إبراهيم درويش
لندن- “القدس العربي”:
الجمعة , 16 فبراير , 2024
الملك عبد الله الثاني والرئيس بايدن في لقاء سابق
نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا كشفت فيه أن إدارة بايدن ومجموعة صغيرة من الشركاء في الشرق الأوسط يعملون على استكمال خطة مفصلة وشاملة لتحقيق سلام طويل الأمد بين إسرائيل والفلسطينيين، بما في ذلك جدول زمني ثابت لإقامة دولة فلسطينية، يمكن الإعلان عنه في الأسابيع القليلة المقبلة.
وترتبط الحاجة الملحة لهذه الجهود بشكل مباشر بوقف مقترح للقتال وإطلاق سراح المحتجزين لدى حماس في غزة، والذي يتم التفاوض بشأنه بين الولايات المتحدة وقطر ومصر.
وتقول الصحيفة إن من شأن وقف إطلاق النار الأولي، الذي من المتوقع أن يستمر لمدة ستة أسابيع على الأقل، أن يوفر الوقت لإعلان الخطة وتجنيد دعم إضافي واتخاذ الخطوات الأولية نحو تنفيذها، بما في ذلك تشكيل حكومة فلسطينية مؤقتة، وفقا لمسؤولين أمريكيين وعرب.
ويأمل المخططون أن يتم التوصل إلى اتفاق بشأن المحتجزين قبل بداية شهر رمضان، في 10 آذار/ مارس، خشية أن يؤدي ذلك إلى تفاقم الحرمان وانفجار “طنجرة الضغط” في غزة. وقال مسؤول أمريكي وهو من بين عدد من الدبلوماسيين الأمريكيين والعرب الذين ناقشوا الموضوع بشرط عدم الكشف عن هويته: “المفتاح هو صفقة الرهائن”.
من المتوقع أن يوفر وقف إطلاق النار المقترح لمدة ستة أسابيع على الأقل، الوقت لإعلان الخطة وتجنيد دعم إضافي واتخاذ الخطوات الأولية نحو تنفيذها، بما في ذلك تشكيل حكومة فلسطينية مؤقتة
ولكن حتى في الوقت الذي يعمل فيه المشاركون في التخطيط – بما في ذلك مصر والأردن وقطر والسعودية والإمارات وممثلون فلسطينيون، بالإضافة إلى الولايات المتحدة – على التوصل إلى اتفاق فيما بينهم، هناك مخاوف جديدة من أن يؤدي الهجوم الإسرائيلي الوشيك على رفح إلى دفع أزمة غزة إلى أبعادها القصوى ودفن صفقة المحتجزين وجهود السلام طويلة الأمد.
وتقول الصحيفة إن العقبة في جهود التخطيط هي إسرائيل، وفيما إذا كانت حكومتها سوف تقبل بالكثير مما تتم مناقشته: انسحاب العديد من المجتمعات الاستيطانية، إن لم يكن كلها، في الضفة الغربية، عاصمة فلسطينية في القدس الشرقية، وإعادة إعمار غزة وترتيبات الأمن والحكم للضفة الغربية وقطاع غزة معا. والأمل هو أن تحصل إسرائيل أيضا على ضمانات أمنية محددة والتطبيع مع السعودية ودول عربية أخرى سيكون من الصعب رفضه.
ولم يعط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أي إشارة إلى أنه مستعد للموافقة على مطالب حماس بشأن صفقة المحتجزين أو معارضته لقيام دولة فلسطينية.
ورفض، يوم الأحد، في برنامج “هذا الأسبوع” على قناة “إي بي سي نيوز”، حل الدولتين، مؤكدا أن “أهم سلطة يجب أن تبقى في أيدي إسرائيل هي السيطرة الأمنية في المنطقة الواقعة غرب نهر الأردن”.
الخطة تقوم على انسحاب العديد من المجتمعات الاستيطانية، إن لم يكن كلها، في الضفة الغربية، عاصمة فلسطينية في القدس الشرقية، وإعادة إعمار غزة وترتيبات الأمن والحكم للضفة الغربية وقطاع غزة معا
وركزت الرحلات الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى العواصم العربية، والزيارات التي قام بها رئيس وزراء قطر والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إلى واشنطن، على ما وصفه بلينكن، أثناء توقفه في الدوحة الأسبوع الماضي، بـ “جوهر وتسلسل جميع الخطوات. إنها بحاجة إلى تحديد مسار عملي ومحدد زمنيا ولا رجعة فيه لإقامة دولة فلسطينية تعيش جنبا إلى جنب في سلام مع إسرائيل”، مضيفا “لقد أصبح التركيز أكثر حدة من أي وقت مضى”.
وبرزت ملامح دعم للخطة الثابتة من غير الأمريكيين والمجموعة الصغيرة التي تناقشها، فقد أعرب وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون عن اهتمامه العام بالاعتراف المبكر بالدولة الفلسطينية. وقال سفين كوبمانز، ممثل الاتحاد الأوروبي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، إن الاتحاد الأوروبي “يتواصل.. لنرى كيف يمكننا العمل معا لوضع خطة أكبر تركز فعليا على الوصول إلى نهاية الصراع.. هذه عملية سلام فعلية تريد الوصول إلى دولة فلسطينية مستقلة ومعترف بها بالكامل ودولة إسرائيلية آمنة مندمجة بالكامل في المنطقة. هل هذا ممكن؟ إنه أمر صعب للغاية، ولكن في غياب أي خطة أخرى، نحن مهتمون بمواصلة ذلك”.
وتأمل الدول المشاركة بمناقشة خططها مع زعماء أوروبا وخارجها في مؤتمر ميونخ الأمني السنوي الذي يبدأ يوم الجمعة.
وقال مسؤولون أمريكيون إن قائمة الإجراءات التي تناقش الآن تشمل اعترافا أمريكيا مبكرا بالدولة الفلسطينية – حتى مع تنفيذ عناصر الإصلاح السياسي والضمانات الأمنية لكل من إسرائيل والفلسطينيين والتطبيع وإعادة الإعمار.
وقال مسؤول أمريكي مطلع على المحادثات: “لا نريد أن نفقد زخم هذه اللحظة من خلال القيام بذلك بشكل مجزأ”. وقال المسؤول إن هناك رغبة في معرفة “كيف يبدو الأمر منذ اليوم الأول”.
قائمة الإجراءات التي تناقش الآن تشمل اعترافا أمريكيا مبكرا بالدولة الفلسطينية
وتعلق الصحيفة أن المحاولات الفاشلة لحل الدولتين وخلال العقود الماضية، أثارت تساؤلات لدى البعض بشأن التزام الولايات المتحدة، خاصة في عام الانتخابات الذي أصبحت فيه الحرب بين إسرائيل وغزة والدعم لإسرائيل من القضايا السياسية الرئيسية.
وعلق عمرو موسى، الذي شغل منصب وزير الخارجية المصري من عام 1991 إلى عام 2001 والأمين العام لجامعة الدول العربية من عام 2001 إلى عام 2011: “إن لغة عملية السلام كانت معنا لمدة 10 سنوات في التسعينيات ولم تنتج شيئا. لقد كانت تلك مجرد خدعة”. وقال: “إذا أردنا حل المشكلة، فذلك اليوم وبشروط راسخة… يجب أن يكون هناك إطار زمني”.
وقال خالد الجندي، مدير برنامج فلسطين والشؤون الفلسطينية الإسرائيلية في معهد الشرق الأوسط: “وجهة نظري الخاصة هي أن أيا من هذا لن يكون ذا أهمية. مجرد الحديث عن الدولة هو إلهاء.. الأمر كله دخان ومرايا. وما لم يتحدثوا عن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي فلا يهم”.
وقال الجندي إنه في الوقت نفسه لم تظهر إدارة بايدن ميلا يذكر للوقوف في وجه إسرائيل، وبدلا من ذلك “تكتفي بالتعبير عن قلقها” والقول: ” نتمنى أن تسمحوا بمزيد من المساعدات وتقتلوا عددا أقل من المدنيين، وتستمر الدورة”.
وقال آرون ديفيد ميلر، المستشار السابق في وزارة الخارجية ومنسق المفاوضات العربية الإسرائيلية: “سأشعر بالذهول إذا قدموا الاعتراف القانوني أو الفعلي بدولة فلسطين كجزء مبكر من خطة اليوم التالي”. ووافق ميلر مع الرأي القائل إن أي تعهد بإقامة دولة فلسطينية سيكون عديم الفائدة دون اتخاذ خطوات ملموسة على طول جدول زمني محدد. لكنه تساءل عما إذا كانت القيادة الحالية لإسرائيل أو للفلسطينيين قادرة أو مهتمة بـ”أي حل تحويلي”.
ويقول ممثلو الدول في مجموعة التخطيط إنهم يدركون الصعوبات التي تواجه التوصل إلى اتفاق على أي من الجانبين، وقد قسموا العمل، حيث تتفاوض الولايات المتحدة مع إسرائيل والعرب مع الفلسطينيين. وقال توفيق الطيراوي، عضو اللجنة المركزية لفتح، أكبر فصيل في منظمة التحرير الفلسطينية: “يعتقد [الأمريكيون] أن بإمكانهم القدوم إلى هنا واللعب معنا مثل بناء الليغو.. إذا أردنا تجديد قيادتنا، فهذا قرارنا البحت”.
وأعرب المسؤولون العرب عن تفاؤلهم بشأن جمع الجماعات الفلسطينية معا لتشكيل حكومة من التكنوقراط، بدلا من السياسيين، تركز على تنشيط الاقتصاد الفلسطيني، وتحسين السيطرة على الأمن، وإعادة بناء غزة، تليها الانتخابات. وقال العديد من المسؤولين العرب إن عباس وافق من حيث المبدأ، وربما يحتفظ بمنصبه كرئيس للدولة في دور مماثل لدور الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتزوغ.
ويطرح المشاركون في المحادثات مرشحيهم المفضلين للعمل في مناصب حكومية عليا أخرى ويناقشون ما إذا كان للقيادة السياسية لحماس أي دور في غزة ما بعد الحرب.
وقال مسؤول عربي إنه ينبغي إشراك الجناح السياسي لحماس في المحادثات إن لم يكن في الحكومة المستقبلية. وقال المسؤول: “نحن بحاجة إلى شخص يمثلهم للتأكد من أنهم موافقون على هذا الأمر”. وقال المسؤول: “إذا لم يكن الأمر كذلك، وهم غير راضين عن ذلك، فسوف يكون لدينا فتح وحماس مرة أخرى”، في إشارة إلى المواجهات السابقة بين الجماعتين الفلسطينيتين والتي أدت في النهاية إلى انتخاب حماس كسلطة حاكمة في غزة. ولكن إذا تمكنوا من تحقيق عامين من الاستقرار والازدهار في ظل حكومة متجددة، كما قال المسؤول، “فلن يختار أحد حماس” في صناديق الاقتراع.