الحرة / ترجمات – دبي
05 أبريل 2024
جزئيا يرجع حجم القتلى المدنيين منذ 7 أكتوبر إلى الطريقة التي تخوض بها إسرائيل الحرب
كانت قافلة مكونة من ثلاث مركبات تقوم بنقل عمال من منظمة “المطبخ المركزي العالمي” على طول الطريق الساحلي في قطاع غزة مساء الإثنين، وفي الوقت نفسه حددت طائرة عسكرية إسرائيلية بدون طيار القافلة على أنها “قوات معادية”، وحدد مشغلو الطائرة القافلة كهدف معاد وفتحوا النار.
سقطت الصواريخ على المركبات، الواحدة تلو الأخرى، مما أسفر عن مقتل سبعة أشخاص كانوا عائدين من جلب الطعام للجياع في قطاع غزة.
ومن جانبه، قال الجيش الإسرائيلي إنه فتح تحقيقا، مضيفا أن “الغارة وقعت بعد أن حددت قواته عن طريق الخطأ المركبات على أنها أهداف للعدو”.
20 ألف شخصا “قتلوا بالخطأ”
وعلى مدى ستة أشهر، شنت القوات الإسرائيلية، في ردها على هجوم 7 أكتوبر، حملة واسعة النطاق لتدمير حركة حماس المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى، ويُعتقد أن أكثر من 20 ألف شخص لم يكن من المفترض أن يكونوا أهدافا قد قُتلوا على يد الجيش.
وغالبية القتلى من المدنيين الفلسطينيين، من الرهائن الإسرائيليين الأسرى وعمال الإغاثة والصحفيين، وفقا لما نقلته صحيفة “وول ستريت جورنال”، عن مسؤولي الصحة الفلسطينيين والأمم المتحدة ومنظمات إنسانية.
ومن جانبها، قالت إسرائيل إنها “لا تستهدف المدنيين”.
ما الأسباب؟
ومنذ بداية الحرب، قُتل ما يقرب من 200 من عمال الإغاثة، من بينهم 175 من موظفي الأمم المتحدة في غزة، وواجهت جماعات الإغاثة التي تبذل جهودا لتنبيه الجيش الإسرائيلي بشأن خططها وتحركاتها، صعوبات بسبب سوء التواصل بين فرعي إسرائيل المدني والعسكري.
قامت قافلة المطبخ المركزي العالمي بتنسيق رحلتها مسبقا مع الجيش الإسرائيلي، ومرت عبر نقاط التفتيش الإسرائيلية، وسافرت على طريق يستخدم لتوصيل المساعدات، ومع ذلك تعرضت للقصف على أي حال.
وكان غالبية القتلى من الموظفين الفلسطينيين في الأونروا، التي تقود الاستجابة الإنسانية نيابة عن وكالات الأمم المتحدة الأخرى وجماعات الإغاثة.
ويقوم عمال الأونروا بتزويد الغذاء لما يقدر بنحو 1.1 مليون شخص، بالإضافة إلى العاملين في المراكز الطبية وإدارة الملاجئ لسكان غزة النازحين.
وقالت الأونروا إن نحو 160 من منشآتها تضررت خلال القتال.
وفي فبراير، تعرضت قافلة تابعة للأونروا تحمل مواد غذائية للقصف من قبل البحرية الإسرائيلية على طول طريق ساحلي بينما كانت تنتظر الحصول على إذن من القوات الإسرائيلية للعبور إلى شمال غزة.
وقال الجيش الإسرائيلي إن القافلة تعرضت للقصف عن طريق الخطأ، وعلقت الأونروا إيصال المساعدات إلى الشمال.
وكانت الحرب هي الحرب الأكثر فتكا بالصحفيين، فقد قُتل 95 صحفياً منذ 7 أكتوبر، وفقاً للجنة حماية الصحفيين ومقرها نيويورك.
كما أدت النيران الإسرائيلية إلى مقتل بعض من أكثر من 200 رهينة إسرائيلي احتجزتهم حماس، بالإضافة إلى ما لا يقل عن 20 من جنودها بنيران صديقة، من بين أكثر من 250 جنديا قتلوا منذ 7 أكتوبر.
وجزئيا، يرجع حجم القتلى المدنيين منذ 7 أكتوبر، إلى الطريقة التي تخوض بها إسرائيل الحرب التي تشن في منطقة حضرية مكتظة بالسكان حيث يختلط المقاتلون بالمدنيين، وفق “وول ستريت جورنال”.
وتتلقى القوات الإسرائيلية الكثير من “أوامر تدمير العدو”، والعديد من الجنود الإسرائيليين مرهقين بعد ستة أشهر من القتال في المناطق الحضرية.
وقال الجنرال جوزيف فوتيل، الرئيس السابق للقيادة المركزية الأميركية خلال الحرب التي قادتها الولايات المتحدة على تنظيم “داعش” في العراق وسوريا: “عندما تحصل على مهام غير محددة، فيجب أن يتم ترجمة ذلك إلى مهام على الأرض ليقوم الجنود والوحدات بتنسيقها فعليا”.
وأوضح فوتيل أنه “مع هذه الضرورات، تحظى المخاوف الإنسانية باهتمام أقل”.
وقال أشخاص مطلعون على عمليات القوات الإسرائيلية لـ”وول ستريت جورنال”، إن الجيش الإسرائيلي يمنح في كثير من الأحيان سلطة واسعة للقادة على الأرض للدعوة إلى شن غارات جوية أثناء الحرب.
وقال المستشارون القانونيون العسكريون الإسرائيليون الحاليون والسابقون إن القواعد تشبه إلى حد كبير مجموعة واسعة من الإجراءات التي تعتمد على الوضع.
ووصفوا نوعين من الغارات الجوية، والأولى هي ضربات مخطط لها على أهداف معروفة.
بينما يعتمد النوع الثاني من الضربات على المعلومات في الوقت الفعلي، وعادة ما يتم تنفيذها بطائرات بدون طيار ضد مقاتلين مشتبه بهم يحددهم الجنود على الأرض.
يعمل الضابط القائد، الموجود في غرفة بها مشغلي الطائرات بدون طيار في قاعدة جوية، مع القادة على مستوى الفرقة أو اللواء أو السرية الذين يمكنهم إصدار أوامر بتوجيه الضربات.
ويمكن أن يتطلب كلا النوعين من الضربات موافقة أعلى، اعتمادا على الموقع واحتمال حدوث أضرار جانبية، وفقا لمستشار قانوني عسكري إسرائيلي.
كيف تبدو غرفة عمليات الطائرات بدون طيار؟
وتصف “وول ستريت جورنال” غرفة عمليات الطائرات بدون طيار التابعة للجيش الإسرائيلي والتي شاهدتها الصحيفة العام الماضي، تحت قيادة رائد يبلغ من العمر 27 عاما.
وكان بالغرفة “ثلاثة كراسي بالية أمام ثلاث شاشات فيديو تظهر الصور بالأبيض والأسود من الطائرات بدون طيار”.
وكان جندي واحد يقود الطائرة بينما يدير آخر كاميراتها، ويعمل الجنود في نوبات مدتها أربع ساعات.
ولا يرى الجنود الإسرائيليون دائما تمييزا واضحا بين المدنيين والمسلحين.
وقال جنود الاحتياط في مقابلات مع “وول ستريت جورنال”، إن مقاتلي حماس يرتدون ملابس مدنية ويتجولون غير مسلحين ويلتقطون أسلحة مخبأة في المناطق السكنية عندما يشتبكون مع القوات الإسرائيلية.
وقال الجيش الإسرائيلي إن حماس تعمل من المستشفيات وتختبئ بين المدنيين، بينما تنفي الحركة استخدام المدنيين كدروع بشرية وتقول إن إسرائيل مسؤولة عن قتل المدنيين.
وفي غزة، وهي منطقة حضرية كان عدد سكانها قبل الحرب يبلغ 2.2 مليون نسمة، فإن الحاجة إلى قيام المنظمات الإنسانية بالتنسيق مع القوات الإسرائيلية أمر بالغ الأهمية.
وتتشارك الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الأخرى إحداثيات دور الضيافة والمستودعات والمباني الأخرى مع الجيش الإسرائيلي، مما يضيفها إلى قائمة المواقع التي يجب أن تكون محمية والتي يتم مشاركتها مع الطيارين والقوات البرية.
وتقوم مجموعات الإغاثة أيضا بمشاركة تحركاتها مع القوات الإسرائيلية في وقت مبكر.
وفي المناطق الخطرة بشكل خاص، مثل شمال غزة، يرفض الجيش الإسرائيلي في الغالب إرسال المساعدات لأسباب أمنية.
هل توجد حلول؟
وأكد شون كارول، رئيس مؤسسة أنيرا، أن الوكالة الأميركية لمساعدة اللاجئين في الشرق الأدنى أوقفت عملياتها في غزة بعد الغارة التي استهدفت قافلة المطبخ المركزي العالمي.
وقال إن موظفيها لأول مرة في الحرب لم يعودوا يشعرون بالارتياح إزاء المخاطر، وتعمل منظمة الإغاثة الأميركية في الأراضي الفلسطينية منذ أكثر من خمسة عقود.
وأشار كارول إلى أنه “لا يعرف ما هي إجراءات السلامة التي يجب أن يطلبها من الجيش الإسرائيلي”.
وأوضح أن المطبخ المركزي العالمي وظف مستشارين أمنيين وحتى بعض السيارات المصفحة، قائلا:” الشيء الوحيد الذي يمكنك التفكير فيه هو تفادي التضارب، وهذا ما فعلناه، لكن هذا لم يساعد، فماذا يجب أن نفعل أيضا؟!”.
تمر الاتصالات بين المنظمات الإنسانية والجيش الإسرائيلي عبر وكالة الإدارة المدنية التابعة للجيش، والتي تسمى “كوجات”، قبل التوجه إلى القوات الإسرائيلية على الأرض.
وقالت مسؤولة إنسانية رفيعة المستوى في الأمم المتحدة لـ”وول ستريت جورنال”، إنها رأت مشاكل في العملية خلال الأشهر التي شاركت فيها بعد 7 أكتوبر.
وأحد المبادئ الأساسية للقانون الدولي هو أن مستوى الخسائر في صفوف المدنيين الناجمة عن أي ضربة عسكرية يجب أن يكون متناسبا مع القيمة العسكرية للهدف.
وقال كريج جونز، مؤلف كتاب عن الاستراتيجية القانونية العسكرية الإسرائيلية والأميركية والمحاضر في الجغرافيا السياسية بجامعة نيوكاسل بالمملكة المتحدة، إن إسرائيل اختارت أن تأخذ “تعريفا واسعا لما يشكل ضرورة للعمل العسكري”.
وقال الجنرال تامير هيمان، رئيس الاستخبارات العسكرية السابق في الجيش الإسرائيلي: “الغرض الأساسي من الاستهداف هو قتل الأشخاص الذين نلاحقهم، وهم إرهابيو حماس، وتجنب وقوع إصابات غير مقصودة بين المدنيين، وهو أمر يصعب القيام به في مكان مكثف مثل غزة”.
وعدم الوضوح بشأن قواعد الاشتباك الإسرائيلية أو تفسيرات الغارات على غير المقاتلين أدى إلى شعور العديد من المدنيين في غزة بأنهم “مستهدفون عمدا”.
وقال كارول، رئيس منظمة الإغاثة أنيرا: “علينا أن نغتنم هذه اللحظة لنقول: حسنا، نريد التحقيق في جميع الحوادث، ليس فقط المطبخ المركزي العالمي”.
واندلعت الحرب في قطاع غزة إثر هجوم حركة حماس غير المسبوق في السابع من أكتوبر، الذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.
وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل “القضاء على الحركة”، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، ما تسبب بمقتل 33037 فلسطينيا، غالبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة 75668، وفق ما أعلنته وزارة الصحة التابعة لحماس، الخميس.
الحرة / ترجمات – دبي