياء.
ثانيا: يقول الشيخ د. يوسف القرضاوي في كتابه الصحوة الإسلامية بين الجمود والتدرج الذي أشرنا إليه “أراد عمر – بن عبد العزيز – أن يعود بالحياة إلى هدي الخلفاء الأربعة، وذلك بعد أن يتمكن ويمسك الخطوط بين يديه، ولكن كان ابنه الشاب الغيور عبد الملك من الأتقياء المتحمسين ينكر على أبيه عدم إسراعه في إزالة كل بقايا الانحراف والمظالم والتعسفية والقضاء على آثارها، ورد الأمور الى سنن الراشدين.
فقال له يوما: مالك يا أبت لا تنفذ الأمور؟ فوالله ما أبالي لو أن القدور غلت بي وبك في الحق! فكان جواب الأب الفقيه المؤمن، لا تعجل يا بني فإن الله ذم الخمر في القرآن مرتين وحرمها في الثالثة، وإني أخاف أن أحمل الناس على الحق جملة، فيدعوه جملة، فيكون من ذلك فتنة”.
ثالثا: جاء في برنامج الحزب العربي الديمقراطي الناصري (مصر)، أكبر الأحزاب الناصرية العربية تحت عنوان المتغيرات والثوابت: “تترك العقيدة لاختيار الإنسان على أن يلتزم الجميع بما ارتضاه المجتمع من سيادة منهج الإسلام، وبالتالي تصبح الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، وهو ما يتيح لمجتمع تتم فيه تنشئة الأفراد تنشئة دينية سليمة، أو يطوعوا قوانينهم لما يتفق مع ما يتعرض له المجتمع من تطور دون أن يجاوزوا أحكام الدين”.
س ٦: قلتم إن قاعدة الحوار بين القوى الحية في المجتمع هي العداء للغرب والصهيونية، كيف تنظرون من الناحية الشرعية لما يجري اليوم من صلح واعتراف بالعدو الصهيوني؟
ج٦: اعتقد أن الفتوى الصادرة عن الأزهر في عهد عبد الناصر تمثل هذا الموقف أحسن تمثيل، حيث جاء في الفتوى ردا على قضية التفاوض والتعامل مع العدو الصهيوني:
“فلئن حاول إنسان أن يمد يده لفئة باغية، يصنعها الاستعمار لتكون جسرا له يعبر عليه إلى غاياته، ويلج منه إلى أهدافه، لو حاول إنسان ذلك لكان هو الخروج على الدين بعينه، والنكوص الممقوت، ولا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين، ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء…
ولذا وجب على المسلمين والعرب أن تجتمع كلمتهم لدرء هذا الخطر، وأن يبتعدوا عن كل ما من شأنه تقوية هذه العصبة الطاغية، سواء أكان عن طريق الاعتراف، أو المعونة الفكرية بالرأي والتدبير والمعونة المالية، أو ترويج سلعهم بيعا أو شراء، فإن ذلك كله موالاة لهم تثبت أقدامهم، وذلك كله خطر أيما خطر يهدر – في حكم الشرع والدين – دم القائمين به ويجعلهم في حكم الخارجين عن الجماعة الإسلامية (أي جماعة المسلمين).
ولمن أراد أن يحصل على الكتاب كاملاً على شكل كتاب الكتروني يمكنه تحميل الكتاب من الروابط المرفقة التالية:
لـ تنزيل نسخة من الكتاب بصيغة PDF يمكنكم التحميل
من الرابط التالي
لقراءة المحتوى أو التحميل على google drive
من الرابط التالي