حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي في سورية
حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي حزب سياسي يناضل من أجل بناء وتحقيق المشروع القومي العربي النهضوي،
وهو حزب قومي ناصري يلتزم بالمبادئ والاسس والأهداف التي قامت وعملت عليها الثورة الناصرية كنهج استراتيجي يسترشد به في رسم سياساته الوطنية والعربية والدولية , ويسعى لبناء الدولة السورية الوطنية الديمقراطية التعددية التداولية،
ويعمل على المستوى الوطني لإقامة نظام سياسي ديمقراطي يجسد إرادة الشعب وتطلعاته في الوصول إلى مجتمع الديمقراطية والكفاية والعدل الاجتماعي والتداول السلمي للسلطة
ويؤمن بأن الشعب السوري واحد بكافة مكوناته ويعتبر المواطنة الكاملة لكافة أبناء سورية حق مشروع ، على الدولة السورية حمايته وصيانته والمحافظة عليه لكافة أفراد الشعب دون أي تمييز في إطار نظام سياسي يقوم على التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة.
تأسـس حزب الاتحاد الاشتراكي العربي في
المؤتمر التأسيسي الأول في بيروت بتاريخ 18 تموز 1964 في الذكرى الأولى لحركة 18 تموز 1963 التي قادها العقيد جاسم علوان
ضد استفراد حزب البعث العربي الاشتراكي بالسلطة في سورية وإقدامه على خرق اتفاق 17
نيسان 1963 للوحدة الاتحادية بين مصر وسورية والعراق.
وقد انتهى المؤتمر التأسيسي إلى إعلان
التمسك بالوحدة والعمل على إعادتها وتأسيس تنظيم سياسي موحد يحمل راية
مشروع الامة العربية والعمل بالارتكاز الى القواعد الشعبية في فرض إعادة الوحدة
ومواجهة العقليات الانفصالية التي تقف عائقا على هذا الطريق.
وفي المؤتمر التأسيسي العام تقرر حل
حركة الوحدويين الاشتراكيين وحركة القوميين العرب والجبهة العربية المتحدة وتأسيس
تنظيم الاتحاد الاشتراكي العربي من هذه القوى وتيار المستقلين بمن فيهم من كان
سابقا من البعثيين.
وقد تضمنت وثيقة التأسيس والبيان
الختامي الذي أصدره المؤتمر إسقاط نظام حزب البعث العربي الاشتراكي بالنضال
السلمي الديموقراطي وإعادة الوحدة بين الإقليمين السوري والمصري برئاسة جمال
عبد الناصر ,
وانتخب المؤتمر نهاد القاسم أمينا
عاما للتنظيم. وفي العام التالي انسحبت قيادات الوحدويين الاشتراكيين وحركة
القوميين العرب من الاتحاد وعادت لتنظيماتها بينما استمر العديد من قواعدها
وكوادرها بالتزامهم في الاتحاد الاشتراكي العربي.
بعد نكسة حزيران 1967 وتلبية لمتطلبات الصمود
ورص الصفوف الوطنية والقومية في مواجهة العدو الاسرائيلي، شارك الحزب في أيار 1968
بتشكيل جبهة وطنية مع حركة القوميين العرب، وحركة الاشتراكيين العرب، وحزب
البعث القومي، وعلى أثرها تعرض لضربة طالت جميع قياداته وفروعه، فتوقف نشاطه
لمدة تزيد عن العام.
ثم عقد المؤتمر العام الرابع في دمشق
من عام 1968 – أسوة بالمؤتمر الثاني والثالث – ، وقدم فيه جمال الأتاسي مشروع
التقرير العام الذي غلب عليه الطابع الفكري, وكان من نتائج مضمونه, إقرار فكرة
الحزب الثوري الذي يضم طلائع قوى الشعب
العاملة المعارضة للنظام الحاكم , والحرص على سرية التنظيم وعلنية المبادئ
والأهداف والمواقف, وأهمية العمل والنضال في الداخل.
وقد كان لبيانه الختامي صدى واسعا في
الإقليمين السوري والمصري ولدى قيادة عبد الناصر. وبعد المؤتمر تنازل جاسم علوان
عن موقعه كأمين عام منتخب للأمين العام المساعد جمال الأتاسي الموجود في
الداخل مع التزامه القيام بالمهام الموكلة إليه وبخاصة ما يتعلق بالعلاقة مع قيادة
عبد الناصر في القاهرة.
يعمل على دعم ثورات الربيع العربي والنضال السلمي لتحقيق مطالب الحياة الديمقراطية الحرة الكريمة
١- الموقف المبدئي للحزب ايمانا ودفاعا عن وحدة الامة العربية وضرورتها في مواجهة الانفصاليين وإصراره على إعادة الوحدة السورية المصرية قبل وفاة عبد الناصر ، وكذلك موقفه المبدئي من أن تحقيق الوحدة العربية بين أي قطرين عربين خطوة على طريق الوحدة الشاملة للامة ، ولذلك فقد وقف وأيد ودعم الوحدة اليمنية وكان مؤيدا لأي وحدة اندماجية او اتحادية او اقتصادية ما دامت تقرب من يوم الوحدة العربية ..
٢- في اللحظات الحاسمة من حياة الأمة ، وحين وصل الصراع العربي – الاسرائيلي لمرحلة حساسة ودقيقة بعد حرب الخامس من حزيران ، وبعد تولي الرئيس حافظ الاسد السلطة في سورية ، قرر الحزب الدخول في الجبهة الوطنية التقدمية متجاوزا صراعه وصدامه مع النظام السوري رغم المعاناة المريرة معه ، متخذا موقفا ايجابيا للدفع بحشد الطاقات والامكانات من أجل مساهمة الجميع بمعركة إزالة آثار العدوان ، ملبيا نداء عبد الناصر بأن ” لا صوت يعلو على صوت المعركة “ . من أجل وحدة الصف والموقف وتعزيز اللحمة الوطنية والقومية في كافة الدول العربية ، ودفعا لوحدة الصف العربي ، استعدادا للمعركة ولاسترجاع الأراضي المحتلة وتحرير فلسطين ..
٣- تبنى الحزب التغيير الوطني الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة ، وتجاوز العقلية الانقلابية التي كانت سائدة .. مؤكدا على أن العقلية الانقلابية او الانقلابات على السلطات الحاكمة لا تنتج تغييرا ديمقراطيا وانما ستعمل على تكريس الاستبداد ، وتحويل الدولة الى أداة بيد الانقلابيين ، في حين ان التغيير الشعبي – عبر اشكاله المتعددة – هو الضمان لأي تحول ديمقراطي يفتح الطريق أمام الوحدة العربية وامام تحقيق العدالة الاجتماعية لتحقيق الاستقرار والانطلاق نحو التقدم وبناء دولة ديمقراطية حديثة ..
ومن هنا طرح الحزب شعار ” الحرية أولا “ ومقولة : الحوار مقدمة العمل والديمقراطية غاية وطريق ، والثورة العربية مازالت ثورة وطنية ديمقراطية.
٤- بعد ان اتخذ الحزب قرار العمل السري بعد خروجه من جبهة النظام وخاصة عقب الملاحقات والاعتقالات لكوادره – عبر مراحل متعاقبة – معتبرا ان العمل السري وإن طالت فترته فهي مؤقتة للحفاظ على الذات ، فقد اتخذ قرارا بالمؤتمر الثامن عام ٢٠٠٠ م بالتحول من العمل السري الى العمل العلني بإصرار على تحمل كل النتائج والتبعات لهذا التحول الذي اعتبره تحولا نهائيا في مسار عمل الحزب . مؤكدا على ضرورة تجديد بناء الحزب الداخلي ، ومعلنا شعار ” تجديد الفكر والبنيان “ وتجديد القيادات من خلال تعديل النظام الداخلي واستبدال مبدأ المركزية الديمقراطية في اختيار القيادات الى مبدا الديمقراطية الشاملة في الترشح والانتخاب .. وفي التداول الفكري والسياسي .
٥- الموقف اللافت بعد انطلاق ثورة الحرية والكرامة عام ٢٠١١ بانحياز الحزب الواضح الى الحراك السلمي وانخراطه به ، وموقفه السياسي مع القوى الوطنية عبر هيئة التنسيق الوطنية عبر اللاءات التي تم اطلاقها وتبنيها منذ بداية الثورة والى اليوم ( لا للعنف ، لا للطائفية ، لا للتدخل الخارجي ، لا للاستبداد السياسي ) ، والتأكيد على ان التغيير السلمي التفاوضي وتجاوز العنف والعسكرة هو الطريق المأمون لإيصال بلادنا الى الخلاص وتجنيبها عواقب العنف والعنف المضاد الذي سيؤدي الى نتيجة محتمة وهي خراب البلاد وارتهانها للقوى الخارجية ، فنادى الحزب مع القوى الوطنية في هيئة التنسيق الوطنية بالتغيير الديمقراطي الجذري و” تغيير النظام بكل رموزه ومرتكزاته “ . وهذه الرؤية – بعد اقتراب دخول الحرب السورية السنة الحادية عشر – قد ثبت صوابها ، واقرت حتى المعارضة الخارجية والمسلحة بأن خط ورؤية هيئة التنسيق كانت الاولى بالاتباع ، وانه لو تم الاستجابة لها بتشكيل حامل سياسي موحد مع جميع قوى الثورة والمعارضة لما وصل حال سورية الى ما وصل اليه .
٦- وتأكيدا على إيمان الحزب بالتغيير الديمقراطي التداولي ، ولقناعته بأهمية الدور التشاركي لكل القوى والشخصيات الوطنية ، كقيادات سياسية وافراد في انجاز التغيير ، وحق جميع أبناء الوطن الواحد في الدور والرأي والمساهمة في التطوير والبناء وإدارة البلاد ، وتجسيدا لقناعته تلك وممارستها قولا وفعلا فقد اتخذ قرارا استراتيجيا بأن نادى وعمل على تكوين الجبهات والتجمعات والانخراط بها ابتداء من جبهة ١٩٦٨ الى الجبهة الوطنية التقدمية ١٩٧١ الى التجمع الوطني الديمقراطي ١٩٧٩ الى إعلان دمشق ومن ثم الى تأسيس هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي عام ٢٠١١ ، وأخيرا توسيع التحالف السياسي ليضم مروحة أوسع عبر اطلاق الجبهة الوطنية الديمقراطية ( جود ) ، لتكون مقدمة لتأسيس ” المؤتمر الوطني العام لقوى التغيير الديمقراطي ” الذي يطمح لجمع كافة القوى والشخصيات السياسية للمساهمة في التغيير والبناء وانجاز المرحلة الانتقالية بحكم انتقالي يفضي الى بناء الدولة على دستور عصري وانتخابات نيابية ورئاسية مستندة الى قانون انتخابي جديد وصولا الى الدولة الديمقراطية المدنية التداولية التي ترسخ العدالة الاجتماعية وتؤسس لدولة المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات لجميع السوريين .
في مسار عمل الحزب ونشاطه .. والمراحل التاريخية منذ النشأة وحتى اليوم .. مر الحزب بمحطات مفصلية هامة نلخصها بما ياتي :
– المحطة الأكثر أهمية تأسيس الاتحاد الاشتراكي العربي عبر المؤتمر التأسيسي في بيروت بتاريخ ١٨ / تموز ١٩٦٤ بعد عام على حركة جاسم علوان ضد استفراد حزب البعث في السلطة بسورية والتفافه على مباحثات الوحدة مع عبد الناصر لإعادة الوحدة بين مصر وسورية وإجهاض هذه المباحثات .
– المحطة الثانية كانت تغيير ٱلية النضال للتغيير الديمقراطي من إطار الاعتماد على الطاقات الداخلية للحزب ، والعمل وفق القدرات والامكانات الموجودة والمتاحة في تحريك الشارع (جماهير الشعب ) للارتقاء الى العمل الجبهوي المشترك لمختلف القوى والاحزاب الوطنية في الساحة السورية .. هذا التحول في الرؤية السياسية ادى الى الدفع بتشكيل الجبهة الوطنية مع حركة القوميين العرب وحركة الاشتراكيين العرب وحزب البعث القومي عام ١٩٦٨ .
– المحطة الثالثة كانت في المؤتمر الرابع للحزب عام ١٩٦٨ الذي ركز على أهمية العمل الحزبي في الداخل السوري والانتقال من إطار التنظيم التجميعي إلى إطار العمل الحزبي وتشكيل المؤسسات والهياكل الحزبية عبر نظام داخلي جديد ، كما اتخذ الحزب موقفا فكريا واضحا في تأكيده على أهمية الوحدة والعمل القومي الوحدوي واتخذ منهجا واضحا بالانحياز الى الطبقات الفقيرة وتبنى الاشتراكية العلمية طريقا للتنمية والنهوض الاقتصادي والاجتماعي والحضاري للأمة العربية .
– المحطة الرابعة كانت عقب مبادرة السلطة بعد الحركة التي قادها حافظ الاسد ،وباقتراح من الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي العربي وافق المؤتمر الخامس للحزب بقرار الاغلبية على الانخراط بالجبهة الوطنية التقدمية والمشاركة في السلطة ، لكن حزبنا عندما شعر ان وجوده بالجبهة ليس أكثر من تعددية شكلية وديكور سياسي انسحب من جبهة النظام وخاصة بعد الاعتراض على المادة الثامنة من مشروع الدستور التي اعتبرت حزب البعث قائدا للدولة والمجتمع عندئذ انعقد المؤتمر السادس للحزب وقرر الانسحاب من جبهة النظام ، كما اعلن شعار الهجرة للجماهير والعمل ضمن قواعده الأساسية .
– المحطة الخامسة تجسدت على طريق اتخاذ الحزب موقفا استراتيجيا بالتحالف مع قوى المعارضة الوطنية ، ففي عام ١٩٧٩ دخل الحزب في حوار جاد مع الحزب الشيوعي/المكتب السياسي الذي أصبح فيما بعد يحمل اسم[حزب الشعب]، وحركة الاشتراكيين العرب، وحزب البعث الديمقراطي، وحزب العمال الثوري وبعضاً من المستقلين كان من نتائجه صياغة ميثاق وطني للتغيير الديمقراطي، والإعلان عن تشكيل {التجمع الوطني الديمقراطي} الذي أصبح في ذلك الوقت الواجهة السياسية للعمل الوطني خارج أطر السلطة , وكان امينه العام الدكتور جمال الأتاسي الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي العربي.
بدأ التجمع حراكه الشعبي بالتفاعل مع النقابات المهنية واتحاد الكتاب العرب وفي داخل الكتلة العمالية والفلاحين عبر نضال سلمي لتحقيق التغيير الديمقراطي، من خلال الاعتصامات والتظاهرات السلمية، لكن جنوح القوى المتشددة التي اطلق عليها الطليعة المقاتلة واستخدامها العنف في مواجهة السلطة أدى الى مواجهات عنيفة وقادت الى ضرب وانهاء الطليعة المقاتلة وامتداد الملاحقات والاعتقالات الى كوادر التجمع الوطني الديمقراطي لتبدأ حقبة جديدة من الاستبداد السياسي والقمع والملاحقات الامنية بالرغم من ان موقف التجمع منذ البداية كان واضحا بإدانة العنف والطائفية من اية جهة كانت كما أنه طرح الحل الديموقراطي والطريق السلمي لتحقيق التغيير بغية الخروج من دائرة العنف المتبادل.
– المحطة السادسة بدأت عقب المؤتمر الثامن للحزب عام ٢٠٠٠ الذي انعقد تحت شعار ” تجديد الفكر والبنيان “ واعتمد المؤتمر في خطوة مفصلية جديدة بالتخلي عن العمل السري والاتجاه نحو العلنية لأنه لم يكن خيار الحزب بالأصل، وإنما كان ضرورة لمرحلة مؤقتة اقتضتها القبضة الأمنية الشديدة تجاه القوى الوطنية، كما تقرر فيه تعديل اسم الحزب ليصبح {حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي} وتم اعتماده في نظامه الداخلي . ولقد حقق الحزب حضوراً واضحاً في المرحلة العلنية على المستويين الوطني والقومي، تجلى هذا الحضور بشكل بارز في الاحتفال العلني بتاريخ الحزب وثورة يوليو سنوياً اعتباراً من 2002 شاركت فيه وفوداً قوميةً من عدد من الدول العربية، كما كان له دور بارز في المنتديات الثقافية والفعاليات الاجتماعية كمنتدى جمال الأتاسي الذي كان يشرف على إدارته التجمع الوطني الديمقراطي، هذا المنتدى الجامع لكل الطيف الوطني المعارض بكافة تكويناته وحتى بحضور بعض الحاضنة المؤيدة للسلطة، وكذلك كان الحزب في طليعة المؤسـسين والمشاركين في لجنة نصرة العراق وفلسطين , ومنتدى الكواكبي، وهيئات ولجان حقوق الإنسان وبخاصة المنظمة العربية لحقوق الإنسان، كما عمل على إحداث وإنجاز مخيم جمال الأتاسي للشباب{ تثقيفي وتوجيهي} الذي استمر لعدة سنوات.
– المحطة السابعة بدأت مع انطلاق ثورة الحرية والكرامة في آذار / 2011 ، وانطلاق التظاهرات السلمية الشبابية في العديد من المحافظات السورية ، بعد انسداد الافق في التغيير السياسي ، وعقب الازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتغول البنية الامنية للنظام في التحكم بمفاصل الدولة والمجتمع وانسداد فرص الخروج من النفق المظلم الى تغيير سياسي ديمقراطي، وعلى خلفية انتشار واتساع مواقع التواصل الاجتماعي التي فتحت آفاق الشباب السوري ومقارناته بين الوضع السوري والمتغيرات التي تحدث في العالم عامة والمنطقة العربية خاصة ، قرر الحزب الانطلاق نحو الجماهير والشروع بالنضال السلمي لتحقيق المطالب الشعبية والجماهيرية ، وجاء انطلاق ثورات الربيع العربي حافزا اضافيا للمطالبة بالتغيير السياسي كمدخل لا بد منه لإعادة الاعتبار للكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية.
انخرط الحزب وكوادره بالحراك الشعبي منذ بداية انطلاق الحراك .. وتصاعدت المطالب من الاصلاح السياسي عبر الحوار مع السلطة الحاكمة تمهيدا للتغيير الديمقراطي السلمي ، ومع تعنت النظام وادارة الظهر لكافة مطالب الجماهير الثائرة ، أعلن الحزب مع القوى الوطنية الاخرى ( حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي ، حزب العمل الشيوعي ، الحزب الشيوعي المكتب السياسي ، حزب البعث الديمقراطي ، حركة الاشتراكيين العرب واحزاب كردية متعددة ، وشخصيات عامة ومستقلين ) الى إعلان تأسيس ” هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي “ وكان ذلك بتاريخ ٣٠ / ٦ / ٢٠١١ ، حيث عقد بعد الاعلان المؤتمر الموسع لها بتاريخ ١٧ / ٩ / ٢٠١١ الذي تبنى الوثيقة الوطنية التي تؤكد على : { الحفاظ على المسار السلمي للثورة ، والتأكيد على لاءاتها الأربع التي تبنتها وعرفت من خلالها لدى أوساط المجتمع الدولي والقوى العربية والمحلية ( لا للعنف ، لا للطائفية ، لا للتدخل الخارجي ، لا للاستبداد السياسي )} .
ونتيجة لمواجهة النظام الاستبدادي القمعي للاحتجاجات والمظاهرات بالعنف والقمع والتنكيل ، بدلا من احتواء الازمة والبدء بالإصلاح السياسي الذي طالبت به جموع المتظاهرين ، ونتيجة لاستمرار العقل الامني للسلطة في فرض إيقاع العنف المفرط ، مما ادى الى ارتفاع سقف المطالب الشعبية ومطالب هيئة التنسيق الى شعار تغيير النظام بكافة رموزه ومرتكزاته ، ولتتصاعد بعد ذلك حالات العنف والعنف المضاد ليرتد بعد اكثر من ستة اشهر الى العمل المسلح وعسكرة الحراك الشعبي مما أوصل البلاد الى ما وصلت إليه اليوم من خراب ودمار وقتل ونزوح وهجرة واحتلالات متعددة ..
لم يكن خيار الحزب في النضال الوطني على قاعدة وحدة القوى الوطنية عبر التأسيس للجبهات الوطنية، والتجمع الوطني الديموقراطي وإعلان دمشق ، وهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديموقراطي والتجمع الوطني الديمقراطي ( جود ) ، خيارا تكتيكيا، وإنما كان الحزب يدفع بالعمل الوطني من منظور استراتيجي للانتقال إلى الدولة المدنية الديمقراطية التي ترسي دعائم حكم القانون والمواطنة المتساوية لجميع السوريين.
وبعد قيام الثورة الشعبية السورية عبر ما سمي بـ “الربيع العربي” شارك الحزب مع أحزاب التجمع – عدا حزب الشعب السوري (سابقا الحزب الشيوعي – المكتب السياسي ) – في تأسيس “هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي ” والإعلان عنها بتاريخ 30 / 6 / 2011 ومن خلال مؤتمرها الذي عقد بحلبون تم تبنى الوثيقة الوطنية التي تؤكد على : { الحفاظ على المسار السلمي للثورة ، والتأكيد على لاءاتها ( لا للعنف ، لا للطائفية ، لا للتدخل الخارجي ، لا للاستبداد السياسي )} . وقد شارك الحزب بحضور فاعل في هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديموقراطي منذ بداية تشكلها فأحدث وجود هيئة التنسيق فارقا في العمل الشعبي الميداني وجعلها محط أنظار حراك الداخل واهتمام عربي ودولي من الجامعة العربية وهيئة الأمم المتحدة باعتبارها ركيزة لأي حل سلمي للتغيير.
وظهر نشاطها المتميز في كافة المؤتمرات والدعوات العربية والدولية للخروج بحل وطني، سواء في المؤتمر الوطني لإنقاذ سورية الذي عقد في دمشق أو مؤتمر القاهرة أو لقاءات باريس وبروكسل مع الائتلاف الوطني السوري التي انتجت اتفاق العمل المشترك على الحل السياسي في سورية عبر هيئة التفاوض للمعارضة السورية.
ومع كل الزخم الذي نالته هيئة التنسيق ، إلا أنها لم تتمكن من قيادة الحراك الشعبي أو ضبط إيقاعه، كنتيجة من نتائج الضعف البنيوي لأحزاب الهيئة وتعرضها للتضييق والملاحقات ضمن مناخ التصحر السياسي من نظام الاستبداد على مدى عقود طويلة، وكذلك محاولات البعض المدعوم خارجيا ماليا واعلاميا على تشويه صورتها دون وجه حق. فأدى ذلك إلى مراوحة دورها بدعم الحراك الشعبي دون قيادته، وحرمان هذا الحراك من القيادات أصحاب الخبرات القادرة على الضبط والتوجيه.
وبالمقابل – وفق ما أظهره لاحقا الحراك الشعبي – لم يكن بالإمكان أن تحل التنسيقيات التي تشكلت, محل قيادات الأحزاب التي تمتلك خزان الخبرة والتجربة، ووضعت نفسها في مواجهة الأحزاب ورموزهم، بدلا من العمل على حشد كل الطاقات الحزبية والشبابية في الساحات. ونتيجة هشاشة بنية هذه التنسيقيات واختراق النظام لكوادرها والتضييق عليها ومحاصرتها واعتقال شبابها وتغييبهم أو دفعهم للهروب خارج البلاد، مما أدى – كرد فعل على عنف النظام – الى تصاعد وتيرة العمل المسلح وهيمنته عبر منظمات وفصائل لا حصر لها على حساب الحراك الشعبي السلمي العفوي.
ومع تطور الأحداث في سورية وخروج عدد من القوى السياسية ( الأحزاب الكردية ) وعدد من الشخصيات السياسية من هيئة التنسيق الوطنية ، اتجهت هيئة التنسيق بتوسيع تحالفاتها السياسية ليكون لها حضورا فاعلا في التغيير والعملية السياسية . وبتاريخ 6 حزيران 2020 تم إشهار الجبهة الوطنية الديمقراطية ( جود ) ، بعد حوار مع القوى والشخصيات الوطنية خارج هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي. وقد أنتج هذا الحوار بين هذه القوى الجديدة لجنة تحضيرية أعلنت برنامجها السياسي للعمل كلجنة تحضيرية ومن ثم الاعداد وعقد اجتماع التأسيس، بعد التحضير المتواصل له بحوار مستمر، لاستقطاب مزيدٍ من القوى والشخصيات في الساحة الوطنية الموافقة على البرنامج السياسي الذي تم التوافق عليه والذي يتضمن التأكيد على وحدة سورية أرضا وشعبا والقبول بالحل السياسي التفاوضي وفق المرجعيات الدولية وعلى رأسها القرار 2254/2015 لحل الازمة السورية .
وبالرغم من محاولة السلطة السورية منع عقد مؤتمر ( جود ) ومحاصرة مكان انعقاده فإن هذا المنع أعطاه زخما إعلاميا ، وأحدث ضجة في وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي والمحطات الإعلامية . ونتيجة ايمان وإصرار القوى المشكلة ( لجود ) بأهمية وجود هذا التحالف تلاقت إرادتها الى عقد المؤتمر على وسائل التواصل الاجتماعي ونشر بيان بانعقاده وإعلان تأسيس جود بعد ان تم تشكيل مؤسساته وانتخاب الهيئة المركزية ورئاستها التي اجتمعت بدورها وانتخبت الهيئة التنفيذية ورئاستها أيضا إضافة الى المكاتب والهيئات الأخرى .
وبالتوازي مع المعاناة الإنسانية، والتدخلات الإقليمية والدولية في الصراع السوري، انعقدت المؤتمرات الدولية في فيينا ( 1 ، 2 ،3 ) وجنيف وغيرها لإطلاق العملية السياسية وفق القرارات الدولية المتعددة وعلى رأسها القرار 2118 و 2254 التي أفرزت تشكيل الهيئة العليا للمفاوضات للمعارضة في إطار وظيفي للتفاوض ، أُشْرِكت هيئة التنسيق الوطنية كطرف أساسي فيها عقب مؤتمر الرياض (1 و 2 ) للتفاوض بين المعارضة والنظام. وجاء إشراك هيئة التنسيق الوطنية في هيئة المفاوضات بموجب اعتراف دولي بدورها ووجودها، باعتبارها كانت الداعية والحاملة لمشروع الحل السياسي، والدافعة في كل توجهاتها وبياناتها إلى توحيد قوى المعارضة في الداخل والخارج .
وهنا علينا الاعتراف بانه بالرغم من الثقل الفعلي لهيئة التنسيق الوطنية في استخدام العوامل السياسية في الداخل وتغير الظروف المحلية والاقليمية والدولية ولعب دور مهم في تغيير أو إحداث انعطاف في رؤية هيئة التفاوض وسياساتها إلا ان أداء هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديموقراطي في الهيئة العليا للتفاوض, ثم في هيئة التفاوض لم يكن يتوازى مع حجمها وثقلها في الداخل السوري لفقدانها القدرة على أن تشكل رافعة وازنة في العملية التفاوضية نتيجة اختلال التوازن في التمثيل بينها وبين الائتلاف مما ادى الى عدم القدرة على التحكم بدفع العملية السياسية ضمن إطار الجهد الدولي لإنجاز الحل السياسي، أمام تلكؤ وممانعة الائتلاف للمفاوضات الذي كان لا يزال يراهن على الحل العسكري ، مما أهدر فرصا للتقدم للحل السياسي . هذا عدا تحويل هيئة التفاوض تدريجيا عن وظيفتها كإطار تفاوضي إلى جسم سياسي، مما أدى إلى إهمال القوى الدولية للقوى المشكلة لهيئة التفاوض واعتبارها قوة تمثل الشارع السوري .
كما ان التبدل في مواقف المجتمع الدولي تجاه الدفع بالعملية السياسية تبعا لتطورات الصراع العسكري، وتشابك النفوذ والمصالح، والتراجع التدريجي عن نصرة الشعب السوري ، وتشكل القناعة لديه بأن الصراع في سورية بين المعارضة والنظام ينحو نحو الوصول إلى السلطة وتقاسمها أكثر من الانتقال للنظام الديمقراطي .
وبعد فشل المفاوضات في جنيف بجولاتها التسع، وانعقاد مؤتمرات سوتشي وأستانا عقب التحكم الروسي بالملف السوري، تحولت عملية التفاوض، من التفاوض على السلال الأربعة التي أرسى أسسها المبعوث الدولي ديمستورا ، إلى التركيز على البحث في الدستور كمدخل أساسي للعملية التفاوضية. وبعد مخاض طويل وعسير للوصول إلى التوافق بين الأطراف على اللجنة الدستورية ، فإن تشكيلها تم ضمن توافق الاطراف النافذة بالملف السوري على اساس : ثلث للمعارضة وثلث للنظام وثلث لما أطلق عليه شخصيات المجتمع المدني برعاية وتيسير من الأمم المتحدة ، والدخول في حوار سوري- سوري على أساس اتفاق جنيف والقرارات الدولية وخاصة القرار 2254، بعد أن تم اعتماد القواعد الإجرائية، وموافقة الأطراف السورية لسير عملية الحوار وفق المرجعيات الدولية من أجل إنجاز دستور سوري كمرحلة أولى على طريق الانتقال السياسي.
وبين مؤيد ومعارض ، ومتفائل ومتشائم ، انطلقت الأعمال الأولية للجنة الدستورية في ظل محاولات النظام السير بمنهجية فرض تعديلات دستورية فقط على دستور 2012 ، لكن قرارات الأمم المتحدة والقواعد الإجرائية التي اعتمدت ووافق عليها كافة أطراف اللجنة الدستورية تنص بشكل واضح على أن مهمة اللجنة الدستورية إنجاز دستور جديد أوإصلاح دستوري ، بالاعتماد على كافة الدساتير السورية وغير السورية لإنجاز الدستور الجديد المتوافق عليه وفق آليات محددة للتوافق والتصويت بين كافة الأطراف السورية المتفاوضة. ولكن ممانعة النظام بالدخول الجاد في عملية التفاوض حول الدستور، وتقديم جدول أعمال يتضمن بحث الثوابت الوطنية أولا, عطل مرحليا المضي في الاستمرار ببحث الدستور، وجاءت الظروف السياسية والعسكرية لتوفر مساحة أكبر للنظام لتعطيل عمل اللجنة الدستورية التي لا زالت تتحرك الى الٱن بدون مخرجات حقيقية تدفع الى الامام بالرغم من محاولات المبعوث الأممي بدرسون لإنجاز تقدم فيها وعدم إبقائها في العطالة وشراء الوقت من قبل جميع الاطراف التي تقتضي مصالحها الاستمرار في هذا التعطيل …