قال تعالى: “وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ” الأنفال: 72
الحمد لله الذي شرّف هذه الأمّة بواجب النصرة، وجعل نصرة المستضعفين شرفًا وعهدًا ومسؤولية، والصلاة والسلام على إمام المجاهدين القائل: “المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه”
أما بعد:
فقد سمعنا كما سمع المسلمون جميعًا كلمة المجاهد أبي عبيدة، الناطق باسم كتائب القسام، وقد نطق بلسان الجراح في غزة المكلومة؛ وصرخ صرخة الغيورين إذ أعلن الخصومة لأولئك الحكّام والعلماء والنخب الذين خذلوا الدم الفلسطيني المسلم في ساعة العسرة.
وإن هيئة علماء فلسطين لتؤكد أن هذه الخصومة لم تكن إلا بعد مناشدات صادقة ملحّة، وطرق لكل باب، وصبر طويل، ورسائل دامية ونداءات موجعة، قابلها القوم بصمت القبور، وخذلان المتفرجين، حتى صارت دماء أطفالنا في غزة وحطام بيوتنا وأشلاء أبنائنا في كل انحاء القطاع تُسائلهم صباح مساء عن الدين والرجولة والوفاء.
وإننا ونحن نُذكّر بخطورة هذا الموقف عند الله يوم يقوم الأشهاد، نتوجّه بهذا النداء إلى من بقيت في قلبه بقية من حياة وكرامة:
أولًا: إلى علماء الأمة كافة
يا ورثة الأنبياء ويا أهل الصدق، هذه فرصتكم الأخيرة، فلا تجعلوا الشهداء خصومكم يوم القيامة؛ إن تأخرتم اليوم فلن تغفر لكم غزة غدًا ولن يشفع لكم أحد عند الله إن تركتم الجرح ينزف وحده؛ فهيا تحركوا وهبّوا واخلعوا ثياب الصمت واكسروا قيود الخوف.
ثانيًا: إلى علماء تركيا جميعًا
يا أهل السبق في نصرة قضايا الأمة ويا ورثة العدالة العثمانية، هذه فرصتكم ومسؤوليتكم؛ ندعوكم إلى اجتماع عاجل طارئ، تُوضع فيه الآليات العملية الجادة لنصرة أهلنا في غزة، والخروج من ميادين القول إلى ميادين العمل. واطرقوا باب الرئيس أردوغان بما يليق ويجب من نصح وإلحاح، واضغطوا بكل ما أوتيتم حتى تتحرك تركيا تحركًا يليق بدماء الشهداء وأنّات الحرائر.
ثالثًا: إلى علماء باكستان الكرام وفي مقدمتهم العلامة تقي الدين العثماني:
يا أهل العقيدة الصلبة والجباه الساجدة، يا شعب الشهداء والمجاهدين، نناشدكم بالله أن ترابطوا في الميادين، وتقيموا الخيام في ساحاتكم، حتى تتحرك حكومتكم تحركًا حقيقيًا عمليًا، يوقف هذه المذبحة ويعيد إلى الأمة وجهها المشرق.
رابعًا: إلى شعب مصر الأبيّ:
يا جيران غزة وأبناء الكنانة، يا من يجري في عروقكم كرم النيل وفي قلوبكم دماء صلاح الدين، آن لكم أن تقفوا في وجه النظام الذي يشارك في تجويع غزة بإقفال معبر رفح ومنع المساعدات، فتزحفوا زحف الجحافل إلى المعبر لتكسروا أقفاله، وتفتحوا الطريق أمام قوافل الطعام والدواء والرجال، لتبلغ غزة سندها وظهيرها في ساعة الشدة. وإن تأخرتم اليوم، فإن الله سائلكم غدًا في مشهد يوم عظيم، ولن يشفع لكم عنده أحد إن تركتم النساء والأطفال والشيوخ والأرامل والمصابين يواجهون حرب الإبادة والتجويع وحدهم؛ فاجعلوا مجالسكم مقام استنهاض للقيام بالواجب، وحدثوا الناس بواجب الساعة في دفع الخصومة عن أنفسهم تجاه المجاهدين وأهل غزة، فالأمة كلها تنتظر منكم أن تعيدوا لمصر دورها وشرفها في نصرة المستضعفين وكسر قيود الظالمين
خامسًا: تدعو هيئة علماء فلسطين إلى المشاركة الواسعة في الحملة العالمية المناهضة لتجويع غزة والمقررة يوم غد الأحد، نصرةً لأهلنا المحاصرين الذين يتعرضون لجريمة تجويع ممنهجة.
وندعو العلماء والدعاة والخطباء والكتّاب وأحرار الأمة إلى تبني هذه الحملة، وحشد الطاقات الشعبية والإعلامية والسياسية لإنجاحها، لتكون صرخة مدوّية في وجه القتلة والمجرمين، وتأكيدًا أن غزة ليست وحدها، وأن الأمة كلها تقف خلفها في معركتها ضد الحصار والموت البطيء
أيها الأحرار: إن السكوت خيانة؛ وإن الكلمات التي لا تعبر من ميادين القول إلى ميادين الفعل خيانة؛ وإن ترك غزة تستفرد بها آلة الإبادة خيانة عظمى.
فالله الله في دينكم؛ الله الله في أمتكم؛ الله الله في أعراضكم المهدورة ودمائكم المسفوحة في غزة.
قال تعالى: “إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُم” محمد:7
هيئة علماء فلسطين
24 محرم 1447
19 يوليو 2025