تأليف كريس جايلز من لندن وكولبي سميث من واشنطن
9/5/2023
يتزايد قلق الاقتصاديين من أن الولايات المتحدة ستولد اضطرابات جديدة الأسابيع المقبلة، عندما تصل إلى سقف ديونها وتكون غير قادرة على دفع جميع فواتيرها.
مع عدم قدرة الحزبين السياسيين الرئيسين على الاتفاق على زيادة سقف الدين الفيدرالي الأمريكي البالغ 31.4 تريليون دولار، حذرت جانيت يلين، وزيرة الخزانة، من أن الإجراءات المؤقتة لتجاوز الحد ستنتهي في الأول من حزيران (يونيو).
في هذه المرحلة، ستواجه الحكومة الفيدرالية الأمريكية خيارات مختلفة غير مستحبة، من تأخير المدفوعات للمقاولين، أو متلقي الضمان الاجتماعي، أو وكالات الرعاية الطبية، إلى التخلف عن سداد ديون الحكومة الأمريكية. ويمكن أيضا أن تستمر في برامج الإنفاق متحدية السقف.
يعتقد محللون أنه في أي من هذه السيناريوهات سيكون من الصعب تجنب أزمة سياسية ومالية واقتصادية.
في حين إن الخلافات في الكونجرس هي الأكثر خطورة منذ عقد على الأقل، قال محمد العريان، رئيس كلية كوينز في جامعة كامبريدج، “إن التوقع لا يزال أنه سيتم إبرام صفقة في اللحظة الأخيرة بين الديمقراطيين والجمهوريين. وإذا لم يحدث ذلك، ينبغي أن نتوقع مستوى آخر من التقلب المالي في نظام فقد بالفعل كثيرا من مرتكزاته”.
“سيأتي ذلك في وقت يواجه فيه النظام العالمي رياحا معاكسة للنمو والتضخم، كما أنه حريص على احتواء الهزات المصرفية لقطاع معين من النظام الأمريكي”، كما أضاف.
قال ناثان شيتس، الرئيس العالمي للاقتصاد الدولي في “سيتي جروب” ومسؤول سابق في وزارة الخزانة الأمريكية “إن ذلك يضخم جميع المخاوف الأخرى التي يشعر بها الناس”. كان هناك “نوع من التأثير المضاعف مع سقف الديون، حيث يكون الناس أكثر توترا وقلقا بشأن هذا النوع من المخاطر النظامية”.
كانت المرة الأخيرة التي اقتربت فيها الولايات المتحدة من الوصول إلى سقف الديون هي في 2011. رغم إبرام صفقة في النهاية، بعد أربعة أيام جردت وكالة التصنيف الائتماني ستاندرد آند بورز ديون الحكومة الأمريكية من التصنيف الممتازAAA . وأدى خفض التصنيف الائتماني إلى انخفاض أسعار الأسهم الأمريكية أكثر من 5 في المائة في يوم واحد وإلى تفاقم أزمة منطقة اليورو المتعمقة.
قال مايكل فيرولي، كبير الاقتصاديين الأمريكيين في “جيه بي مورجان تشيس”، “إنه من بعض النواحي، ولا سيما مع انخفاض معدلات البطالة، الاقتصاد الأمريكي أقوى الآن. مع ذلك، فإن الوصول إلى سقف الديون سيظل بمنزلة ضربة مزعزعة للاستقرار. حتى لو كان الاقتصاد يبدو مختلفا بعض الشيء عن 2011، فسيكون الوضع سيئا”.
من المستحيل تقدير العواقب المحددة لتكرار الاقتراب من كسر سقف الديون بأي درجة من الدقة. لكن المسؤولين في الولايات المتحدة يعتقدون أنها ستكون خطيرة.
أكد جاي باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، في حديثه في مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي أن الفشل في رفع الحد الأقصى من شأنه أن يدفع بالاقتصاد الأمريكي إلى “منطقة مجهولة”. العواقب ليست غير مؤكدة فحسب، بل “يمكن أن تكون وخيمة”.
“لا ينبغي أن نتحدث حتى عن عالم لا تدفع فيه الولايات المتحدة فواتيرها. لا ينبغي أن يحدث ذلك. ولا ينبغي لأحد أن يفترض أن الاحتياطي الفيدرالي يمكنه حماية الاقتصاد والنظام المالي وسمعتنا من الضرر الذي قد يلحقه مثل هذا الأمر”، حسبما أضاف.
في 2011، كان لدى وزارة الخزانة الأمريكية خطة لضمان عدم تخلف الحكومة عن الوفاء بالتزاماتها تجاه حاملي سندات الخزانة عبر خفض الإنفاق. لكن هذا ينطوي على تخفيضات ضخمة، التي يمكن أن تدفع بالاقتصاد الأمريكي إلى الركود وتؤثر في النمو العالمي.
وفقا لمجلس المستشارين الاقتصاديين التابع للبيت الأبيض، فإن التخلف لفترة طويلة عن السداد في الولايات المتحدة “من المحتمل أن يؤدي إلى أضرار جسيمة بالاقتصاد، مع تأرجح نمو الوظائف من وتيرته الحالية من المكاسب القوية إلى خسائر تصل إلى ملايين”. كما يتوقعون حدوث “ركود فوري وحاد” مع تراجع بالشدة التي شهدناها خلال الأزمة المالية العالمية منذ أكثر من عقد.
حتى التخلف عن السداد الذي يتم تصحيحه بسرعة قد يؤدي إلى انخفاض حاد في النمو. كما يحذر اقتصاديون من وكالة موديز من فقدان مليوني وظيفة في ظل هذا السيناريو.
حذر اقتصاديان في مؤسسة بروكينجز الفكرية في واشنطن في تقرير حديث من أنه حتى المأزق قصير الأمد قد يؤدي إلى “ضرر مستدام، ويمكن تجنبه تماما”. قال ويندي إيدلبيرج ولويز شاينر كاتبا التقرير، “إن حجم الضرر يعتمد في جزء كبير منه على الطريقة التي تختار بها الحكومة إعطاء الأولوية للمدفوعات الخاصة بها، أمر من شأنه أن يؤدي حتما إلى مشكلات قانونية”.
من جانبه، قال العريان “إن الآثار المالية المترتبة على التخلف عن سداد الديون يحتمل أن تكون أكبر من تأخير المدفوعات الحكومية الأخرى، لكن حتى في السيناريو الأخير، سيكون هناك قلق بشأن التداعيات الاقتصادية المحتملة”.
مع وجود كثير من الأمور على المحك، بدأ المحللون في إرسال ملاحظات إلى العملاء بالتحذيرات.
قال إيفان براون ولوك كاوا، من بنك يو بي إس السويسري، “إن أي تخلف عن سداد ديون الولايات المتحدة سيشكل أزمة مالية كبيرة، ولذلك لن يكون مرجحا لأن وزارة الخزانة ستعطي الأولوية للوفاء بالتزاماتها”. من المفارقات، أن التراجع في النمو يمكن أن يعزز أسعار السندات الحكومية الأمريكية لأنه قد يؤدي بالأسواق إلى احتساب مزيد من تخفيضات أسعار الفائدة من الاحتياطي الفيدرالي في وقت لاحق من هذا العام.
في حين إن التقارير المتعلقة باستبدال الدور المهيمن للدولار في المعاملات العالمية “مبالغ فيها إلى حد كبير”، فإن وصول الحكومة لسقف ديونها من شأنه “أن يضر بجاذبية الدولار باعتباره مخزنا للقيمة”، كما قال محللون في بنك أوف أمريكا.
Provided by SyndiGate Media Inc. (Syndigate.info).