بقلم: المطران عطا الله حنا
رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس
القدس 18/11/2025
اقر مجلس الامن قبل ساعات من الان مشروع القرار الأمريكي المتعلق بقطاع غزة حيث سيكون هنالك مجلس سلام دولي يشرف على إعادة الاعمار.
وهذا يعني اننا دخلنا حقبة جديدة من تاريخ غزة حذرنا منها مرارا وتكرارا وهي مسألة الانتداب الغربي الأمريكي على قطاع غزة.
من المؤسف والمخجل ان المواقف العربية والفلسطينية متناقضة فهنالك من رحب بهذا القرار وهنالك من رفض هذا القرار وما بين الرفض والموافقة ما يهمنا في هذه المرحلة هو بلسمة الجراح وإعادة الاعمار واغاثة أهلنا في غزة الذين يحتاجون الى إغاثة سريعة.
لست محللا سياسيا ولكنني انسان فلسطيني محب لوطنه وشعبه وحريص على ان تبقى غزة جزءا من الأراضي الفلسطينية ، ولكن يبدو ان القرار الذي اتخذ قبل ساعات وبموافقة عربية وفلسطينية رسمية انما يعطي غطاء للوصاية والانتداب الأمريكي الجديد.
من يرفضون هذا القرار يقولون انه احتلال جديد بغطاء امريكي وهذا كلام دقيق وصحيح ومن قبلوا القرار قالوا بأنه لا توجد هنالك حلول افضل من هذا فبدلا من ان نبقى في حالة عدم الاستقرار والدمار والخراب والتجويع من الأفضل ان نكون في هذه الوضعية الجديدة لعل وعسى ان تكون افضل لاهلنا في غزة.
وأنا على الصعيد الشخصي كنت أتمنى الا يمر هذا القرار كما هو وان يتم التأكيد على ان غزة جزء من فلسطين ولا يجوز فصلها عن الكيان الفلسطيني وادارتها يجب ان تكون فلسطينية بمساعدة الاشقاء العرب والأصدقاء في سائر ارجاء العالم.
مع هذا القرار تكون غزة قد دخلت فترة جديدة من تاريخها وما نتمناه في هذه الأوقات هو ان يعيش أهلنا في غزة في امن وامان وسلام وهم الذين تعرضوا للحصار والحروب المتتالية والتي كانت اخرها حرب الإبادة التي دمرت كل شيء وتركت كما هائلا من الالام والاحزان والمعاناة.
لست من المتشائمين او المتشائلين بل انا متفائل بمستقبل هذا الشعب مع التمنيات بأن يكون هذا القرار مرحلة انتقالية تؤدي الى ما هو احسن والى ما هو افضل وهو ان تكون الأرض الفلسطينية بقيادة فلسطينية.
وكما قال غبطة بطريرك اللاتين يوم امس يبدو ان كل القيادات يجب ان تتغير وهو يقصد القيادات الفلسطينية والإسرائيلية.
على الصعيد الفلسطيني يجب ان يكون هنالك تغيير نحو الأفضل وليس نحو الاسوء ويجب ان يكون للشباب دور في المرحلة القادمة.
شعبنا الفلسطيني يملك الكثير من الطاقات الشابة المبدعة والمثقفة والتي يجب استثمارها من اجل هذا الوطن وقضيته ومن اجل التقدم والرقي واولا وقبل كل شيء الحرية الكاملة في هذا الوطن السليب والذي يعيش فيه الفلسطينيون ويعاملون وكأنهم غرباء في وطنهم.
لست من أولئك الذين يسيئون للقيادات والرموز السياسية والوطنية الفلسطينية القديمة والتي أمضت سنوات طويلة في العمل الوطني والسياسي سواء اتفقنا معها او اختلفنا فهؤلاء نقدرهم ونحترمهم ولكن يجب ان يفسحوا المجال لعنصر الشباب والطاقة الشبابية التي يملكها شعبنا الفلسطيني يمكن ان تحدث تغييرا جذريا في كل شيء وهي قادرة على النهوض بشعبنا وقضيته العادلة.
الاستفادة من خبرة الكبار مطلوبة ولكن لا يجوز تهميش العناصر الشابة التي تملك الثقافة والمعرفة ، ويجب ان تعطى لها الفرصة لكي تقوم بدورها في خدمة هذا الشعب وقضيته العادلة.
القرار الجديد في الأمم المتحدة انما هو حلقة من حلقات التآمر على الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة وانني على يقين بأن كل مشاريع التآمر سوف تفشل فعدالة القضية الفلسطينية هي اقوى من كل المشاريع التصفوية والمؤامرات الخبيثة.
ما ينقصنا كفلسطينيين هو ان نكون اكثر لُحمة ووحدة ولا نريد للقرار الذي اتخذ في مجلس الامن ان يكرس الانقسامات ما بين مؤيد ومعارض ، فالمؤيد له ما يقوله والمعارض له ما يقوله ولكن فلتتوقف لغة التخوين والتشهير والإساءة التي تضر بوحدة شعبنا وخاصة في هذه الأوقات التي يجب ان نكون فيها موحدين في مواجهة التحديات والمؤامرات .

