
22 أغسطس,2025
ذكرى أخرى تمر على مجزرة الغوطة دون محاسبة حيث تعطلت أو انعدمت إجراءات ملاحقة المجرم ومن دعمه دوليا وحتى محليا، وبرغم تسلم الحكومة الانتقالية السلطة والحديث في عدة ملفات إلا أنه لم يتم تناول هذا الملف الحارق الذي قتل فيه الأبرياء بغاز السارين.
وبرغم سقوط النظام والتداول في عدة قضايا مهمة إلا أن ملف الكيماوي لم يفتح وظل رهين التنديدات.
وقال المحامي، محمد علي الصايغ، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن مجزرة الغوطة بغاز السارين التي قتل فيها الأبرياء من المدنيين، تحولت في البداية إلى صفقة سياسية في عهد أوباما بتنازله عن الخطوط الحمر للكيماوي، عبر توافق الروس والأمريكان على صفقة التنازل وتسليم الأسلحة الكيماوية السورية مقابل إيقاف الضربة الأمريكية ونجاة مرتكبي المجزرة من العقاب.
وبالنسبة للسلطة الانتقالية الحالية، أورد أنه إلى اليوم لا توجد خارطة طريق معلنة وواضحة لمسار العدالة الانتقالية في ملاحقة عمليات القتل والتعذيب أو الإبادة الجماعية من قبل رموز النظام البائد وممن توغل في الدم السوري وملاحقتهم عبر قضاء عادل، ويأتي موضوع مجزرة الكيماوي في الغوطة وملاحقة مرتكبيها لما تتطلبه من إجراءات معقدة على الصعيد الدولي وخاصة بعدم تفعيل إجراءات المحاكمة من منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، إذ كان المانع من عقد المحكمة الجنائية الدولية بخصوص جرائم النظام السابق وعلى رأسها مجازر الكيماوي هو عدم توقيع سورية على اتفاقية روما الدولية التي تنعقد بموجب أحكامها المحكمة الجنائية الدولية وعدم توقيع سوريا على الاتفاقية حال دون انعقاد المحكمة الجنائية الدولية، كما أن تضارب المصالح بين الدول الخمسة الكبار في مجلس الأمن وحضور الفيتو الروسي الصيني منع من استخدام مجلس الأمن صلاحياته في تحويل ملف المجزرة وغيرها من المجازر إلى محكمة الجنايات الدولية أيضاً.
وتابع،” بعد سقوط النظام السابق كان يفترض بالحكومة الجديدة من أجل ملاحقة المجرمين السابقين بجرائم ضد الإنسانية أن توقع على معاهدة روما ولكن كما يبدو أن السلطة الانتقالية لم تبادر إلى توقيعها إما خشية من أن يطال بعض قياداتها أو الفصائل المنضوية بها وملاحقتهم وفق أحكام الجنائية الدولية ، أو أنه يجب تشكيل المجلس التشريعي (مجلس الشعب ) قبل التوقيع على الاتفاقية إذ أن التوقيع على معاهدة روما تتطلب لإنفاذها مصادقة مجلس الشعب عليها، وكان- كما أرى – بإمكان الحكومة الانتقالية اللجوء إلى طريق أسهل وذلك بتقديم الطلب إلى ديوان الجنائية الدولية وتسجيله، تطلب فيه بشكل محدد انعقاد المحكمة ومعاقبة الجناة في مجزرة الكيماوي أو غيرها من المجازر وفق نص المادة 12 فقرة 3 من الجنائية الدولية التي تنص على: ” إذا كان قبول دولة غير طرف في هذا النظام الأساسي لازما بموجب الفقرة2 جاز لتلك الدولة بموجب إعلان يودع لدى مسجل المحكمة أن تقبل ممارسة المحكمة اختصاصها فيما يتعلق بالجريمة قيد البحث، وتتعاون الدولة القابلة مع المحكمة دون تأخير أو استثناء”.
وأضاف،” لا شك أن جريمة مجزرة الكيماوي وغيرها من الجرائم ضد الإنسانية المُجرمة بموجب القانون الإنساني الدولي لا تسقط بالتقادم الطويل ومهما حاولت الدول التغطية على مثل هذه الجرائم، فلا بد أن ينال المجرمون العقاب ولو طال الزمن ولكن العقاب يكون أكثر فاعلية وردعا للمجرمين وأكثر إنصافاً لأسر الضحايا والخلاص من عوامل الثأر والانتقام لديهم يكون عندما يطبق على المجرمين العقاب بالسرعة الممكنة ليكون هذا العقاب عبرة لعتاة المجرمين أمثالهم وحتى لا يفلت من العقاب أياً منهم بموته قبل انعقاد الإجراءات الجنائية الدولية وإصدار القرار العادل بحقهم”.