من كتابة أمير سلطان زاده
DW Arabic
الإثنين 28 / 10 / 2024
تزايد انتقادات الإيرانيين على منصات التواصل الاجتماعي حيال تعامل النظام مع التصعيد في الشرق الأوسط © SalamPix/ABACAPRESS/picture alliance
عقب استهداف إسرائيل مواقع عسكرية إيرانية، توعد مسؤولون عسكريون وسياسيون إيرانيون، إسرائيل بـ”عواقب مريرة” بعد الضربات التي قتل فيها أربعة جنود، لكن ورغم ذلك خرجت بعض الأصوات تقلل من أهمية الهجوم.
فقد نقلت وكالة تسنيم للأنباء عن قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي قوله إن إسرائيل “فشلت في تحقيق أهدافها المقيتة”.
وأكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان “نحن لا نسعى للحرب، لكننا سندافع عن حقوق أمتنا وبلدنا”، بينما أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن إيران تملك “حق الرد”. مشددا على أن طهران”تلقت إشارات” قبل ساعات على ضربة إسرائيل.
وأعلن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي أنه ينبغي عدم “التضخيم ولا التقليل” من الضربات الإسرائيلية.
وتزامنت التصريحات الإيرانية الرسمية مع زخم شهدته منصات التواصل الاجتماعي؛ إذ أعرب الكثير من الإيرانيين عن غضبهم واستيائهم حيال الوضع الحالي وتداعيات ذلك على اقتصاد البلاد.
وتئن إيران تحت وطأة وضع اقتصادي متردي مع تهاوي عملة البلاد وارتفاع معدلات التضخم مما دفع الكثير من الإيرانيين إلى التشكيك في أولويات الحكومة وسط انتقادات حيال تركيز الأخيرة على الصراعات الخارجية على حساب محاولة تحسين الأزمة الاقتصادية.
ويرى مراقبون أن هذا الانفصال بين التصريحات الإيرانية الرسمية وردود فعل الإيرانيين على منصات التواصل الاجتماعي يحمل في طياته إشارات عن تأثير ذلك على الاستقرار الداخلي في إيران خاصة في حال تفاقم التوتر مع إسرائيل.
تفاقم الوضع الاقتصادي في إيران
وتشير التقارير إلى انخفاض قيمة الريال إلى مستويات غير مسبوقة مقابل الدولار مع ارتفاع معدل التضخم بنسبة 33% خلال العام الماضي.
ومع تصاعد التوتر، شرع مستثمرون إلى تصفية أصولهم في بورصة طهران مما أدى إلى وقف المعاملات الكبرى. وبشكل عام يربط العديد من الإيرانيين بين الوضع الاقتصادي المتردي من جهة والدعم المالي الذي تقدمه الحكومة الإيرانية لحزب الله و حماس من جهة أخرى.
وتعتبر دولعديدة حزب الله اللبناني، أو جناحه العسكري، منظمة إرهابية. ومن بين هذه الدول الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا ودول أخرى. كما حظرت ألمانيا نشاط الحزب على أراضيها في عام 2020 وصنفته كـ “منظمة إرهابية”.
ويذكر أنحركة حماس، وهي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.
وأعرب العديد من رواد التواصل الاجتماعي عن غضبهم تجاه الحكومة مع تسليط الضوء على ضعف الاستعدادات الحكومية في حال تفاقم التصعيد مع إسرائيل.
وأبدى الكثير من الإيرانيين إحباطهم من تعامل الحكومة مع الأزمة الحالية حيث عزا البعض التصعيد العسكري مع إيران، إلى ما اعتبروه “مساعي طائشة ومتهورة” من قبل خامنئي والحرس الثوري.
وقال علي رضا صلواتي، الخبير الاقتصادي المقيم في لندن، إنه “حتى لو لم تتصاعد الحرب، فإن انحدار الريال مقابل الدولار سيستمر. ومن المتوقع أيضا أن يرتفع سعر الذهب. وترتبط هذه القضايا بالهرع نحو السيولة والعقوبات والتأثير النفسي للصراع بين إيران وإسرائيل”.
قمع حرية الصحافة والالتفاف على الرقابة
وتفيد منظمة “مراسلون بلا حدود”، بأن إيران تعد “واحدة من أكثر دول العالم قمعا فيما يتعلق بحرية الصحافة”، وهو ما تجلى عقب الضربات الإسرائيلية الأخيرة حيث ظلت وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية صامتة في البداية.
بيد أن هذا الصمت جاء متناقضا مع زخم منصات التواصل الاجتماعي التي شهدت استخدام خدمات الشبكات الافتراضية الخاصة أو ما يعرف بـ”في بي أن” للالتفاف على القيود الصارمة المفروضة على الإنترنت. ونشر الكثير من رواد التواصل الاجتماعي صورا ومقاطع مصورة عن الضربات الإسرائيلية الأخيرة.
في المقابل، حذرت حسابات مرتبطة بأجهزة الاستخبارات والأمن الإيرانية من مغبة إعادة نشر صور وفيديوهات تنشرها وسائل الإعلام الأجنبية؛ إذ قد يرتقي الأمر إلى “الاتهام بالتجسس”.
وتحدث صحافي مقيم في طهران، إلى DW، شريطة عدم الكشف عن هويته، قائلا: “لا يمكنني كتابة أي شيء. لا تجرؤ وسائل الإعلام على نشر أي تقرير يخالف الموقف الرسمي. مُنع صحافيون من النشر على حساباتهم على منصات التواصل الاجتماعي”.
إيرانيو الشتات ومعاناة الحصول على المعلومة
وانتقد باباك دوربيكي، المسؤول السابق في وزارة الثقافة إبان حكومة الرئيس السابق حسن روحاني، القيود المفروضة على وسائل الإعلام المستقلة في أعقاب الهجوم الإسرائيلي.
وفي مقابلة مع DW، قال دوربيكي، المقيم في لندن، “إن تعامل وسائل الإعلام الحكومية مع الأخبار أثناء الأزمات يُوكد على استمرار نقاط الضعف فضلا عن أن الأمر بات يتسم بالارتباك والافتقار إلى التنسيق”.
وفي ضوء القيود الإيرانية على الإعلام، يسعى إيرانيون خارج البلاد على الحصول على أحدث المعلومات من خلال وسائل الإعلام الناطقة باللغة الفارسية الموجودة خارج البلاد ومن صحافيين إيرانيين نشطين على منصات التواصل الاجتماعي.
فشل البروباغندا الحكومية
وفي هذا الصدد، يشير مراقبون إلى أن الحكومة الإيرانية حاولت تحريض مشاعر الإيرانيين ضد إسرائيل ومعادية للسامية بشكل عام، إلا أن هذه الجهود باءت بالفشل.
وفي تعليقه، كتب آراش عزيزي، الزميل الزائر في جامعة نيويورك والخبير في الشأن الإيراني، في تقرير نشرته مجلة “ذا أتلانتيك” الأمريكية، إن الشعب الإيراني “ليس لديه رغبة في تجربة حرب مع إسرائيل.. يضمر القليل جدا منهم العداءتجاه إسرائيل”.
وكشفت ردود فعل الكثير من الإيرانيين على منصات التواصل الاجتماعي عقب الضربات الإسرائيلية الأخيرة، عن أن العديد منهم لا يريدون حربا مع إسرائيل، بينما أعرب نشطاء معارضون عن مخاوفهم من أن تصبح حياة الإيرانيين أسوأ في حال اتساع المواجهة مع إيران.
وفي مقابلة مع DW، قالت نازيلا جولستان، ناشطة معارضة إيرانية تقيم في باريس، إن هناك “حقيقة مفادها أن الحرب تؤدي إلى زيادة حملات القمع واستهداف المعارضين وهو ما لا يعرقل أي سبل لتعزيز الديمقراطية في إيران”.
الكاتب: أمير سلطان زاده
أعده للعربية: محمد فرحان