إبراهيم درويش – القدس العربي
الأربعاء , 23 أكتوبر , 2024
موظف في الأونروا، وفلسطينيون، يتفقدون الأضرار داخل مدرسة تحولت لمركز إيواء في مخيم الشاطئ، في أعقاب غارة إسرائيلية في 19 أكتوبر 2024- ا ف ب
لندن- “القدس العربي”: نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرًا أعده جوليان بورغر وبيثان ماكرنان، قالا فيه إن إسرائيل تدرس منح متعاقدين أمنيين عطاءات لتوزيع المساعدات الإنسانية في غزة.
يأتي هذا في وقت يناقش فيه الكنيست مشروع قرار يحظر على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، أونروا، العمل في إسرائيل.
علمت الصحيفة من مسؤول إسرائيلي أن الحكومة الأمنية ناقشت الموضوع يوم الأحد، وذلك قبل التصويت المتوقع في الكنيست على قانونين قد يمنعان أونروا من العمل في إسرائيل. لو تم تمريرهما، فإنهما سيعيقان عمليات أكبر منظمة مساعدات في غزة.
بعد أكثر من عام من القصف، انهارت كل أشكال فرض النظام والقانون في غزة، حيث يعاني السكان من احتياجات ضرورية، وتقوم العصابات المسلحة بإدارة ما تبقى من مناطق حضرية
بعد أكثر من عام من القصف، انهارت كل أشكال فرض النظام والقانون في غزة، حيث يعاني السكان من احتياجات ضرورية، وتقوم العصابات المسلحة بإدارة ما تبقى من مناطق حضرية.
وتعتبر التهديدات الأمنية أهم معوق لإيصال المساعدات الإنسانية، بما في ذلك التهديد من الهجمات الإسرائيلية. وقد قاومت منظمات الإغاثة الإنسانية فكرة أن تكون جزءًا من قوافل عسكرية، سواء كانت محمية من الدولة أو تُديرها شركات أمنية، خشية أن ينظر إليها باعتبارها جزءًا من النزاع.
ويقول جيرمي كونيندك، المسؤول البارز سابقًا في إدارة بايدن: “هناك سبب يدعو [الجماعات] الإنسانية إلى عدم العمل بهذه الطريقة”. ويضيف كونيندك، الذي يدير حاليًا “اللاجئون الدولية”: “قامت الولايات المتحدة، في ذروة الحرب على الإرهاب، بتجربة العمل مع المتعهدين العسكريين، وكانت نتيجة هذا النوع من قوافل الإغاثة الإنسانية المحمية عسكريًا كارثية دائمًا”.
وقال كوينندك: “لقد تعرّض المتعهدون الذين موّلتهم الولايات المتحدة للضرب كثيرًا، نظرًا لتعاملهم مع الوضع بطريقة أمنية، ولأنه نظر إليهم كمقاتلين”.
وقال موردخاي موتي كاهانا، وهو رجل أعمال إسرائيلي- أمريكي، يدير شركة “غلوبال ديليفري كومباني”، وقدم عطاءً لنقل المساعدات إلى غزة، إن الحكومة الأمنية لم تتخذ قرارًا، يوم الأحد، لأن القرار من مسؤولية وزارة الدفاع الإسرائيلية والجيش.
وقال مسؤول إسرائيلي إن “آلية المساعدات” نوقشت في لقاء الحكومة، يوم الأحد، ولكن بدون اتخاذ أي قرار.
وأحالت وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي ذراع من وزارة الدفاع، الأسئلة إلى الوزارة نفسها. وقال متحدث باسم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، “يو إس إيد”، إنه لم يتم الاتصال بها، ولا تدعم “غلوبال ديليفري كومباني”. ولم نناقش أي خطة مع الحكومة الإسرائيلية. وأشار المتحدث باسم “يو إس إيد” إلى “تجربة الشركاء الموثوقين في الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية”، مضيفًا أن “أي نوع من الترتيبات الأمنية أو السياسية يجب أن يؤكد على وصول دائم للمساعدات الإنسانية وحرية حركة للمدنيين، بما في ذلك عودة أو توطين طوعي، أمن وكريم”.
وذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، يوم الثلاثاء، أن وزارة الدفاع الإسرائيلية اختارت شركة كاهانا لنقل المساعدات إلى غزة، لكن لا تأكيدات.
وقال المتحدث إن “غلوبال ديليفري كومباني” حصلت على العقد، ولكن التوزيع الحقيقي إلى غزة سيتم توصيله عبر شركة أمن بريطانية تعمل الآن في العراق، والتي لا يستطيع الكشف عنها الآن قبل إتمام الاتفاق. وأضاف: “هؤلاء هم قوات بريطانيا الخاصة، ويعرفون ما يفعلون”. وقال إن الشريك البريطاني المنفذ يحتاج إلى 30 يومًا لنشر عناصره حال حصوله على الضوء الأخضر.
وتعلق الصحيفة أن المناقشات تأتي في ظل ظروف إنسانية متدهورة بشكل متزايد، وخاصة في شمال غزة، بعد ما يزيد على ثلاثة أسابيع من القصف المكثف الذي يشنه الجيش الإسرائيلي، في عملية تصفها إسرائيل بأنها محاولة لمنع عناصر “حماس” من تجميع أنفسهم، لكن النقاد يشكون بأنها محاولة لطرد السكان الفلسطينيين بالكامل، وإعادة بناء المستوطنات.
وقال مدير أونروا، فيليب لازاريني: “فريقنا لا يستطيع العثور على الطعام والماء والعناية الطبية”، و”رائحة الموت في كل مكان، حيث تُركت الجثث مسجاة في الشوارع أو تحت الأنقاض. ومنعت عمليات نقل الجثث وتقديم المساعدات الإنسانية. وفي شمال غزة، ينتظر الناس الموت”.
وقالت الأمم المتحدة، يوم الإثنين، إنه لم يُسمح في العشرين يومًا الأولى من تشرين الأول/أكتوبر إلا لأربع مهام إنسانية، من أصل 66 مهمة إنسانية، بالمرور عبر نقاط التفتيش من جنوبي غزة إلى شمالها. وحاولت إدارة بايدن الضغط على الكنيست الإسرائيلي لعدم تمرير قانونين لمنع أونروا.
وقد التقى أنطوني بلينكن، وزير الخارجية الأمريكي، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وحسب المتحدث باسم الخارجية، ماثيو ميلر: “أكد على ضرورة قيام إسرائيل باتخاذ مزيد من الخطوات واستمرار وصول الدعم الإنساني إلى غزة”.
ويعتبر كاهانا شخصية معروفة في إسرائيل، وكون ثروته من صناعة تأجير السيارات في الولايات المتحدة، ونظم عمليات لمساعدة اللاجئين من الحرب الأهلية السورية، وساعد من تبقى من اليهود في سوريا وأفغانستان على الخروج من مناطق النزاع.
ولديه مزرعة في نيوجيرسي، لكن الصحيفة تحدثت معه في كرم عنب له في فرنسا. وزعم كاهانا أن قوافل المساعدة الإنسانية تتعرّض للنهب، وأن المساعدات تقع في يد “حماس”. وقدم مقترحًا لنقل المساعدات الإنسانية إلى غزة في أيار/مايو.
ويحتوي المقترح على خطة تجريبية تنقل فيها المساعدات إلى معبر إيرز، ومنه إلى مخازن مؤمنة في بيت حانون، شمال غزة، وبعد ذلك نقلها إلى نقاط التوزيع.
وستقوم بعملية التوزيع فرق مسلحة بأسلحة خفيفة، وباستخدام عربات صغيرة مصفحة. وستكون هذه مزودة بمعدات مكافحة الشغب لاستخدامها في السيطرة على الحشود، بما في ذلك الرصاص البلاستيكي ومدافع المياه. وستكون هناك قوة احتياطية للرد السريع على بعد كيلومتر واحد أو أقل، ستتدخل وتستخدم السلاح الثقيل إذا تعرضت فرق التوزيع للهجوم.
وقال كاهانا إن الجيش الإسرائيلي لم يكن مجهزًا أو مدربًا على عمليات توزيع المساعدات الإنسانية، مشيرًا إلى “مذبحة الطحين”، في 29 شباط/فبراير، بمدينة غزة، حيث فتح الجنود الإسرائيليون النار على مدنيين فلسطينيين اجتمعوا حول قافلة مساعدات وقتلوا 118 فلسطينيًا، وتركوا 760 جريحًا.
وقال كاهانا: “لا حاجة لأن يكون هناك أولاد بين 18-19 عامًا يعطون الأطفال مصاصات أطفال ثم يقفز حولهم 100 منهم” و “لو كان لديك جندي واحد هناك فسيخاف ويبدأ بإطلاق النار ويموت الناس”.
لازاريني: فريقنا لا يستطيع العثور على الطعام والماء والعناية الطبية، ورائحة الموت في كل مكان، حيث تُركت الجثث في الشوارع أو تحت الأنقاض
وتقوم خطة كاهانا وشركته غلوبال ديليفري كومباني على توسيع المساعدات إلى “مجتمعات مسورة”، وتحت حراسة مسلحة ومكان آمن لتوزيع المساعدات. ويقول كاهانا: “إنها مثل المجتمعات المسورة في ميامي، ولكن بدون حمامات سباحة وساحة تنس أو غولف أو أي شيء؛ الفكرة أنها مسيجة ولكنها آمنة، وسنقدم الأمن ويدير الناس حياتهم وينقلون المساعدات الإنسانية إلى مجتمعاتهم”.
ورفض المسؤولون الإسرائيليون بشدة الخطط التي دعمتها الولايات المتحدة، وتقضي بإعادة السلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة الغربية إلى غزة. في وقت مبكر من الحرب، عرضت إسرائيل على دول عربية، مثل مصر والإمارات العربية المتحدة، فكرة تشكيل قوة أمنية يمكنها العمل في غزة “في اليوم التالي”، لكن الفكرة لم تقابل بحماس، كما قال دبلوماسيون إقليميون.
وفي كانون الثاني/يناير، جرّب الجيش الإسرائيلي ما أطلق عليه “فقاعات إنسانية” بإدارة محلية، وبدون علاقات مع “حماس”، مثل أعيان يحظون باحترام في ثلاث مناطق في شمال غزة. وقد تأكد الجيش من الشخصيات التي من المفترض أن تدير عمليات التوزيع التي ينقلها الجيش إلى نقطة “غرب إيرز”. ولو نجحت الخطط، كان سيتم توسيع مسؤولياتهم لتشمل مجالات الحكم المدني، وتوفير الخدمات، مثل المخابز، وسيتم تمديد استخدام “الفقاعات” هذه في مناطق الجنوب.
ولم يتم تنفيذ الخطة أبدًا، حيث قال المحللون الفلسطينيون والإسرائيليون إن خطة “الفقاعات” كانت فشلاً ذريعًا وانتهت بقتل “حماس” عددًا من الأشخاص الذين كان من المفترض توزيعهم للمساعدات. واكتشف المسؤولون الإسرائيليون أن الفلسطينيين في غزة إما أنهم غير قادرين، أو غير مستعدين للتعاون في خطط كهذه.