عبدي شيخ وآرون روس – رويترز
الاثنين 17 / 7 / 2023
نهاية اتفاق حبوب البحر الأسود تنذر بالألم لدول أفريقيا الأشد فقرا © Thomson Reuters
مقديشو (رويترز) – أثار إعلان روسيا الانسحاب من اتفاق يسمح بتصدير الحبوب الأوكرانية عبر موانئ البحر الأسود مشاعر الخوف والهلع في الدول الأكثر فقرا، التي يتألم كثير منها بالفعل تحت وطأة التضخم والصدمات المناخية والصراعات.
وأسهم اتفاق حبوب البحر الأسود الذي توسطت فيه الأمم المتحدة وتركيا في يوليو تموز 2022 في خفض أسعار الأغذية العالمية، وسمح لمنظمات الإغاثة بالحصول على مئات آلاف الأطنان من الأغذية في وقت تتزايد فيه الاحتياجات ويشح فيه التمويل.
وفي العاصمة الصومالية مقديشو، هبطت أسعار القمح بنسبة 25 بالمئة تقريبا كنتيجة لتوقيع الاتفاق، بعد أن كانت قد زادت إلى المثلين عندما غزت روسيا أوكرانيا.
وفي أعقاب الإعلان الروسي، يشعر الجميع بالفزع، بدءا من التجار مرورا بالخبازين ووصولا لضحايا الصراعات المسلحة في البلاد.
وقالت حليمة حسين “لا أعرف كيف سنعيش”. وحليمة أم لخمسة أطفال يسكنون بمخيم مكتظ في مقديشو بالنازحين الذين شردتهم سنوات من شح الأمطار وعنف المتشددين.
وأضافت “تبذل منظمات الإغاثة قصارى جهدها للحفاظ على أرواحنا. ليس لديهم سوى القليل للغاية الذي يقدمونه”.
وتوقع بعض المتعاملين في مقديشو أن يرتفع سعر الجوال الواحد من القمح زنة 50 كيلوجراما من 20 دولارا في الوقت الحالي إلى قرابة 30 دولارا.
وقال كورير سينج أويه، وكيل وزارة الشؤون الخارجية الكينية، إن أسعار الأغذية التي سجلت مستويات قياسية مرتفعة بالفعل سترتفع أكثر من ذلك. وتعاني كينيا أيضا بسبب أسوأ موجة جفاف تشهدها منطقة القرن الأفريقي منذ عقود.
وأضاف لرويترز “السلع التي كان سعرها على سبيل المثال جنيها أو جنيهين ستتكلف الآن أربعة جنيهات، ستتضاعف الأسعار”.
وأظهرت بيانات تجارية من الأمم المتحدة أن الصومال تسلمت 84 ألف طن من القمح من أوكرانيا في 2022 صعودا من 31 ألف طن في 2021، وذلك في ظل تكثيف المانحين مساعداتهم للتصدي لمجاعة تلوح في الأفق في مناطق بعينها.
لكن الدول الأوفر حظا شعرت بالأزمة أيضا. فقد استفادت مصر من الاتفاق. ومصر في أغلب الأوقات في صدارة مستوردي القمح على مستوى العالم، إذ راكمت زيادة أسعار القمح العالمية بعد الحرب ضغوطا مالية على الحكومة التي تقدم خبزا مدعما لملايين المواطنين.
وتسببت الأزمة أيضا في قفزة في أسعار الخبز غير المدعم فيما وضع مزيدا من الضغوط المالية على الأسر التي تحملت بالفعل سنوات من التقشف.
وقالت وزارة التموين المصرية لرويترز الشهر الماضي إنها تأمل أن يتم تمديد الاتفاق “بسبب أهميته في تهدئة الأسواق العالمية”.
* زيادات في الأسعار
قال الكرملين يوم الاثنين إن روسيا ستنسحب من الاتفاق بسبب عدم تلبية مطالبها بتعزيز صادراتها من الحبوب والأسمدة.
وتشكو روسيا أيضا من عدم وصول كميات كافية الحبوب التي يتم شحنها إلى الدول الأكثر فقرا. وتقول الأمم المتحدة إن الاتفاق أفاد هذه الدول من خلال المساعدة في خفض أسعار الأغذية أكثر من 20 بالمئة على الصعيد العالمي.
وتحول تركيز برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة بشدة إلى الحبوب الأوكرانية لإطعام الناس في دول تعاني بسبب الصراعات وأحوال الطقس المتطرفة ومن بينها الصومال واليمن وأفغانستان.
ويقول محللون إن أسعار بعض الأغذية الأساسية من المرجح أن ترتفع نتيجة لقرار روسيا، على الرغم من أن توفر الحبوب على الصعيد العالمي تحسن منذ بدء الحرب بسبب زيادة الإمدادات من منتجين مثل روسيا والبرازيل.
وقال شاشوات ساراف مدير الطوارئ في شرق أفريقيا بلجنة الإنقاذ الدولية إن الآثار ستكون بعيدة المدى في الصومال وإثيوبيا وكينيا التي تتعرض جميعها من أسوأ جفاف بمنطقة القرن الأفريقي منذ عقود.
وأضاف ساراف أن من المرجح أن يؤدي انعدام الاستقرار في الأسواق العالمية إلى أن توقف الدول ذات الفائض المتواضع صادراتها من الحبوب.
ومضى قائلا إنه مع ارتفاع أسعار الأغذية سيتعين على منظمات الإغاثة مثل لجنة الإنقاذ الدولية زيادة قيمة التحويلات النقدية التي تقدمها للجائعين من أجل شراء الطعام، وهو أمر يجبرهم بالتبعية على تقليص عدد المستفيدين.
وفي مقديشو بدأت بالفعل الهرولة لتخزين الأغذية يوم الاثنين.
وقال محمد عثمان، أحد ملاك المتاجر، لرويترز “عليّ الآن شراء المزيد من أجولة حبوب القمح قبل أن يرفع كبار التجار السعر. إذا لم أفعل ذلك، لن يستطيع عملاؤنا الفقراء شراء أغذية باهظة الثمن مثل القمح”.
(إعداد محمد أيسم للنشرة العربية – تحرير أيمن سعد مسلم)