(في الصورة) وزير الداخلية والبلديات اللبناني بسام مولوي
د. مخلص الصيادي
11 / 4 / 2024
أشار وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال في لبنان، بسام مولوي، إلى أن «التحقيقات بمقتل سليمان لا تزال أولية ولدى الجيش»، مشيراً، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «التساؤلات لدى اللبنانيين عن تفاصيل العملية ولجهة ما إذا كانت عملية سرقة عادية أو أبعد من ذلك، مشروعة، ولن تجيب عنها إلا النتائج النهائية للتحقيق، التي يجب إعلانها للمواطنين للتوضيح والإجابة عن التساؤلات كافة».
نعم نحن أمام ملف وليس مجرد واقعة قتل، ونحن أمام عملية تصفية وليس مجرد جريمة.
والقتل خارج نطاق القانون جريمة بكل معنى الكلمة، لا يبررها شيء، وتستوجب العمل على كشف أبعادها واتخاذ الاجراءات العقابية القانونية تجاه مرتكبيها، لكننا أمام تصفية باسكال سليمان فإن الأمر مختلف، والمسؤولية أشد وأخطر.
والمدقق فيما أعلن بشأن هذه الجريمة سيكتشف بسرعة ودون جهد أنها نفذت بطريقة ليس من أغراضها التستر على المنفذين، وإنما تأمين سرعة الوصول إليهم، وأن المغدور كان يعلم أنه مقتول لا محالة، أي أن سيارته ليست الهدف وإنما حياته، وليس في هذا التصرف من المنفذين غباء أو ضعف وثغرات، وإنما إرادة واعية تستهدف من ذلك أغراض أخرى قد تكون أهم بكثير من تصفية شخص مهما كانت أهميته للجهة التي قررت تنفيذ الجريمة، وهنا يصبح منفذو الجريمة مجرد أدوات قد لا تكون واعية تماما لما تقوم به.
ولما خارطة العلاقات والدوافع على الساحة اللبنانية والسورية شديدة التعقيد والتداخل وكلها تنتظم في سلك القصد السياسي، فإن عصابات تهريب المخدرات لا تعدو أن تكون واحدة من أدوات تمويل العمل السياسي، وواحدة من أدوات تهييج الشارع السياسي بالنزعة الطائفية، وواحدة من أدوات تفجير الغرائز العنصرية، وواحدة من أدوات منع وصول لبنان إلى مرحلة استقرار وطني متولد عن حكومة وطنية جامعة. وعن إغلاق ملف الفراغ الدستوري، وذلك بانتخاب رئيس للجمهورية، وواحدة من أدوات حرف الانظار عن الجرائم التي يرتكبها العدو الصهيوني في غزة وذلك من خلال وضع لبنان كله على حافة الانفجار.
ولعل هذا كله وراء ارتكاب هذه الجريمة، وقد تم اختيار الضحية لصلته المتشعبة بكل هذه الملفات
ومشهد الجريمة واقعها ومسرحها يؤكد ما ذهبنا إليه، إذ سخيف جدا الرواية التي تبرر الجريمة بمحاولة سرقة السيارة، وساذج جدا الاستدلال على مرتكبي الجريمة وتأمين استلامهم من الجانب السوري،
أما هذا الشحن الطائفي المباشر ضد السوريين، والاعتداءات القذرة عليهم فهي تشي بأن كل هذا محضر مسبقا، وهو لا ينتظر التحقيقات، ولا ينتظر معرفة الدوافع ومن يقف وراء المنفذين.
أما هذا الغضب الطائفي العنصري الذي تفجر في وجه السوريين فلا يبرره شيء إلا وجود هدف مسبق تم تركيبه على “الحدث / الجريمة”، يستهدف تقديم خدمات، وتهيئة أجواء، لأطراف عديدة منها النظام السوري، ومنها حزب الله، لاستمرار تأجيج الروح الطائفية التي جعلتها هذه الأطراف زادها في إدارة معاركها.
هذا الهوس غير المبرر في الهجوم على السوريين يقدم خدمة كبرى لهذه الأطراف.
يستطيع أي مسؤول جاد، ممن ينتمي إليه المغدور أو بيئته ” القوات اللبنانية، الكتائب..”، أو من حزب الله، أو من القوى المؤثرة الأخرى في لبنان أن يوقف هذه المهزلة البغيضة، لكن يبدو أن هذا الملف لم يصل بعد الى صفحته الأخيرة حتى يتم إغلاقه، وأن الاستثمار الذي وضع في ملف تصفية “باسكال سليمان” ومازال يرتجى منه المزيد.
وما يدمي القلب أن السوري اللاجئ والهارب من طغيان نظام بشار الأسد، والذي ابتعد بنفسه عن أماكن وجود أنصار الأسد في سوريا، ظانا أنه في مأمن من العنصرية والطائفية بات هو المستهدف، وبات هو الضحية.