د عارف دليلة
السوريون ، على اختلافهم ، يتبادلون اليوم التهاني ب “رفع العقوبات” ، مع ان ماحصل. هو ، في الغالب ، مجرد تصريح بتجميدها ، الامر الذي يحتاج ، اولا. ، قبض الثمن غير المنصوص عليه ، طبعا، في صريح قانون قيصر . ولقد لاحظنا التسارع. في التبرعات للدفع المسبق لالغاء العقوبات ، طالما ان. احدا من المتبرعين لايدفع من كيسه ، وانما من رصيد الامة ، ثم ، ان. الفاء العقوبات يحتاج الى ان يتخذ الكونغرس قرارا بالغاء قانون قيصر ، لأنها صدرت بقانون عنه ، وهذا أيضا له ثمنه ، السنا نعيش في عصر ارباب الصفقات ؟
يوم بدء سريان القانون او البدء بتطبيقه ، كتبت مقالا مطولا علىصفحتي على الفيسبوك ( التي تعرضت عام ٢٠١٧للتهكير من قبل ” الجهات المختصة” لدى النظام ، وضاع. كل ماعليها ، ثم بدأت هذه الصفحة الحالية ) ، وعلى اساس مقالي نظم” اللقاء السوري ” بدبي ندوة على النت ادارتها الاعلامية السيدة نسرين طرابلسي شارك بها عدد من الأسماء البارزة في المعارضة السورية (الحرة ، الطليقة ، غير المعبأة ) . وكنت في مقالي قد فندت القانون وابعاده وآثاره التطبيقية على ارض الواقع ، مبينا ان القانون الذي صدر تحت عنوان “” حماية الشعب السوري ” واخضاع كبار المجرمين لعقوبات شخصية والضغط على النظام. لإسقاطه ، سيستخدم لتحقيق غابات اخرى خاصة بالجهة التي اصدرته. وليس بالجناة المرتكبين للجرائم ، على عكس منطوقه المصاغ بشكل محكم ، فلن تهتز شعرة في رؤوس المرتكين ، لا كنظام ورجال. سلطة وآمؤين ، ولا كمنفذين ، وبالاحرى ، فلن يهتز النظام . ولن يسقط ، بل سيزداد عنفوانا ، متدرعا بالقانون ، الذي سيصبح حجة بيد السلطة التي ستقول , بمناسبة وبغير مناسبة ، للأغلبية العظمى من السوريين ، المسحوقين على ايديها ، والذين كانوا يوجهون اليها وحدها الاتهام بالمسؤولية عن جميع كوارثهم الإنسانية والمادية، وعن رفع الأسعار والعجوزات وانخفاض الليرة واستحالة تغطيتها بسبب هذه العقوبات وتكبيلاتها لكل المحركات المالية والاقتصادية ، وستتفرغ السلطة ، نافضة يديها. من المسؤولية اتجاه الشعب ، لخدمة مصالحعا ومصالح كل من يلوذ بها وإطلاق العنان لاشباع ،شهواتها في الفساد والنهب والقمع ، والادعاء بأنها انما تدافع عن الدولة والشعب اللذين يتعرضان لمؤآمرات وعدوان كبير من الخارج ، بغاية اخضاعها وانتزاع قدرتها على الصمود والمقاومة ، والامتناع عن التطبيع مع العدو ( كذا ) ..الخ ، وتساءلت : لماذا مرت حوالي خمس سنوات بين تنظيم معرض لصور قيصر المريعة في الكونغرس الاميريكي دون اي أثر اميريكي او عالمي ، حتى صدور القانون ، وكان شيئا لم. يكن ، وقلت . ان. المرتجى من القانون ليس أحقاق الحق ومواساة الضحايا وايقاع العقاب المستحق بمرتكبي الفظائع ، من أفراد منفذين الى أجهزة ومسؤولين وسلطة ونظام ، وجبر الضرر على المنكوبين وإيقاف هذه الممارسات ، بل واسقاط النظام الذي يمارسها والذي لايجوز للعالم ان يغطيه الى مالا نهاية وكانه يعطيه رخصة ليستمر في ارتكاب هذه الجرائم ….. الخ .
وكنت وحدي ، في التدوة ، وللاسف ، امثل هذا الموقف قائلا : يجب على كل. ذي عقل سليم عندما يقرا نصا او يسمع تصريحا ان لايتوقف عند الكلمات وظاهر النص ، فقط ، وانما ان يفوص الى ماوراء النص ، وان يقرأ ما بين السطور ، وفي الباطن والمصالح والخلفيات ، ففي السياسة ، بشكل خاص ، يجب أن نتوقف ، اولا ، عند الجهة التي أصدرت النصوص ، وتاريخها وطبيعتها والتزاماتها المبدئية، وهنا لا يجوز ان نخلط بين. عموم الشعب والمواطنين. في الدولة وبين مواقف هذه الدولة او حاكميها وأصحاب القرار ومراكز السلطة فيها ، بل علينا ان نتساءل عن النصوص الخفية غير المنشورة او غير المعلنة الملحقة بهذا القانون، والتي ستتكشف لاحقا ، ولكن بعد ان تكون الوقائع قد ترجمتها على الأرض ، عندما يكون الذي ضرب ضرب والذي هرب هرب ، كما يقول المثل ! واعتثد ان هذه الترجمات أصبحنا نسمعها ونشاهدها هذه الايام ، بكل فجاجة ، او بدون اي حذر . و قلت اثناء النقاش مع من عارضوني : لن يطول الوقت حتى. يذوب الثلج ويظهر المرج ، والايام القريبة القادمة ستحكم بيننا وتبين من منا على خطأ. ومن منا على صواب. !
اما الندوة الثانية حول قانون قيصر فقد نظمتها الاعلامية السيدة ليلى الحسيني من راديو صوت العرب ( The Arab Radio )في الولايات المتحدة الاميريكية ، بعد ان نشرت على جمهور موقع الراديو مقالي آنف الذكر ، وشارك أيضا في الندوة عدد من المعارضين السوريين للنظام ، والمعارضين ايضا لوجهة نظري ، ( المقال والندوتان موجودون على صفحتي ، في حينه).
وقرات بعض. التعليقات على موقفي في هاتين. الندوتين الكبيرتين وعلى مقالي الذي كان منطلقا لتنظيمهما ، مثل وصف أحد المعارضين المعروفين موقفي ( انه دس السم في العسل ) ، وقول آخر ( موقف. خبيث ومراوغ ) وقول ثالث ( انه دفاع عن النظام من باب الهجوم عليه !) ، وأصحاب هذه الاراء الذين كتبوا ذلك على مواقع الواتس ( وقد اشركني عدد كبير من أصحاب المواقع في مواقعهم ، مشكورين ، وبلا سؤال ، ولم انسحب من اي موقع استضافني رغم عدم استطاعتي المشاركة ، غالبا ، فهذا يحتاج مني عشرات الأعمار لألحق واقرأ ما يكتب عليها ، وهو عبء كبير ، ناهيك عن المضمون المتعب في الكثير من الأحيان ،لكني اتابع منها ماتسمح لي به صحتي والوقت ) فهم ليسوا من عوام الناس البسطاء. ، بل. من خواصهم من أصحاب الراي والناشطسن !) ، واتساءل. : بماذا يختلف هؤلاء عن مسؤولي الأجهزة الأمنية( مثل الذين صرفني من الخدمة على محاضرة القيتها بدعوة من اتحاد الكتاب العرب عام ١٩٩٧ بعنوان “الدستور وحقوق المواطن الاقتصادية ” ثم اعتقلوني غلم ٢٠٠١ على أثر مشاركاتي في ربيع دمشق وبعد اسبوع من محاضرتي “الاقتصاد السوري ، مشكلات وحلول “، وحكموني عشر سنوات في سجن انفرادي ) ، الذين يحكمون بأشد العقوبات على البريئين من ارباب العقول انطلاقا من ضيق افقهم وسوء تقديرهم المسبق ومصالحهم الفاسدة ؟ الم يكن بعض مسؤولي الاجهزة الأمنية. أولئك( مثقفين. وناشطين سياسيين كبارا ؟ ) .
واخيرا ، ( ذاب الثلج وبان المرج ) ، وتبين ان من تعبوا كثيرا بجمع الحقائق والوثائق عن الجرائم المهولة التي ارتكبت بحق السوريين. مثل الانسان السوري النبيل فريد المدهان( قيصر ) كانوا ، ومازالوا يرجون ان يقود نضالهم ومخاطراتهم الضخمة الى تحقيق الأمل الأكبر الذي بحركنا، جميع السوريين الوطنيين ، الا وهو تنظيف الأرض السورية من دنس الهمجية ومفاسدها ، ووقف ممارسات الافلات من العقاب ، وتطبيق العدالة الانتقالية بشكل عادل وليس انتقائيا ، ووقف خلط الحابل بالنابل ، لان الاستمرار بذلك هو مصدر الكوارث المستمرة على سورية الدولة وعلى منكوبيها الذين بلغت نسبتهم الى السكان مستوى اعلى النسب المعروفة عالميا ، علما بانه لم يكن هناك دواع او اسباب تبرر اية جرائم يرتكبها سوريون ضد سوريين آخرين ، وانما هناك فقط اسباب قوية ليرتكب غير سوريين كل ما يستطيعون من الجرائم بحق سورية الحضارة والاشعاع عبر الناريخ وبحق أهلها المبدعين الميامين المسالمين ، وهؤلاء المجرمون هم الهمجيون أعداء تلحق والخير والجمال ، أعداء السلام والانسانية !
وفي الختام ، اضع يدي على قلبي واقول بصوت يخرج من العقل والقلب بامل ان يصل إلى عقول وقلوب جميع السوريين :
ارجو ان يتعاون جميع السوريين ، كما لو كانوا عائلة او سلالة واحدة ، على ان بفلبوا المعادلة السابقة إبان صدور قانون قيصر ، حيث أصبح النص الجميل المحكم نقيض ما نتج عن تطبيق القانون ، اذ اصبح نعمة على المجرمين ونقمة على الشعب السوري ، ليجعلوا من الغاء العقوبات مدهل خير عليهم جميعا ، وليس نعمة فقط على المختارين من بينهم ، بينما يكون نقمة على مجموع باقي الشعب السوري المنكوب ، فيدفع غاليا ثمن الالغاء ،كما دفع عند صدور وتطبيق القانون ، فيكون الالغاءقنعمة على المختارين من ينهم ونعمة على باقي مجموع السوريين !
ترى ، الا يكفي ماحدث من كوارث سابقة ومستجدة ، لكي لانرى بعد اليوم سوريا يتهم بانتكاب سوري اخر ، وبالاخرى ، ان يكون هو السوري ، او اجيره ، مرتكب هذا االانتكاب ؟
ان لاتكون العقوبات ، في الغائها ، كما في إصدارها ، نكبة عامة على السوريين ،اذا ما دفعت سورية ، الدولة والشعب ، الثمن الذي لايحتمل للالغاء ، كما كان الثمن لايحتمل للاصدار ، رغم تناقض الكلمتين : الالغاء والإصدار !
واذا كنا نعيش في زمن من لا تتعدى ثقافتهم وحنكتهم السياسية عقد الصفقات والمساومات والهدايا والرشوات ، فلا نكون ، بالضرورة ، سلعة للمساومة ” على اونة ، على دويه ” ، ليرقص على جثثنا المختارون ، ولنبقى ، دولة وشعبا ، من النافقين !!!
بدولة ذات سيادة، مستقوية بكامل شعبها وبكامل ارضها ، وبشعب ومواطنين متساوين ، سادة كاملي الحقوق ، نكون من الناجين !