بقلم: ماهر الرجب
يصعب التعامل مع مفاهيم الدولة والسلطة والمجتمع ككتلة واحدة متجانسة، دون التوقف عند الأدوار المختلفة التي يؤديها كل منها، لا سيما في لحظة إعادة التأسيس أو إعادة الإنتاج السياسي.
الدولة، بوصفها كيانًا مؤسساتيًا، من المفترض أن تتمتع بالحياد تجاه الانتماءات الفكرية أو الأيديولوجية، وأن تضمن تكافؤ الفرص والخدمات لجميع المواطنين دون تمييز. وهذا الحياد ليس ترفًا نظريًا، بل شرط أساسي لشرعيتها واستقرارها.
أما السلطة، فغالبًا ما تسعى إلى تكريس أيديولوجيا معينة تمنحها شرعية الاستمرار، وهو ما يجعلها تميل بطبيعتها إلى احتكار القرار والتأثير على مؤسسات الدولة لصالحها.
أما المجتمع، فيُعبّر عن حيويته من خلال منظمات المجتمع المدني، والنقابات، والمبادرات المجتمعية، التي تضطلع بدور رقابي وضاغط يهدف إلى تمثيل مصالح الناس، وتحقيق التوازن مع السلطة، لا الحلول محلها.
تكمن الإشكالية عندما تُدمَج هذه المكونات الثلاثة في بنية واحدة أو يُختزل الفرق بينها، سواء بحجّة “الوحدة الوطنية” أو “المصلحة العامة”. لأن ذلك يقود غالبًا إلى احتكار القرار، وتسييس مؤسسات الدولة، وتهميش المجتمع، وهو ما يُمهّد الطريق نحو استبداد جديد، حتى وإن حمل شعارات جديدة أو ألوانًا مختلفة عن السابق.
في النهاية، بناء الدولة لا يعني إلغاء المجتمع، وممارسة السلطة لا تعني احتكار الدولة. فالتوازن بين هذه العناصر هو أساس أي مشروع ديمقراطي حقيقي.
من صفحة الاخ ماهر الرجب