سليمان يوسف
صفحة التجمع العربي للتنوير
“إن السبب الحقيقي للتغيرات الكبرى هو التغيير العميق الذي يصيب أفكار الشعوب”.(جوستاف لوبون)
- ولفهم خصائص الجماهير يقول لوبون… “للكلمات الرنانة سطوتها وللأوهام حضورها الأسطوري، الخطاب العقلاني لا يجذبها لأنها في اللاوعي تفضل كل ما هو وهمي، لذا فإن الخطباء لا يتوجهون إلى عقلها بل إلى عاطفتها، فقوانين المنطق العقلاني ليس لها أي تأثير فيها”. ويضيف… “إن الجمهور غير قادر على الاحتكام للعقل ومحروم من كل روح نقدية ولذلك فإنه يُبدِي سرعة تصديق منقطعة النظير، وكذلك قدرة هائلة على التضخيم والتشويه”.
- أعتقد ما طرحه جوستاف لوبون في كتابه (سيكولوجية الجماهير) هام جداً لمجتمعات العالم الثالث وتحديداً العالم العربي، بعكس المجتمعات الحديثة التي خرجت من عصر الجماهير الي عصر الفرد الفاعل .. وهو ما قد يقودنا الي تفسير فوضى الوعي لدى الشعوب العربية الخاضعة لتأثيرات الخطاب الديني من جهة والخطاب السياسي من جهة أخرى، وحيث ان العقل العربي لازال عاجزاً عن التفكير الحر الناقد ولازال تسيطر عليه الأسطورة والتي لا ترمز إلى البعد الديني فحسب، بل لها مرتكزاتها على الصعيد السياسي ايضا.!
- أما المسار الذي بلوره “لوبون” للتصدي لهذه الغرارة العقلية فيراه في قيام الأفراد “الخواص” بتعرية متخيل الجمهور والتوهيم الذي يمارسه السلطان الديني والسياسي، وهدم وتفكيك هذه الأساطير والأوهام، ودفع المجتمع للتحول من مرحلة الفطرة إلى مرحلة العقل. وطبقاً لأطروحة جوستاف لوبون فقد حدد مهمة الأفراد “الخواص” في الأخذ بيد مجتمعاتهم للتحول من مرحلة “الفطرة” الي مرحلة “العقل” ومن مرحلة “الجماهير” الي مرحلة الفرد “الفاعل”…