أبريل 22, 2022
يستمرّ معارضون في انتقاد مسار اللجنة الدستورية حيث يعتبرونها تعطيلا لمختلف المسارات وعنوانا لأزمة سياسية خانقة خاصّة مع العقبات والعراقيل التي عاشتها منذ تشكيلها والتّي حالت دون استكمالها لمهامها بكتابة دستور جديد لسورية مدّة عامين.
ويرى أحمد العسراوي عضو المكتب التنفيذي لهيئة التنسيق الوطنية، وعضو اللجنة الدستورية ، في حوار مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن الملف السوري مُحاط بالمصالح الدولية، لافتا إلى أن مسار اللجنة مهم ولا يتعارض مع القرارات الأممية بل هو صلبها، مشدّدا على أهمية التوافق بين النظام والمعارضة لتعديل مسارها حتى يتسنّى للطرفين كتابة دستور يتماشى ومطالب الثورة.
س–تتواتر الأصوات لإيقاف مسار اللجنة الدستورية والتركيز على القرار 2254، هل يمكن اليوم بعد سبع جولات الاستغناء عن هذا المسار ؟؟
ج- لا أتجاهل بعض الأصوات الإعلامية التي تطلب إيقاف عمل اللجنة الدستورية وأقرأ ما تصبو إليه بموضوعية، ومن هنا أدعوهم لتقديم البدائل المفيدة أكثر والتي تحقّق المطالب المحقة التي ثار الشعب السوري وقدم التضحيات من أجهلها.
-يمكنني القول إنّ العملية السياسية التفاوضية تستند لبيان جنيف 30/6/2012 المؤكّد عليه بالقرار الدولي 2118/2013 والمرجعية لهما الأمم المتحدة ، وعلى هذه الأسس عقد مؤتمري فيينا لمجموعة العمل من أجل سورية في شهري أكتوبر ونوفمبر 2015 بعد أن تدخّلت روسيا الاتحادية عسكرياً بالملف السوري اعتباراً من 15 سبتمبر 2015، وكانت نتيجة المؤتمرين عقد الاجتماع الموسع الأول لقوى الثورة والمعارضة السورية في الرياض أواخر العام2015، ونتج عنه الهيئة العليا للمفاوضات التي ضمت هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي والائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية ممثّلين عن الشخصيات الوطنية السورية المعارضة، بعض ممثلي الفصائل المسلحة المؤمنة بالحل السياسي التفاوضي، والتي يحمل إسمها المهمة الأساسية لها وهي التفاوض على الحلّ السياسي الذي يفضي من وجهة نظرنا للتغيير الوطني الديمقراطي، ومع بداية عملها جاء القرار الدولي 2254 /2015 الذي يمثّل برنامج عمل موضوعي للعملية السياسية، لما يحتويه من فقرات غير تفاوضية لأنها حق للشعب السوري وجب تنفيذها، لكنه أشار إلى كل من منصتي موسكو والقاهرة كأطراف أساسية بالعملية السياسية، وبغض النظر عن الأخطاء غير المتعمدة من بعض قوى المعارضة السورية فإن النظام السوري في كافة الجولات التفاوضية لم يكن على قدر كاف من المسؤولية الوطنية وبقي توجّه النظام يسير نحو المماطلة والتسويف، ومن ثمّ عقد الاجتماع الموسّع الثاني لقوى الثورة والمعارضة السورية في الرياض أواخر العام 2017، ونتج عنه هيئة التفاوض السورية التي ضمّت منصّتي القاهرة وموسكو بالإضافة إلى مكونات الهيئة العليا للمفاوضات، التي يحمل إسمها المهمة الأساسية لها.
-وفق بيان جنيف والقرارات الدولية ذات الصلة بالملفّ السوري وأهمّها القرارين الدوليين 2218/2013 و2254/2015، للعملية السياسية التفاوضية في سورية هناك أربعة محاور رئيسية أوّلها: هيئة الحكم الانتقالي التشاركية التي تؤمّن البيئة الآمنة والمحايدة للانتقال من الحالة الراهنة إلى دولة المواطنة الديمقراطية بكل ما تحمل من ميزات، وثانيها: العملية الدستورية التي تنتج مشروع إعلان دستوري أو دستور مؤقت أو مشروع دستور دائم ليعتمد وفق التوافق السياسي، وثالثها: العملية الانتخابية الشفافة والنزيهة التي تضمن مشاركة كل السورين بما فيهم النازحين داخل البلاد والمهجّرين قسراً خارجها ومن ثم الأمن ومكافحة الإرهاب بكافة مولداته وحواضنه منوهاً إلى أن الاعتقال التعسفي والاختطاف والتغييب إحدى العناصر الأساسية لتوليد الإرهاب .
س-هل تتعارض مهام اللجنة مع القرار2254؟
ج–لا أعتقد بل وأجزم بأن المهام المُوكلة للجنة الدستورية لا تتعارض مع قرار مجلس الأمن الدولي 2254/2015، ونحن نقرأ القرار المذكور بوصفه جدول الأعمال للعملية السياسية التفاوضية الذي يحوي البنود من 12 إلى 14 غير التفاوضية وهي حقّ الشعب السوري وواجبة التنفيذ، كما نتعامل مع اللجنة الدستورية بهيئتيها الموسّعة والمصغرة كمفتاح للعملية السياسية التفاوضية بمحاورها الأربع المذكورة أعلاه، وليست بديلاً عنها أو عن بيان جنيف والقرارات ذات الصلة، وتبقى المرجعية الأساسية للملف السوري هي الأمم المتحدة، ومن هنا تأت أهمية متابعة مسار اللجنة الدستورية ، مع كل العثرات التي تعترض طريقا، منوهين إلى أن تفاعلنا الإيجابي مع مخرجات ما سُمّي بمؤتمر الحوار الوطني السوري “مؤتمر سوتشي” الذي لم نشارك فيه، جاء بعد التأكيد من انطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة خلال مؤتمره المتلفز أن اللجنة تعتبر جزءا من العملية السياسية وليست بديلاً عنها.
س-يتراشق النظام من جهة والمعارضة من جهة أخرى التهم بتعطيل مسار هذه اللجنة، من يتحمّل المسؤولية وكيف يمكن اليوم تعديل مسارها حتى يتسنى للطرفين كتابة دستور يتماشى ومطالب الثورة ؟
ج-أؤكد أن الفريق المرشّح من الحكومة السورية لا يعمل على التقدّم الفعلي لإنجاز المهمة الموكلة إلينا جميعاً، والمسألة ليست بتراشق الفريق المرشح من الحكومة السورية من جهة والفريق المرشح من هيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة السورية من جهة أخرى التهم بتعطيل مسار هذه اللجنة، فمن وجهة نظري من يتحمل المسؤولية الأولى هو الفريق المعطل وقد حددته أعلاه، ويمكن العمل بتوافق الفريقين على تعديل مسارها حتى يتسنّى للطرفين كتابة دستور يتماشى ومطالب الثورة، من خلال إعادة النظر بالقواعد الإجرائية لعملها ، وبالتفويض الممنوح للسيد بيدرسون المبعوث الدولي الخاص إلى سورية ليكون وسيطاً وليس ميسراً.
س-هل يمكن أن يحقق نجاح أعمال اللجنة الدستورية انتقالا سياسيا في البلاد، وماهي ضمانات ذلك؟
ج-أشير إلى أن نجاح أعمال اللجنة الدستورية سيكون مفتاحاً للانتقال السياسي السلمي في البلاد، والضمانات بيان جنيف والقرارات الدولية ذات الصلة ومرجعيتها الأمم المتحدة، وفي هذا السياق أؤيد ما قاله المبعوث الأممي الخاص إلى سورية غير بيدرسون إنّ اللجنة الدستورية عاجزة بمفردها عن حل المسألة السورية، ولذلك طالبنا ولا زلنا نطالب بفتح الملفات “المحاور” الأربعة معاً للوصول إلى الحل السياسي الذي يفضي للتغيير الوطني الديمقراطي الجذري والشامل في سورية.
س- هل تتفّقون مع الدعوات لإطلاق حوار دولي جديد للتوصل الى حل سياسي للازمة؟
ج- نعم هناك دعوات، لكن مع ضرورة العودة للقرار الوطني المستقل ومع القراءة الوطنية للدعوات من هنا وهناك لإطلاق حوار دولي جديد للتوصل إلى حل سياسي في سورية، فإنني وبألم أقول إنّ الملف السوري محاط بتدخل المصالح الدولية.